عندما نتعلّم مفهوم الإرادة الحرّة من خلال الدراسات التي تمرّ بنا في حياتنا، والتي تشتمل على الفلسفة والمنطق بتركيز كبير، فإنها تندرج تحت كلمة واحدة، ألا وهي التفكير، فنحن وقبل أن نبدأ أي دراسة فلسفية أو علمية أو تطبيقية، نتعلّم أولاً وقبل كل شيء كيفية التفكير، “أنا أفكر إذاً أنا موجود” “رينيه ديكارت”.
كيف نتدرب على التفكير؟
كنّا نعتقد أننا تعلمنا التفكير منذ زمن مضى، منذ أن نتعلمنا الكلام في صغرنا، وأننا قد خضنا العديد من العمليات الفكرية أثناء الدراسة، فما الذي يعنيه تدريبنا على التفكير؟ لقد اكتشفنا هذا الأمر بعد أن عرفنا أنّ التدريب يتسلسل على شكل مستويات تصعب كلما تعمقنا فيها أكثر، وصولاً إلى أعلى درجات العبقريةوالنجاح، فالتفكير مرتبط بشكل كبير بالمنطق وعلم النفس المعرفي والتنمية الذاتية، التي لا تكاد إحداهما تخرج عن الأخرى، فهي منظومة تشعبية معقدة تنتج لنا أفكاراً أكثر نضجاً.
عندما نستخدم عقولنا بشكل متكرّر وبشكل خارج عن المألوف، فإننا نقوم بتدريبها وتنويرها بشكل منطقي مركّب، يجعل من عقولنا ذات قيمة عالية تعلّمنا كيف ومتى وبماذا نفكّر، وهذا ما يوضّح الفارق ما بين الإنسان والحيوان من خلال اللغة والتفكير الفائق المستوى، فبوسعنا كبشر أن نحادث بعضنا البعض في فصاحة وبشكل مفهوم، فمن خلال التفكير نصبح قادرين على التخيّل والتعقّل والاستدلال والتأمل وحل المعضلات وفرض التوقعات.
ما أهم جزء في جسدنا؟
قد تختلف وجهات النظر والأجوبة حول أهمية قلوبنا أو عقولنا، إلا أنّ العقل هو صاحب الأهمية القصوى التي تشكل محوراً أساسياً لباقي أعضاء الجسد، فالعقل مركز للتحكّم في كلّ عمل أو تصرف نقوم به، إلا أننا لا نتعلّم أبداً في كيفية استخدامه بالطريقة الصحيحة، ويكون نتيجة هذا نقصاً واضحاً في جانب أو جوانب معينة.
هل يتعلّق الأمر بدرجة الذكاء؟
إنّ الأمر لا يتعلّق بدرجة الذكاء، بل بالاستفادة من قدر الذكاء الذي يتمتع به كلّ واحد منا، فالتاريخ مليء بالقصص عن أشخاص متوسطي الذكاء قاموا بأمور غير معتادة خلال حياتهم بسبب قوّة إرادتهم وتصميمهم على التغيير، كما أنّ هناك من فائقي الذكاء من لم يستفد من حياته بشيء، والفارق هنا هو أسلوب التفكير، “تحددّ الأشياء التي تفكّر فيها نوعية حياتك، فأنت تصبغ روحك بألوان أفكارك” “ماركوس أوروليوس”.