يقوم الأفراد عادة بتقديم حججهم للآخرين حول طباعهم ومراعاتها من حيث أنّه يملك طباعًا يصعب عليه تغييرها والتي أصبحت جزءًا من موروثاته التي ورثها بيولوجيًا مثل جنسه ولونه وشكله، حيث تشكلت عادات الفرد من سلوكيات يقوم بها باستمرار والتي من الممكن قد أدمن عليها وتبلور تفكيره وتدبيره وتصرفه بإتجاه معين الأمر الذي أصبح يطلق عليه الطبع.
العلاقة بين السلوكيات البشرية والعادات العقلية
لا بد من أنّنا قد مررنا جميعنا ببعض هذه العادات التي قد تعلمناها واكتسبناها وواجهنا صعوبة في تغييرها بعد أن أدمناها لدرجة يصعب علينا مقاومتها، وهنا المشكلة أنّ العادة لو تمكنت من الفرد وتحكمت فيه تشعره أنّه منساق إليها ومدمن لفعلها لذلك قال الأمام علي رضي اللّه عنه: العادة طبع ثانِ وللعادة على كل إنسان سلطان، كما قد أوضح عالم النفس وليم جيمس بإنّ حياة الإنسان كلها تأخذ منحى وشكل محدد، حيث أنّها عبارة عن كتلة من العادات.
حيث إنّ الكثير من الاختيارات التي نقوم بها كل يوم ربما تبدو منتجات لعملية مدروسة جيدًا لاتخاذ قرار، ولكنها ليست كذلك في الحقيقة حيث إنّها عادات، ورغم أنّ كل عادة تعني القليل نسبيًا وحدها ومع مرور الوقت فإنّ الواجبات التي نقوم بها والكلمات التي نقولها وعدد مرات ممارستنا للتدريبات الرياضية، والطريقة التي ننظم بها أفكارنا و أعمالنا اليومية والتي تترك أثرًا كبيرًا على صحتنا وأمننا وسعادتنا وهذا كلة لا يعبر عن قرارات فقط، بل يعبر عن عادات أيضاً.
وقد نشرت ورقة بحثية في جامعة ديوك الأميركية عام 2006 التي أكدت ما سبق حيث أنّ 40% من سلوكيات البشرية التي يقومون بها الأفراد يوميًا هي عبارة عن عادات عقلية، وأشار آخرون من أهل العلم بأنّ للعادات نسبة كبيرة وفعالة في اكتساب وتعلم العديد من الأمور، حيث منها ما يتعلق بعادات الحس الحركية وعلى سبيل المثال التدرب على قيادة دراجة وكذلك تسمية الأشياء بإحدى اللغات المعينة، ومن الممكن أن يصبح الأمر أكبر من ذلك بتفسير وتبرير كل سلوك متعلم بأنّه عادات، من مثل عادات وسائل التفكير وعادات الاتجاه وعادات التعبير العاطفي بحيث أنّ جميع ما يتعلمه الفرد هو عبارة عن مجموعة من العادات فقط.
عادة عقلية أم اتجاه وتنظيم
بما أنّ السلوكيات البشرية هي عبارة عن عادات عقلية فالعادة تحمل بوضوح معنى الفاعلية والواقعية، والذي يحمل بمدلوله هذا على الاتجاه والتنظيم بحيث يعتمد على الاستخدام المتداول على شيء كامن ذي قدرة كامنه، والذي يتطلب مثير ومؤثر خارجي لكي يكون فعالًا ونشيطًا، فإذا ما أدركنا أنّ الاتجاه والتنظيم يعبران عن أشكال إيجابية للعمل تنطلق بازلة بعض الميول المعوقة المعطلة فتصبح علنية وهذا يمكننا من استعمال الاتجاه والتنظيم بدلًا من كلمة عادة للدلالة على أشكال العادة الكامنة غير الصريحة.
وهنا في هذا السياق لا بد من تعريف مصطلح التنظيم بانّه الترتيب المسبق والاستعداد للقيام بفعل معين بصورة علنية وبطريقة معينة، ولكن عندما يكون ذلك ممكنًا حيث يكون هذا الرط متوفرًا إذا تم إبعاد الضغط الذي يقوم بالهيمنة والسيطرة على عدد من العادات المعلنة، في حين يأتي تعريف مصطلح اتجاه بأنّه حالة خاصة من الترتيب المسبق الذي يبقى تحت بند الانتظار إلى حين الوقت المناسب ليتجاوز وينفذ منه.
في حين إنّه إذا أسلمنا بأنّه إذا تم استعمال مصطلح عادة في معنى أكبر وأوسع مما هو متعارف عليه، فأنّه بذلك نكون قد عارضنا وخالفنا أي ميل لاستعمالها في المؤلفات السيكولوجية، من حيث إنّها مجرد تكرار وإعادة للسلوك، إذ أنّ هذا الاستعمال الأخير أقل وأضعف استعمالاً من المعنى الشائع للمصطلح إذ إنّه يطابق بينها وبين الروتين، فالتكرار والمعاودة ليست حقيقة وجوهر العادة أبدًا فتكرار السلوك له علاقة بكثير من العادات وليس بجميع العادات.
ولتوضيح ذلك الفرد الذي يملك عادة محددة كعادة الإذعان والاستسلام لمشاعر الغضب، فقد يعلن عنها بقوله بطريقة هجومية بأنّ الشخص الذي يقابله قد أهانه ولكن في الحقيقة يعود تفسير ذلك إلى العادة بالرغم من حدوث ذلك لمرة واحدة فقط في حياته في هذا الموقف، إذن تكمن حقيقة العادة بالتنظيم المكتسب لطرق وأساليب الاستجابة للمثير لفعل أعمال محددة، والعادة تعني حساسية خاصة لأنواع معينه من المثيرات أو قدرة على الإتصال بها وتعني مقاومة الرغبات أكثر مما تعني مجرد تكرار لأفعال معينه.