العلاقة بين الرياضة ونظام التربية في علم الاجتماع الرياضي:
يعتبر نظام التربية الرياضية من أهم النظم الاجتماعية التي يشتمل عليها نموذج البناء الاجتماعي المعاصر، حيث أنه بالرغم من أن التربية الرياضية مؤسسة اجتماعية قديمة قدم الكثير من المجتمعات الإنسانية، إلا أن مقدرات العصر الحديث وعلى رأسها تفاقم وانفجار المعرفة الرياضية وتضخم الثقافة الرياضية، حيث أعطت للتربية المكانة المتقدمة في سياقات الأنظمة والمؤسسات الاجتماعية، حيث أنّ هذا ليس بالغريب عن نظام يعد وسيلة المجتمع الأساسية في نقل الثقافة الرياضية وتوظيفها اجتماعياً في إنتاج أفراد رياضيين يكونوا عند حسن ظن مجتمعهم، حيث يعملون على تطويره والنهوض به.
كما تُعدّ التربية هي الأساس الذي يجب أن يقوم عليه أي إصلاح اجتماعي رياضي، كما تم تعريف نظام التربية في علم الاجتماع الرياضي عدة تعريفات، وأهمها (أنه عبارة عن التدريب الرياضي الرسمي الذي يتم بطريقة شعورية منظمة، كما أنه عبارة عن مجموعة العمليات الرياضية التي توجه بشكل خاص نحو اكتساب التعلم، كما أنه البناء الاجتماعي الذي يهتم ويؤكد على اتصال المعرفة الرياضية، كما أنه عبارة عن عملية التنقل الرياضية الرسمية وغير رسمية للمعرفة التي يتم اختيارها، وللقيم والمهارات الرياضية اللازمة لإعداد الأفراد الرياضيين حتى يصبحوا أعضاء فاعلين مجتمعهم الرياضي والمجتمع بأكمله).
كما يُعدّ نظام التربية في علم الاجتماع الرياضي نسق اجتماعي رياضي يقوم بدور وظيفي في إعداد وتنشئة وتشكيل الأفراد الرياضيين، من خلال وسائل مؤسسات وأجهزة لها تأثيراتها الفاعلة في تكوين الفرد الرياضي وتهيئته من جميع النواحي البدنية والنواحي العقلية والنواحي الحركية والنواحي الأخلاقية؛ حتى يكون عضواً فعالاً في مجمتعه الذي يعيش فيه، ولكي يعيش حياة كاملة وصحيحة في بيئته الاجتماعية الرياضية.
كما يعمل نظام التربية في علم الاجتماع الرياضي على عدة وظائف، أهمها: (نقل ثقافة المجتمع الرياضي عبر الأجيال، مساعدة الفرد الرياضي على اختيار الأدوار الاجتماعية وتعليمه أدواتها، إحداث تكامل بين الثقاقة الرياضية والثقافات الاجتماعية الأخرى داخل المجتمع الرياضي، كذلك يعتبر مصدر هام وضروري لعمليات التحديث الثقافي والاجتماعية، تدعم التربية مقدرات الفرد الرياضي وتسهم في كيفية تحقيق ذاته بما يعمل على إنشاء شخصيته الاجتماعية الرياضية، تعمل التربية على بقاء المجتمعات الرياضية وعلى استمرارها عن طريق النقل الثقافي الذي تقوم به التربية من أجيال رياضية سابقة إلى أجيال رياضية لاحقة).
كما تُعدّ التربية البدنية والتربية الرياضية عبارة عن نظام اجتماعي مستحدث، حيث ابتدعه المجتمع ليواجه به عوامل الانحطاط البدني والحركي الناجم عن قلة الحركة والتنقل، حيث كانت أحد الآثار السلبية للتقدم التقني والعلمي الهائل في العصر الحديث، كما أنها عبارة عن نظام يستغل الدوافع الفطرية الطبيعية للعب وجاذبية الرياضة للنوع الإنساني؛ وذلك من خلال مجموعة من أهداف تربوية في مضمونها وثقافية اجتماعية في جوهرها، كما أن الهدف الأساسي من ممارسة أنشطة التربية البدنية والحركية هو التنشئة الاجتماعية للمواطن الرياضي الصالح.
كما ينبغي أن تنمي التربية البدنية والرياضية باعتبارهما بعدين أساسين للتربية والثقافة الشاملة قدرات كل إنسان رياضي مقبل على ممارسة أنشطة الرياضة، كما يجب أن تقوم بتنمية إرادة الإنسان الرياضي والتحكم في أهوائه، وأن تنمي كيفية اندماجه التام في مجتمعه الرياضي، كما يجب أن تضمن استمرارية النشاط الرياضي الحركية وممارسة الرياضة طوال فترة حياة الإنسان الرياضي، حيث أن ذلك بواسطة تربية شاملة ودائمة ومعممة.
كما يُعدّ انتماء الرياضة إلى التربية انتماءً عبر انتماء موظف إلى مجمتعه وشركته؛ أي بمعنى أن الأنشطة البدنية والرياضية هي عبارة عن وسائط تربوية عالية القيمة، حيث وضع نظام التربية البدنية الأنشطة الرياضية الحركية الهادفة في إكساب الأفراد المستفيدين من برامجها أكبر قدر من الخصائص السلوكية والاجتماعية الحركية، كما أنه للاستفادة من الوسط الاجتماعي النشط والمتفاعل الذي يتاح لهم، وذلك في عمليات التنشئة الاجتماعية باعتبارها إطاراً تربوياً أساسياً.
كما يجب تشجيع الهيئات الاستمثارية والتجارية على الإسهام أو المشاركة في بناء المنشآت التربوية الرياضية، أو العمل على تجهيزها مقابل إتاحة الفرص المناسبة للدعاية والإعلام الرياضي، كما تتميز التربية البدنية والرياضية عن غيرها من النظم التربوية في عدد من الخصائص، وأهمها: (إنها تعتمد على اللعب كشكل رئيسي للأنشطة الرياضية والحركية الذي يصعب مقاومة إغرائه وجاذبيته سواء لأفراد الكبار أو الأفراد الصغار، كما أنها تعتمد على التنوع الواسع في الأنشطة الرياضية، سواء من حيث النوع أو الوسط أو الأداة أو الجهد المبذول الذي يساعد على مقابلة جميع أنواع الفروق الفردية لدى الأفراد الرياضيين).