أهمية سيكولوجية الحكمة في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


مع ازدياد عدد الباحثين في مجال الحكمة، يزداد كذلك عدد التعاريف والتطبيقات العملية للحكمة، بينما لا تزال بعض القضايا قيد المناقشة يتفق الباحثين في علم النفس على الجوانب التالية المتعلقة بتعريف الحكمة، فالحكمة صفة مرغوبة للغاية ولكنها نادرة ومن غير المحتمل أن يكون الشخص حكيمًا مثاليًا موجودًا على الإطلاق، ومنها تتعلق الحكمة بالمسائل الوجودية للحياة البشرية مثل مفهوم الوعي لدينا، أو الأسئلة الأخلاقية الأساسية، والتوازن بين الاستقلالية مقابل العلاقات الاجتماعية والشخصية.

أهمية سيكولوجية الحكمة في علم النفس

سيكولوجية الحكمة في علم النفس عبارة عن بناء معقد يجمع بين المكونات المعرفية، مثل المعرفة الواسعة والعميقة، والمكونات غير المعرفية مثل كفاءات تنظيم العاطفة والانفتاح على الأفكار والتجارب الجديدة، حيث تنطوي سيكولوجية الحكمة في علم النفس على التفكير الذاتي النقدي وإدراك عدم اليقين المتأصل وعدم القدرة على التنبؤ بالوجود البشري.

تعتبر سيكولوجية الحكمة في علم النفس ظاهرة تتميز بتاريخ ثقافي غني وترابطات معقدة، عبر الثقافات والتاريخ تمت مناقشة سيكولوجية الحكمة في علم النفس على أنها المثل الأعلى للمعرفة والشخصية البشرية، بدءاً من تعريف علم النفس للحكمة وصف علماء النفس سيكولوجية الحكمة باعتبارها حكمًا ونصيحة جيدة في الأمور الصعبة وغير المؤكدة في الحياة، على أنها البحث النفسي عن المسار المعتدل بين التطرفين، وديناميكية بين المعرفة والشك، والانفصال الكافي عن المشكلة المطروحة، والتوازن الجيد وتنسيق العاطفة والتحفيز والفكر.

في إطار البحث النفسي حول سيكولوجية الحكمة في علم النفس، يمكن التمييز بين نهجين عريضين الأول هو دراسة المفاهيم العلمية للحكمة، والآخر هو قياس الحكمة لدى الأفراد، ففي الحالة الأخيرة من سيكولوجية الحكمة في علم النفس يجب التمييز بين الشكل الشخصي والشكل العام للحكمة، حيث تمت مناقشة المسارات العمرية وسوابق الحكمة العامة والشخصية.

ومن أهمية سيكولوجية الحكمة في علم النفس هي أنها تعتبر إحدى تلك الصفات التي يصعب تعريفها؛ لأنها تشمل الكثير ولكن الناس يتعرفون عليها بشكل عام عندما يواجهونها، ويظهر ذلك بوضوح في مجال صنع القرار، حيث يميل علماء النفس إلى الاتفاق على أن سيكولوجية الحكمة تنطوي على تكامل المعرفة والخبرة والفهم العميق، فضلاً عن التسامح مع شكوك الحياة، وهناك وعي بكيفية سير الأمور بمرور الوقت وهذا يمنح إحساسًا بالتوازن.

يتشارك الحكماء عمومًا في التفاؤل بأن مشاكل الحياة يمكن حلها ويختبرون قدرًا معينًا من الهدوء في مواجهة القرارات الصعبة من خلال سيكولوجية الحكمة، فقد يكون الذكاء ضروريًا للحكمة لكنه بالتأكيد ليس كافياً والقدرة على رؤية الصورة الكبيرة، والشعور بالتناسب، والتواضع الفكري، والاستبطان الكبير تساهم أيضًا في تطورها ومنها لا يمكن تعلم سيكولوجية الحكمة إلا من خلال التجربة، ولكن التجربة في حد ذاتها لا تمنح الحكمة بشكل مباشر، حيث يستمر الأفراد في سبر العمليات المعرفية  والعاطفية التي تحول التجربة إلى حكمة.

كيف يعرف علماء النفس سيكولوجية الحكمة

تظهر العديد من النظريات النفسية لمحاولة قياس سيكولوجية الحكمة ونموذجها، وتعرف النظرية الرائدة التي طورها علماء النفس بول بالتيس وآخرين، فإن سيكولوجية الحكمة على أنها معرفة الخبراء في العلوم الأساسية للحياة التي تسمح برؤية وحكم ومشورة استثنائية حول الأمور المعقدة وغير المؤكدة، حيث يشمل ذلك خمسة مكونات رئيسية تتمثل في المعرفة الإجرائية الغنية، والمعرفة الواقعية الغنية، وفهم سياقات الحياة المختلفة، والوعي بنسبية القيم والأولويات، والقدرة على التعرف على عدم اليقين وإدارته.

يتم قياس هذه المعايير من خلال تقديم سيناريوهات افتراضية وتقييم ما قد يفكر فيه المشاركين أو يفعلونه في تلك المواقف، لكن هناك أيضًا نظريات أخرى عن سيكولوجية الحكمة، وتعتقد العالمة مونيكا أرديلت أن الأشخاص يتعلمون ويكتسبون سيكولوجية الحكمة كسمات شخصية تتضمن التفكير والتعاطف والسعي وراء الحقيقة، ويفهم عالم النفس روبرت ستيرنبرغ سيكولوجية الحكمة على أنها توازن بين الذات والآخرين بحيث تكون الأفعال موجهة نحو الصالح العام.

ينظر علماء النفس لسيكولوجية الحكمة نظرة شاملة حيث تشمل سيكولوجية الحكمة المكونات المعرفية مثل المعرفة والخبرة، والمكونات العاكسة أو القدرة على فحص المواقف والنفس، والمكونات الاجتماعية الإيجابية أي الإحسان والرحمة، وترتبط سيكولوجية الحكمة أيضًا بقدرات مثل تبني المنظور والانفتاح والتواضع الفكري.

كيفية تنمية سيكولوجية الحكمة في علم النفس

المعرفة والذكاء مكونان مهمان لسيكولوجية الحكمة في علم النفس، لكن سيكولوجية الحكمة أعمق من استيعاب الحقائق أو النظريات أو العمليات، حيث تتمثل الأبحاث النفسية في أن الذكاء يوضح قدرًا أقل من الاختلافات في الأداء المرتبط بالحكمة بالنسبة لسمات الشخصية، وتعتبر تجربة الحياة من أقوى عوامل التنبؤ بالحكمة.

يعتقد الكثير من الناس أن سيكولوجية الحكمة تأتي من تقدم العمر، لكن الواقع أكثر تعقيدًا، حيث وجدت بعض الأبحاث النفسية أن سيكولوجية الحكمة ترتفع حتى منتصف العشرينات ثم تظل مستقرة إلى حد ما حتى حوالي 75 عامًا، عندما تبدأ في الانخفاض، بشكل عام لا يبدو أن التقدم بالعمر يعتبر ضروري أو كافي للحكمة وتحسينها.

من المؤكد أن التجارب الصعبة لديها القدرة على النمو والتطور المعرفي للأفراد لكنها لا تمنح الحكمة تلقائيًا، حيث أنه لا تُكتسب سيكولوجية الحكمة إلا بالتعلم من التجارب الشخصية للفرد التي يقع بها أو يقوم فيها بنفسه، حيث تشير كل من الأبحاث النفسية والمراقبة السريرية إلى أن الأشخاص الذين يعملون على معالجة الصعوبات، واشتقاق المعنى منها، والسماح لها بتحفيز التغيير، هم الأشخاص الذين تؤدي بهم المصاعب إلى سيكولوجية الحكمة.

تنبثق سيكولوجية الحكمة إلى حد كبير من التفكير في تجربة الماضي، حيث يدمج الحكماء الملاحظات والآراء السابقة في أسلوب تفكير أكثر دقة مع مراعاة وجهات النظر المتعددة بدلاً من خيارات الأبيض والأسود فقط، حيث يمكن أن يكون الانفتاح على طرق التفكير الجديدة، وتحدي الوضع الراهن بشكل أساسي، سمة مميزة لسيكولوجية الحكمة ويساعد على صقلها.

التوازن هو أيضا عنصر أساسي في سيكولوجية الحكمة، حيث يتصرف الأفراد ذوي الحكمة بشكل عام نيابة عن الصالح العام ولكنهم يرغبون أيضًا تلبية أهدافهم الخاصة، ويسعون لتحقيق الانسجام بين المطالب والأهداف المتنافسة، ومنها يسعى هؤلاء الأشخاص أيضًا إلى فهم توجهات وميول غيرهم بدلاً من مجرد الحكم على سلوكهم، بالإضافة إلى تعزيز التفاهم واحترام الآخرين ويمكن للحكمة أن توفر إحساسًا بالوفاء بالهدف.

يمكن اكتساب سيكولوجية الحكمة من خلال مزيج من الخبرة والتعليم المستمران ويكونان بشكل شخصي من خلال تعلم الفرد من أخطاءه والسير في الطريق الصحيح، حيث إن الاستمرار من خلال التجارب مثل اتخاذ القرارات المهمة ثقيلة أو حل النزاعات المؤلمة في العلاقات الاجتماعية والشخصية يوفر معرفة أكبر، وتعلم التفكير النقدي وتوسيع المنظور في بيئة تعليمية يمكن أن يساعد في صقل المهارة أيضًا.


شارك المقالة: