حياتنا التي نعيشها مليئة بالاحتمالات والفرضيات منها المنطقية ومنها غير المنطقية، وما يحدّد هذه الاحتمالات هو طريقة التفكير التي نقف من خلالها على الموقف الذي أمامنا، فالعديد منّا يبحث عن أبسط التفسيرات وأكثرها قرباً للواقع بعيداً عن التعقيد والابتعاد عمّا هو ممكن، والبعض الآخر يبحر في تفسيراته ضمن كواليس التعقيد، فيبتعد عن الصحّة والمنطق وما هو ممكن.
ما الفرق بين الصحة والاحتمال؟
لدى مشاهدتنا ﻷي حدث طارئ يتبادر إلى أذهاننا العديد من التفسيرات، فمنها ما هو بسيط بعيداً عن التعقيد وعادة ما يكون أقرب للواقع تماشياً مع المنطق، ومنها ما يتصف بالتعقيد والاستثنائية وبُعد الاحتمال.
هذه العلاقة المتماسكة بين الصحّة والبساطة تعتبر من المبادئ المهمة في الحكم على الأشياء، وهذا الأمر كفيل بتغيير أفكارنا وأرائنا ونظرتنا للأمور، غير أن تبنينا لهذا الأمر يجب أن يترافق مع علمنا بأن الاحتمالات المعقدة لا تعني بأنها مستحيلة الحدوث، ولكن نسبة حدوثها بالفعل أو اقترانها بالواقع يكاد يكون معدوماً مقارنة بالاحتمالات الأخرى، فهي ببساطة نادرة وبعيدة الاحتمال.
التفسيرات المعقدة تضعنا أمام حلول معقدة:
عادة ما ننجح في تبني التفسيرات الأصعب والأكثر تعقيداً والأبعد عن الواقع مقابل التفسيرات الأبسط والأسهل والأقرب للواقع، فحين يصاب أحدنا بالصرع مثلاً كمرض، نفترض بشكل فوري صيابه بالمسّ أو السحر، ونقوم بالبحث عن معالج روحاني لحلّ المشكلة علماً أن الأمر يتعلّق بالطب والدواء.
عندما يتعرض أحدنا لحادث في سيارته الجديدة نفترض فوراً أنها عين حسد، علما أن التفسير الأبسط والأقرب للواقع هو أنّ ما حدث مجرّد حادث سير عادي نتيجة خطأ ارتبكه سائق المركبة، فطريقة تفكيرنا وتفسيرنا للأحداث تنطوي عليها الكثير من الإجراءات التي تؤثر على سير حياتنا، فمن يبحث عن نظرية المؤامرات والتشكيك بكلّ ما يحدث حوله لا يرتاح أبداً ولا يثق بأحد، ولا أحد يثق به، أما من تكون حياته مبنيّة على البساطة والسهولة وحسن الظن بالآخرين، سيكسب ثقة الآخرين وتكون حياته أكثر بساطة.
إننا نعيش في واقع يحتمل العديد من الاحتمالات والفرضيات، فمنّا من يبغى السعادة وراحة البال بالتفسير المنطقي الأقرب للواقع، ومنّا من يرهق فكره ببعد النظر والظّن والتشكيك بالآخرين.