التشابه بين التصور العقلي والإدراك في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


التصور العقلي هو شكل من أشكال التمثيل الإدراكي، حيث يبدو أنه يُمثل الطريقة التي تُمثَّل بها الحالات الإدراكية، ومنها تنسب الحالات الإدراكية الخصائص إلى المشهد المُدرَك، وينسب التصور العقلي الخصائص إلى المشهد المُتخيل أو إلى المشهد الفعلي، فهناك ترابط في ما يمكن أن تتواجد عليه هذه الخصائص المُنسوبة والمتخيلة، وكيفية التفكير في كل من التصور العقلي والإدراك في علم النفس.

التشابه بين التصور العقلي والإدراك في علم النفس

يلعب التشابه بين الإدراك والتصور العقلي من حيث المضمون دورًا مهمًا في التفكير في علم الظواهر، حيث يمكن أن يبدو التصور العقلي مشابه للإدراك، لدرجة أنه في ظل الظروف التجريبية من السهل الخلط بين الاثنين، وذلك بافتراض أن الطابع الظاهري لهما يعتمد في بعض النواحي على محتواها، وذلك في افتراض لا يحتاج إلى أن يكون قوياً مثل افتراض الهدف المطلوب، ويمكننا تفسير ذلك بالإشارة إلى التشابه بين محتوى الإدراك والمحتوى من التصور العقلي.

ليس فقط أوجه التشابه، ولكن يجب أيضًا شرح الاختلافات بين التصور العقلي والإدراك، والفرق بين المحتوى الإدراكي ومحتوى التصور العقلي، والذي يلعب أيضًا دورًا مهمًا في النقاش حول اختلاف ظاهري بارز ومؤثر تاريخيًا بين حيوية الإدراك وحيوية التصور العقلي، حيث أن وجهة النظر المؤثرة تاريخيًا والتي دافع عنها التجريبيين من علماء النفس بشكل لا يُنسى، هي أن التصور العقلي أكثر شحوبًا وأقل وضوحًا من الإدراك.

حتى لو وضعنا جانبًا علم الظواهر المفرط الذي يُبلّغ عن حيوية مشابهة جدًا في التصور العقلي والإدراك، لا يبدو أن هذا التمييز موجود في جميع المجالات، حيث يمكن أن تكون الخصائص التي تُشكّل محتوى التصور العقلي محددة للغاية بالفعل، ومعظم الخصائص التي تشكل المحتوى الإدراكي ليست محددة بشكل خاص، ومع ذلك تلعب الحتمية دورًا في اختلاف رئيسي آخر بين المحتوى الإدراكي ومحتوى التصور العقلي.

كان دور التصور العقلي في الإدراك موضوعًا مهمًا في تاريخ الفلسفة النفسية، ولكن هناك سؤال أكثر أهمية حول العلاقة بين التصور العقلي والإدراك، أي حول ما إذا كان الإدراك يعتمد على التصور العقلي وبأي معنى، وكان هذا موضوعًا سائدًا في تاريخ الفلسفة النفسية، وربما كان العالم إيمانويل كانط هو المؤيد الأكثر وضوحًا لمطالبة قوية إلى حد ما بالاعتماد التأسيسي، حيث ادعى كانط الشهير أن الخيال هو عنصر ضروري للإدراك نفسه، وقد أصبح هذا الادعاء مؤثرًا جدًا ليس فقط في الفلسفة ولكن في تاريخ الأفكار بشكل عام.

وفي زمن العالم إيمانويل كانط لم يتم فصل الخيال والتخيل العقلي بشكل منهجي، وكان التفسير الخيري لادعاء كانط هو أن ما هو عنصر ضروري للإدراك في حدّ ذاته ليس خيالًا طوعيًا؛ لأننا لا نفعل ذلك طوعًا في التخيل في كل مرة نتخيلها، ولكن بالأحرى تصور عقلي لذا فإن التفسير السليم للفرضية التي قدّمها إيمانويل كانط هو أن التصور العقلي هو عنصر ضروري للإدراك نفسه.

الادعاء التأسيسي في التصور العقلي والإدراك في علم النفس أنّ الإدراك لا يعتمد فقط على التصوّر العقلي سببيًا، بل يعتمد على التصور العقلي بشكل أساسي، هذا مثل جميع الادّعاءات التأسيسية وهو واحد قوي إلى حد ما وأكثر تواضعًا، وتأثيرًا تاريخيًا أيضًا وخاصة من وجهة نظر ما قبل كانط، السائدة بين على سبيل المثال الأشخاص التجريبيين.

حيث أن الإدراك لا يعتمد على التصور العقلي على الإطلاق، فإذا كان الأمر كذلك فإنه يعتمد عليه فقط سببيًا، وعلى الرغم من عدم وجود نقاش صريح بين هذه الادعاءات التأسيسية والسببية، إلا أن الأبحاث النفسية التجريبية الحديثة تساعدنا على تقييم المزايا الخاصة بهاتين الطريقتين في التفكير حول العلاقة بين الإدراك والتصور العقلي.

دور الإنجاز في التصور العقلي والإدراك في علم النفس

يتمثل الإنجاز في الإكمال العمودي في طريقة الحس البصري وهو تمثيل الأجزاء المحجوبة من الأشياء المدركة في التصور العقلي، حيث أن الإكمال العمودي ليس مجرد ظاهرة بصرية في طريقة الإحساس السمعي.

يُعد إكمال دور الإنجاز تمثيلًا إدراكيًا في التصور العقلي، حيث تُظهر كمية هائلة من دراسات علم الأعصاب أنه يحدث في وقت مبكر جدًا في القشرة الحسّية، وفي الحالة المرئية يحدث في القشرة البصرية الأولية، ولا يتم توظيفه بشكل مباشر من خلال الإدراك الحسّي؛ لأن الشكل المُكتمل عموديًا لا يتم تشغيله مباشرة.

يعتبر الإكمال النموذجي في الإنجاز هو جزء من مكونات الإدراك في حد ذاته ويتعلق بالتصور العقلي، حيث أن الغالبية العظمى من حالاتنا الإدراكية تنطوي على إكمال نمطي، مثل طريقة الحس البصري عندما ينظر الفرد من حوله ويرى أشياء بعيدة عنه محاطة جزئيًا بأشياء قريبة منه، لذا فإن نظامه الإدراكي يُكمّل بشكل عمودي هذه الأجزاء المسدودة من الأشياء البعيدة عنه، لكن الإكمال النموذجي يشارك أيضًا في تمثيل الكائنات غير المشكَّلة ولا يحصل على مدخلات حسية مباشرة من الجانب الخلفي لهذه الكائنات.

التصور العقلي متعدد الوسائط في الإدراك في علم النفس

لا يتم تشغيل التعريف النفسي للتصور العقلي كتمثيل إدراكي مباشرة من خلال المدخلات الحسية، ويسمح بالتحفيز الجانبي لهذا التمثيل الإدراكي، حيث يرقى هذا إلى التمثيل الإدراكي بطريقة ما بمعنى ما مثل الرؤية الناتجة عن المدخلات الحسية بطريقة أخرى بمعنى آخر، على سبيل المثال الاختبار.

في التصور العقلي المشابه للإدراك متعدد الحواس يعني أنه يمكننا الحصول على معلومات عن أمور كثيرة من حولنا من خلال أكثر من طريقة إحساس واحدة وبالنظر إلى أن معظمها لا نحصل فعليًا على معلومات عنها بكل الوسائل الممكنة.

ولطرائق الإحساس المتنوعة هذه يعني أن القاعدة هي أن لدينا صورًا عقلية متعددة الأحاسيس لمعظم الأشياء والأحداث من حولنا حتى لو كانوا فاقدًا للوعي، يوجد الكثير من الأدلة المتمثلة في الإدراك الحسي على أن هذه حالات من التصور العقلي اللاواعية، بدلاً من عدم التمثيل على الإطلاق.

أشكال غير عادية من التصور العقلي في الإدراك في علم النفس

يعتبر الشكل المهم من التصور العقلي المشابه للإدراك هو التصور العقلي المرئي الذي دورًا مهمًا بطرق مختلفة يمكنهم من خلالها التنقل في البيئة، حيث يعتمد استخدام القراءة بطريقة معينة على التصور العقلي المرئي للموضوع والتي يتم تشغيلها عن طريق الإدخال اللمسي كما هو الحال مع تحديد الموقع بالصدى، وهي وسيلة أكثر انتشارًا يمكن من خلالها للمكفوفين تعلم جمع المعلومات حول التخطيط المكاني لبيئتهم.

الشكل الثاني غير العادي من التصور العقلي هو الحس المواكب، حيث يُبَلِغ الأشخاص الذين يمتلكون مثل هذا الشكل عن تجارب بصرية قوية للون معين استجابة للتجارب السمعية أو اللمسية أو مجموعة متنوعة من التجارب الحسية، وهو شكل من أشكال الخبرة الإدراكية ونوع من الخبرة المعرفية أو اللغوية ذات المستوى الأعلى.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف، 2015.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم، 1995.علم النفس العام، هاني يحيى نصري، 2005.علم النفس، محمد حسن غانم، 2004.


شارك المقالة: