التصنيف القياسي للذاكرة في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


تلعب الذاكرة أدوارًا مهمة في العديد من المجالات النفسية، حيث أنها تعتبر أمر حيوي لمعرفتنا بالعالم بشكل عام والماضي الشخصي بشكل خاص، وتؤكد الذاكرة هويتنا كأفراد وعلاقاتنا بأشخاص آخرين، ومنها يعود الاهتمام بالذاكرة إلى العصور القديمة وظل بارزًا طوال تاريخ فلسفة الذاكرة كمجال بحثي متميز في علم النفس.

التصنيف القياسي للذاكرة في علم النفس

يتمثل التصنيف القياسي للذاكرة في علم النفس في أن يقوم العديد من علماء النفس المعرفي بالتمييز بشكل عام بين ثلاثة أنواع رئيسية من الذاكرة، ففي العلاجات النفسية المبكرة ميز علماء النفس بين ذاكرة العادة والذاكرة التذكيرية، بينما ميز غيرهم بين الذاكرة التذكيرية والذاكرة الافتراضية.

تتوافق هذه الفروق بشكل معقول مع تلك التي يرسمها التصنيف القياسي الذي نشأ في علم النفس، وأصبح بشكل متزايد معيارًا في البحوث النفسية، حيث يتمثل التصنيف القياسي للذاكرة في علم النفس من خلال ما يلي:

1- الذاكرة التعريفية

يقسم التصنيف القياسي المعني للذاكرة التعريفية الفئة الشاملة للذاكرة إلى ذاكرة تصريحية وغير معبرة، حيث تنقسم الذاكرة التعريفية بدورها إلى ذاكرة عرضية تتوافق تقريبًا مع الذاكرة التذكيرية، والذاكرة الدلالية أو الذاكرة المقابلة تقريبًا للذاكرة الافتراضية، ويمكن التمييز بين العرضي والذاكرة الدلالية من خلال ملاحظة أن العرضية تهتم بأحداث الماضي الذاتي للفرد على وجه الخصوص، بينما تهتم الدلالية بالعالم بشكل عام.

من المهم أن نلاحظ مع ذلك التصنيف القياسي للذاكرة من حيث الذاكرة التعريفية أن الذاكرة الدلالية تهتم أحيانًا أيضًا بأحداث الماضي، حيث يمكن للمرء أن يكون لديه ذكريات تتعلق بأحداث لم يختبرها المرء بنفسه، وعندما يتذكر المرء دلالة معينة لا بشكل عرضي.

بصورة مماثلة يمكن للمرء أن يكون لديه ذكريات تتعلق بالأحداث التي مر بها المرء ولكنها من نفس نوع ذكريات الأحداث التي لم يختبرها المرء، وعندما يفعل المرء ذلك يتذكر المرء بالمثل لغويًا وليس عرضيًا، وبالتالي فإن التصنيف القياسي من حيث وجود الذاكرة التعريفية هي مشكلة جوهرية لنظريات التذكر العرضي.

2- الذاكرة غير التوضيحية

تعتبر الذاكرة غير التوضيحية من أهم الأنواع التي تأتي خلف التصنيف القياسي للذاكرة في علم النفس، وتُعرَّف عادةً بمصطلحات سلبية، حيث تكون شكل من أشكال الذاكرة إعلانيًا إذا كان يتضمن تشفير المحتوى وتخزينه واسترجاعه بحيث يمكن للموضوع، على الأقل من حيث المبدأ إحضاره للوعي، هو غير معرّض إذا لم يكن كذلك.

بعيدًا عن هذه الميزة السلبية قد لا تشترك الأنواع المختلفة من الذاكرة غير التوضيحية كثيرًا مع بعضها البعض، على سبيل المثال تشتمل الذاكرة غير التوضيحية على التحضير، والذي يحدث عندما تتأثر استجابة الشخص لمحفز معين بتعرضه السابق لمحفزات ذات صلة، كما يتضمن الإجراءات التي تخص الذاكرة والتي تتوافق تقريبًا مع ذاكرة العادة وهي نوع الذاكرة في العمل عندما يُظهر موضوع ما قدرته على أداء عمل ماهر.

هناك القليل من الأبحاث النفسية نسبيًا حول الذاكرة الإجرائية من الذاكرة غير التوضيحية، ففي المصطلحات المعرفية هناك خرائط الذاكرة التقريرية لفئة المعرفة التي ترسم الذاكرة الإجرائية لفئة المعرفة، وكيف يمكن للمرء أن يعرف أو يتذكر كيفية القيام بشيء ما دون الاستمتاع بوعي بأي محتوى ذي صلة ودون أن يكون قادرًا.

حتى من حيث المبدأ على الترفيه بوعي لفئة المعرفة للذاكرة الإجرائية عن أي محتوى من هذا القبيل، وبالتالي فإن البحث النفسي المستقبلي حول الذاكرة الإجرائية قد يبني على العمل الكلاسيكي والمعاصر، وعلى العلاقة بين المعرفة السابقة ومعرفة الكيفية التي تحدث من خلالها.

قد تعتمد مثل هذه الذاكرة غير التوضيحية في التصنيف القياسي للذاكرة أيضًا على عمل التجسيد والإدراك النشط، في حين أن المناهج الناشطة تتوجب من الجميع ملاحظة أن هناك إمكانية للتقارب بين هذه الأساليب ومقاربات بعض علماء النفس المعرفي الأقدم للذاكرة، على عكس الحسابات القائمة على التتبع وأن التذكر يمكن في ظل ظروف معينة أن يكون بمثابة فعل أو قول شيء ما، بدلاً من استرداد المحتوى المخزن.

التصنيفات البديلة في التصنيف القياسي للذاكرة في علم النفس

كان التصنيف القياسي للذاكرة في علم النفس مؤثرًا للغاية، ولكن تم اقتراح تصنيفات بديلة في كل من علم النفس والفلسفة، في علم النفس اقترح بعض علماء النفس نموذجًا متعدد المتاجر يتم فيه تمييز أنواع الذاكرة من حيث مدتها الزمنية، حيث تشير الذاكرة قصيرة المدى إلى استمرار المعلومات الحسية الخاصة بالطريقة لفترات تقل عن ثانية واحدة.

بينما تشير الذاكرة قصيرة المدى إلى استمرار البيانات لمدة تصل إلى ثلاثين ثانية، وأن الذاكرة قصيرة المدى هي التي تستقبل هذه البيانات بشكل مباشر وسريع وأقل مدة زمنية، وهي إلى حد ما تحت السيطرة الواعية ولكنها تتميز بسعة محدودة.

في حين تشير الذاكرة طويلة المدى إلى حفظ البيانات على مدى فترات زمنية طويلة إلى أجل غير محدود، وتستقبل الذاكرة طويلة المدى المعلومات من الذاكرة قصيرة المدى وتتميز بسعة غير معينة بشكل فعال، على الرغم من أن هذا التصنيف لا يميز بين أنواع مختلفة من الذاكرة طويلة المدى على وجه الخصوص، فإنه لا يميز بين الذاكرة العرضية والذاكرة الدلالية فقد تم تطبيقه بشكل مثمر في البحث النفسي.

في الفلسفة النفسية اقترح بعض الفلاسفة مقاربة نحوية بحتة، بحجة أن أنواع الذاكرة تُعطى من خلال أنواع الأشياء التي يمكن للفعل أو السلوك الإنساني تذكرها، وهكذا يميز بين ذاكرة الأشياء وذاكرة الخصائص، وذاكرة الأحداث، وذاكرة الافتراضات أو الحقائق. وتتمثل التصنيفات البديلة في التصنيف القياسي للذاكرة في علم النفس من خلال ما يلي:

1- ذاكرة العمل

تشير ذاكرة العمل التي تتوافق تقريبًا مع الذاكرة قصيرة المدى إلى القدرة على معالجة عدد محدود من العناصر في مساحة عمل واعية، وهناك بعض الأبحاث النفسية حول الذاكرة العاملة تتمثل إلى حد كبير في فلسفة الذاكرة السائدة.

2- الذاكرة المستقبلية

تشير الذاكرة المستقبلية إلى القدرة على تذكر تنفيذ إجراء مخطط له أو تنفيذ نية، حيث تعتبر حالات الفشل في الذاكرة المستقبلية ذات أهمية يومية كبيرة وغالبًا ما تسبب بعض القلق الشخصي، يزدهر الآن العمل التجريبي والطبيعي على الذاكرة المستقبلية في علم النفس، وهناك نقاش كبير حول كيفية ارتباطه بأشكال الذاكرة الأخرى والعمليات الإدراكية الأخرى.

بينما لم يتم تناول الذاكرة المستقبلية كثيرًا في الفلسفة، ولكن من المرجح أن يتغير هذا نظرًا لارتباطه بفهم الروابط بين النية والعمل والأشكال الأخرى من التفكير الموجه نحو المستقبل، التي تهتم بعلم المنطق.

3- ذاكرة السيرة الذاتية

تشير ذاكرة السيرة الذاتية إلى معرفة المرء ليس فقط بحلقات سابقة محددة ولكن أيضًا لفترات الحياة بأكملها بالإضافة إلى المسار العام لحياة المرء، غالبًا ما يعتمد على حسابات السرد، ومنها تم وصف العلاقة بين ذاكرة السيرة الذاتية وأنواع الذاكرة الأخرى بطرق مختلفة، ولكن في معظم الحالات يتم التعامل مع ذاكرة السيرة الذاتية على أنها سعة معقدة تظهر من خلال تفاعل أنواع أساسية أكثر من الذاكرة.

وفي النهاية يمكن التلخيص بأن التصنيف القياسي للذاكرة في علم النفس هو:

1- التصنيف الذي قام علماء النفس باتباعه في معرفة أنواع الذاكرة في علم النفس.

2- ومعرفة كيفية عمل هذه الأنواع من الذاكرة.

3- ومعرفة الأنواع التي تتعلق بها من أشكال الذاكرة الأخرى، من حيث التصنيفات البديلة لها.


شارك المقالة: