التمييز الأخلاقي والتقليدي للحكم الأخلاقي في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يتمثل التمييز الأخلاقي والتقليدي للحكم الأخلاقي في علم النفس في أن الحكم الأخلاقي يمكن اعتباره مصطلحًا نفسيًا طبيعيًا، والسمات الأساسية للأحكام الأخلاقية هي أن الشخص الذي يتخذها يعتبرها سلطة مستقلة وقابلة للتعميم في أوقات أخرى، حيث تمكننا هذه السمات من تحديد ما إذا كان الحكم المعياري للفرد هو حكم أخلاقي، خاصة في المجال الاجتماعي وعلم النفس الأخلاقي.

التمييز الأخلاقي والتقليدي للحكم الأخلاقي في علم النفس

الاهتمام المعاصر بفكرة أن هناك تمييزًا نفسيًا حقيقيًا وفلسفيًا مهمًا بين الأحكام الأخلاقية والأحكام التقليدية يمكن إرجاعه إلى عمل عالم النفس إليوت توريل، ابتداءً من السبعينيات استعار توريل ومعاونوه بعض الأفكار من الفلاسفة الذين كتبوا عن طبيعة الأخلاق والاتفاقية، وأجروا سلسلة من التجارب التي توضح أن الأطفال الصغار يتفاعلون بشكل مختلف تمامًا عندما يُسألون عن التجاوزات الأخلاقية مثل ضرب طفل لطفل آخر.

على أساس هذا العمل اقترح توريل ودافع عن تعريف محدد للأخلاق التي بموجبها تنطوي التعديات الأخلاقية على ضرر أو ظلم أو انتهاك للحقوق، ومنها جادل العالم ريتشارد شويدر والعالم جوناثان هايدت على وجه الخصوص بأن تعريف توريل لا يعتبر شكل جيد؛ لأن الناس في الثقافات المتنوعة يعاملون نطاقًا أوسع بكثير من التجاوزات على أنها أخلاقية، أدى ذلك إلى نقاش مستمر حول مدى اختلاف الإدراك الأخلاقي عبر الثقافات.

خلال العقدين الماضيين أصبح الفلاسفة وعلماء النفس مهتمين بشكل متزايد بالعمل التجريبي والنظري لتوريل ونقاده، وجادل التمييز الأخلاقي والتقليدي للحكم الأخلاقي في علم النفس بأن النتائج التي توصل إليها توريل تدعم الأصولية الأخلاقية، حيث استند فلاسفة آخرين إلى العمل في تقليد توريل في المناقشات حول العاطفة الأخلاقية والداخلية الأخلاقية والمسؤولية الأخلاقية للمرضى النفسيين.

بدأ ظهور بحوث نفسية تهدف إلى تحديد التمييز الأخلاقي والتقليدي للحكم الأخلاقي في علم النفس، غالبًا ما قال المشاركين في هذه البحوث إن هدفهم هو تقديم تعريف للأخلاق والدفاع عنه، حيث ركز الفلاسفة من علماء النفس على التمييز بين الأحكام الأخلاقية والأحكام التقليدية، وسعى إلى استخدام هذا التمييز في الحِجَج حول مجموعة واسعة من الموضوعات النفسية والفلسفية، بدءًا من معقولية نظريات ما وراء الأخلاق للمسؤولية الأخلاقية.

يمكن إرجاع ظهور الأدبيات النفسية التي تحلل وتستند إلى ما أصبح يُعرف باسم التمييز الأخلاقي والتقليدي للحكم الأخلاقي في علم النفس إلى الوعي المتزايد بين الفلاسفة وعلماء النفس؛ للعمل المؤثر للغاية لعالم النفس التنموي إليوت توريل والعديد من المتعاونين معه، وغالبًا ما يطلق على هذه المجموعة من الباحثين منظري المجال الاجتماعي.

حقائق التمييز الأخلاقي والتقليدي للحكم الأخلاقي في علم النفس

تتعلق حقائق التمييز الأخلاقي والتقليدي للحكم الأخلاقي في علم النفس بالهدف الذي كان الفلاسفة الذين ساهموا في تعريف الأدب الأخلاقي يحاولون تحقيقه، ففي كثير من الأحيان عندما نسأل عما إذا كان حكم الشخص أخلاقيًا، فإن ما نريد معرفته هو ما إذا كان حكمه على بعض الأمور الأخلاقية صحيحًا أو شيء في هذا المحيط صحيح أو مبرر أو حكيم.

ما كانوا علماء النفس والفلاسفة يحاولون فعله هو التمييز بين الأحكام والمبادئ الأخلاقية والأحكام والمبادئ غير الأخلاقية، حيث أنهم قد أرادوا معرفة كيفية تحديد ما إذا كان حكم الشخص حكمًا أخلاقيًا وليس نوعًا آخر من الحكم ما إذا كان الحكم صحيحًا أو مبررًا، فهذا ببساطة لم يكن مصدر قلقهم.

عند التفكير في عمل توريل وأتباعه في التمييز الأخلاقي والتقليدي للحكم الأخلاقي في علم النفس من المهم بشكل خاص وضع هذا التمييز في الاعتبار؛ لأنه يبدو أحيانًا أن هؤلاء المؤلفين وبعض منتقديهم لا يفعلون ذلك، بعد تقديم دليل يثبت بشكل مفترض أن حكمًا معينًا أخلاقيًا وليس تقليديًا وبالتالي فهو أخلاقي وليس غير أخلاقي، ومنها يستمر المؤلفين أحيانًا في الكتابة كما لو كانوا قد أثبتوا أن الحكم صحيح.

تتعلق الحقائق الثانية من التمييز الأخلاقي والتقليدي للحكم الأخلاقي في علم النفس بنتيجة محاولات علماء النفس والفلاسفة لإيجاد تعريف للأخلاق، بعد عقود من الجهد من قبل عشرات المؤلفين فشل المشروع في الوصول إلى أي شيء قريب من الإجماع للأخلاق واستمرت الخلافات حول كل مسألة تتعلق بالمنهجية والجوهر.

كانت إحدى القضايا المنهجية المركزية هي ما إذا كان الهدف من المسعى وصفيًا، يهدف إلى توصيف كيفية استخدام مفهوم الأخلاق فعليًا أو معياريًا، بهدف تحديد كيف ينبغي لمفهوم الأخلاق أن يُستخدم، بالتالي توجد قائمة طويلة من السمات التي قيل إنها ضرورية إذا كان الحكم أو القاعدة يعتبر أخلاقيًا، ربما كان أكثرها نقاشًا على نطاق واسع هو الاقتراح البارز بأن القواعد الأخلاقية يجب أن تكون قابلة للتعميم.

مشروع توريل في التمييز الأخلاقي والتقليدي للحكم الأخلاقي في علم النفس

كان العالم إليوت توريل تلميذاً للعالم لورنس كولبيرج والذي تأثر بدوره بأعمال العالم جان بياجيه، حيث قام الثلاثة بعمل أساسي حول التطور الأخلاقي لدى الأطفال والمراهقين في التمييز الأخلاقي والتقليدي للحكم الأخلاقي في علم النفس، ويشترك الثلاثة جميعًا في الرأي القائل بأن التفكير في تجربة الفرد يلعب دورًا مركزيًا في هذه العملية، هذا الرأي الذي يُطلق عليه غالبًا البنائية.

هذا يتناقض عمومًا مع التفسيرات الأصلية للتطور الأخلاقي التي تركز على دور الهبة الفطرية للطفل، ومع حسابات التعلم الاجتماعي التي تؤكد على عملية اكتساب المبادئ الأخلاقية من الوالدين وغيرها من الأمور المهمة من الأشخاص في بيئة الطفل، الأهم من ذلك أن بياجيه وكولبيرج شاركا أيضًا وجهة النظر القائلة بأنه على مدار التطور، يظهر التفكير المعياري على فترات.

يمكن الإشارة إلى التمييز الأخلاقي والتقليدي للحكم الأخلاقي في علم النفس على أنه نموذج تمايز في ذلك المنطق الأخلاقي الذي يظهر من خلال تمايزه عن العمليات غير الأخلاقية، خاصة في المستويات التنموية الأدنى، يُفترض أن الاتفاقية والأخلاق غير متمايزة بينما في المستويات الأعلى يتم التمييز بين الاثنين.

كان توريل متشككًا في نموذج التمايز والادعاء بأن هناك نوعًا واحدًا فقط من الإدراك المعياري لدى الأطفال الصغار كان مقتنعًا بأن الإدراك الأخلاقي يختلف عن الإدراك حول الأعراف الاجتماعية، وأن التمييز موجود مبكرًا جدًا في التطور، وبالتالي لا ينبغي التعامل مع الأعراف الاجتماعية والأخلاق كجزء من نفس الحزمة المفاهيمية والتنموية ولكن كمجالات متميزة.

من أجل الدفاع عن هذا الادعاء كان عليه أن يُظهر أن الأطفال يصدرون أحكامًا أخلاقية مميزة حول بعض التجاوزات، وأن أحكامهم حول التجاوزات التقليدية كانت مختلفة بشكل منهجي، للقيام بذلك احتاج توريل إلى اختبار تجريبي من شأنه أن يشير إلى ما إذا كان الحكم المعياري الصادر عن مشارك تجريبي من طفل أو بالغ حكمًا أخلاقيًا أو حكمًا حول مسألة تقليدية.

وفي النهاية يمكن التلخيص بأن:

1- التمييز الأخلاقي والتقليدي للحكم الأخلاقي في علم النفس يعتبر من المفارقات المهمة للعالم النفسي إليوت توريل.

2- قام إليوت توريل بسلسلة من التجارب التي توضح أن الأفراد يتفاعلون بشكل مختلف تمامًا عندما يُسألون عن التجاوزات الأخلاقية، وذلك بالرجوع لطبيعة الأخلاق ومصادرها وكيفية إطلاق الأحكام الأخلاقية.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف، 2015.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم، 1995.علم النفس العام، هاني يحيى نصري، 2005.علم النفس، محمد حسن غانم، 2004.


شارك المقالة: