أهم مستويات القياس النفسي

اقرأ في هذا المقال


عندما يستخدم علماء النفس تعريفات تشغيلية متعددة لنفس البنية إمّا في دراسة أو عبر دراسات؛ فإنّهم يستخدمون العمليات المتقاربة، الفكرة هي أنّ التعريفات التشغيلية للقياس النفسي تتقارب أو تتجمع على نفس البنية، عندما ترتبط الدرجات المستندة إلى عدة تعريفات تشغيلية مختلفة ارتباط وثيق ببعضها البعض وتنتج أنماط متشابهة من النتائج، فإنّ هذا يشكل دليل جيد على أنّ البناء يتم قياسه بفعالية وأنه مفيد.

فهم القياس النفسي:

القياس هو تخصيص الدرجات للأفراد بحيث تمثل الدرجات بعض سمات الشخصية المميزة للأفراد، يتوافق هذا التعريف العام جداً مع أنواع القياس التي يعرفها الجميع على سبيل المثال قياس الوزن عن طريق الصعود على الميزان، كذلك فحص درجة الحرارة الداخلية للديك المشوي عن طريق إدخال مقياس حرارة اللحم، كما أنّه يتّفق مع القياس في العلوم الأخرى، في الفيزياء على سبيل المثال يمكن للمرء أن يقيس الطاقة الكامنة لجسم ما في مجال الجاذبية الأرضية عن طريق إيجاد كتلته وارتفاعه، ثمّ ضربهما معاً مع تسارع الجاذبية للأرض.

هذا التعريف العام للقياس يتوافق مع القياس في علم النفس أيضاً، غالباً ما يشار إلى القياس باسم القياس النفسي، فلنتخيل على سبيل المثال أنّ عالم النفس المعرفي يريد قياس سعة ذاكرة الشخص العاملة وقدرته على التفكير في عدة أجزاء من المعلومات كلها في نفس الوقت، للقيام بذلك قد نستخدم مهمة امتداد ذات أرقام متخلفة، حيث نقرأ قائمة من رقمين للشخص ونطلب منه تكرارها بترتيب عكسي.

التراكيب النفسية:

العديد من المتغيرات التي يدرسها علماء النفس واضحة وسهلة القياس، تشمل هذه الجنس والعمر والطول والوزن وترتيب الميلاد، يمكن غالباً معرفة ما إذا كان شخص ما ذكر أم أنثى بمجرد النظر، يمكن أن نسأل الناس عن عمرهم وأن نكون متأكدين بشكل معقول من أنّهم يعرفون ذلك وسيخبرونا بذلك، على الرغم من أنّ الناس قد لا يعرفون أو يريدون إخبارنا عن مقدار وزنهم، إلّا أنّه يمكننا جعلهم يقفون على الميزان.

المتغيرات الأخرى التي درسها علماء النفس ليست مباشرة أو سهلة القياس، لا يمكننا تقييم مستوى ذكاء الناس بدقة من خلال النظر إليهم، بالتأكيد لا يمكننا وضع تقديرهم لذاتهم على الميزان، تسمّى هذه الأنواع من المتغيرات يبني (هياكل CON واضحة ) وتشمل سمات الشخصية على سبيل المثال الانبساط والحالات العاطفية مثل الخوف والمواقف والقدرات.

لا يمكن ملاحظة التركيبات النفسية مباشرة، أحد الأسباب هو أنّهم غالباً ما يمثلون ميول للتفكير أو الشعور أو التصرف بطرق معينة، على سبيل المثال القول بأنّ طالبة جامعية معينة منفتحة للغاية لا يعني بالضرورة أنّها تتصرف بطريقة غير مقلوبة في الوقت الحالي، في الواقع ربما كانت تجلس بهدوء بمفردها تقرأ كتاب، بدلاً من ذلك هذا يعني أنّ لديها ميل عام للتصرف بطرق غير تقليدية عبر مجموعة متنوعة من المواقف.

سبب آخر لا يمكن ملاحظة البنى النفسية بشكل مباشر هو أنّها غالباً ما تتضمن عمليات داخلية، الخوف على سبيل المثال ينطوي على تنشيط بعض هياكل الجهاز العصبي المركزي والمحيطي، جنباً إلى جنب مع أنواع معينة من الأفكار والمشاعر والسلوكيات وليس أي منها واضح بالضرورة لمراقب خارجي، فلنلاحظ أيضاً أنّه لا الانبساط أو الخوف يقلل من أي فكرة أو شعور أو فعل معين أو التركيب أو العملية الفسيولوجية.

الخمسة الكبار عبارة عن مجموعة من خمسة أبعاد عريضة تلتقط الكثير من التباين في شخصية الإنسان، يمكن حتى تعريف كل من الخمسة الكبار من حيث ستة هياكل أكثر تحديد تسمى أوجه وهي، الانفتاح على التجربة خيال جماليات مشاعر أجراءات الأفكار القيم، الضمير الحي ومهارة طلب الولاء أو الكفاح والانضباط الذاتي، الانبساط والتجمع وتوكيد نشاط البحث عن الإثارة المشاعر الايجابية، أيضاً العصابية وقلق الغضب والإحباط والوعي الذاتي والتهور عالي التأثر.

التعريف المفاهيمي للبناء النفسي يصف السلوكيات والعمليات الداخلية التي تشكل هذا البناء، إلى جانب كيفية ارتباطه بالمتغيرات الأخرى، على سبيل المثال تعريف مفاهيمي للعصابية واحد آخر من الخمسة الكبار، سيكون هو ميل الناس لتجربة المشاعر السلبية مثل القلق والغضب والحزن عبر مجموعة متنوعة من المواقف. قد يشمل هذا التعريف أيضًا أنّه يحتوي على مكون وراثي قوي، ويظل مستقرًا إلى حد ما بمرور الوقت، يرتبط بشكل إيجابي بالميل إلى الشعور بالألم والأعراض الجسدية الأخرى.

التعريفات الإجرائية:

إنّ التعريف التشغيلي هو تعريف لمتغير من حيث كيفية قياسه بدقة، تندرج هذه التدابير بشكل عام في واحدة من ثلاث فئات واسعة، تدابير التقرير الذاتي هي تلك التي يبلغ المشاركون فيها عن أفكارهم ومشاعرهم وأفعالهم، كما هو الحال مع مقياس روزنبرغ لتقدير الذات، أما القياسات السلوكية فهي تلك التي يتم فيها ملاحظة وتسجيل جانب آخر من سلوك المشاركين، هذه فئة واسعة للغاية تشمل مراقبة سلوك الناس في كل من المهام المختبرية عالية التنظيم وفي البيئات الطبيعية.

من الأمثلة الجيدة على السابق هو قياس سعة الذاكرة العاملة باستخدام مهمة امتداد الأرقام الخلفية، خير مثال على هذا الأخير هو التعريف التشغيلي الشهير للعدوان الجسدي من الباحث ألبرت باندورا وزملائه، حيث سمحوا لكل طفل من الأطفال باللعب لمدة 20 دقيقة في غرفة تحتوي على كيس ملاكمة على شكل مهرج يسمّى دمية بوبو، قاموا بتصوير كل طفل وإحصاء عدد أعمال الاعتداء الجسدي التي ارتكبها.

شملت هذه ضرب الدمية بمطرقة ولكمها وركلها، كان تعريفهم العملي إذن هو عدد هذه الأفعال المحددة على وجه التحديد التي ارتكبها الطفل خلال فترة العشرين دقيقة، أخيراً التدابير الفسيولوجية هي تلك التي تتضمن تسجيل أي مجموعة متنوعة من العمليات الفسيولوجية، بما في ذلك معدل ضربات القلب وضغط الدم واستجابة الجلد الجلفانية ومستويات الهرمون والنشاط الكهربائي وتدفق الدم في الدماغ.

لأي متغير أو بناء معين سيكون هناك تعريفات تشغيلية متعددة والإجهاد هو مثال جيد، التعريف المفاهيمي التقريبي هو أنَّ الإجهاد هو استجابة تكيفية لخطر أو تهديد محسوس يتضمن مكونات فسيولوجية ومعرفية وعاطفية وسلوكية، لكنّ الباحثين قاموا بتعريفه عملياً بعدة طرق، مقياس تقييم التعديل الاجتماعي هو استبيان تقرير ذاتي يحدد فيه الأشخاص الأحداث المجهدة التي مروا بها في العام الماضي ويخصصون نقاط لكل منها اعتماداً على شدتها، حدد الباحثون الإجهاد عملياً من حيث العديد من المتغيرات الفسيولوجية.

أهم مستويات القياس النفسي:

اقترح عالم النفس (SS Stevens) أنّه يمكن تخصيص الدرجات للأفراد بطريقة تنقل معلومات كمية أكثر أو أقل حول متغير الاهتمام، على سبيل المثال يمكن للمسؤولين في سباق 100 متر ترتيب المتسابقين ببساطة أثناء عبورهم لخط النهاية، كما يمكنهم تحديد توقيت كل عداء لأقرب جزء من عُشر ثانية باستخدام ساعة توقيت، في كلتا الحالتين سيقومون بقياس أوقات المتسابقين عن طريق التخصيص المنتظم للنتائج لتمثيل تلك الأوقات.

لكن بينما يوضح إجراء ترتيب الترتيب حقيقة أنّ المتسابق صاحب المركز الثاني استغرق وقت أطول للانتهاء من صاحب المركز الأول، فإنّ إجراء ساعة الإيقاف يوضح أيضاً مقدار أطول استغرق صاحب المركز الثاني، اقترح ستيفنز في الواقع أربعة مستويات للقياس والتي أطلق عليها مقاييس القياس، التي تتوافق مع أربعة مستويات مختلفة من المعلومات الكمية التي يمكن توصيلها من خلال مجموعة من الدرجات.

المستوى الاسمي:

يستخدم القياس للمتغيرات الفئوية وينطوي على تعيين الدرجات التي هي تسميات الفئات، تشير تسميات الفئات إلى ما إذا كان أي شخصين متماثلين أو مختلفين من حيث المتغير الذي يتم قياسه، النقطة الأساسية حول المقاييس الاسمية هي أنّها لا تتضمن أي ترتيب بين الردود، على سبيل المثال عند تصنيف الأشخاص وفقاً للون المفضل لديهم، فليس هناك معنى لوضع الأخضر قبل اللون الأزرق، يتم تصنيف الردود فقط، بالتالي فإن المقاييس الاسمية تمثل أدنى مستوى للقياس.

المستوى الترتيبي:

يتضمن القياس تعيين الدرجات بحيث تمثل ترتيب رتبة الأفراد، لا تشير الرتب فقط إلى ما إذا كان أي شخصين متماثلين أو مختلفين من حيث المتغير الذي يتم قياسه، لكن أيضاً ما إذا كان فرد واحد أعلى أو أقل في هذا المتغير، يتم ترتيب العناصر في هذا المقياس وتتراوح من الأقل إلى الأكثر إرضاء، هذا هو ما يميز المقاييس الترتيبية من الاسمية على عكس المقاييس الاسمية، تسمح المقاييس الترتيبية بإجراء مقارنات بين الدرجة التي يقيم بها شخصان المتغير.

من ناحية أخرى تفشل المقاييس الترتيبية في التقاط المعلومات المهمة التي ستكون موجودة في مستويات القياس الأخرى التي نفحصها، على وجه الخصوص لا يمكن افتراض أنّ الفرق بين مستويين من المقياس الترتيبي هو نفسه الفرق بين مستويين آخرين، يعبّر الإحصائيون عن هذه النقطة بالقول: إنّ الاختلافات بين قيم المقياس المتجاورة لا تمثل بالضرورة فترات متساوية على المقياس الأساسي ممّا يؤدّي إلى ظهور القياسات.

المستوى النسبي:

يتضمن القياس تعيين الدرجات بطريقة توجد فيها نقطة الصفر الحقيقية التي تمثل الغياب التام للكمية، الطول المقاس بالأمتار والوزن المقاس بالكيلوجرام أمثلة جيدة، كذلك عدد الأشياء أو الأحداث المنفصلة مثل عدد الأشقاء أو عدد الأسئلة التي يجيب عليها الطالب بشكل صحيح في الاختبار.

يمكن التفكير في مقياس نسبة حيث تمّ تجميع المقاييس الثلاثة السابقة في مقياس واحد، مثل المقياس الاسمي فإنّه يوفر اسم أو فئة لكل كائن، كذلك مثل المقياس الترتيبي يتم ترتيب الكائنات من حيث ترتيب الأرقام، فإنّ نفس النسبة في مكانين على المقياس تحمل أيضاً نفس المعنى.


شارك المقالة: