العدوى السلوكية ونمذجة السلوك في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


مفهوم العدوى السلوكية في علم النفس الاجتماعي:

يشير مفهوم العدوى السلوكية في علم النفس الاجتماعي إلى ميل الناس لتكرار السلوك الإنساني نفسه بعد أن يؤديه الآخرين، حيث أنه كثيرًا ما يفعل الناس ما يفعله الآخرين غيرهم، حيث أننا نختار أحيانًا تقليد الآخرين على سبيل المثال من خلال ارتداء نفس نوع الملابس التي يرتديها أصدقاؤنا، مع ذلك في معظم الأحيان، لا ندرك حقيقة أننا ننسخ السلوك البشري.

تظهر الدراسات في البحث النفسي أن البشر يقلدون الكثير من السلوكيات دون وعي، حيث أن الأمثلة هي متغيرات الكلام مثل بناء الجملة واللهجات ومعدل الكلام والتوقف المؤقت ونبرة الصوت والمتغيرات السلوكية مثل الإيماءات والسلوكيات والمواقف المتعددة، علاوة على ذلك فنحن نتحكم في تعابير الوجه والمزاج والعواطف لبعضنا البعض، ومن الأمثلة الأخرى المعروفة لها الضحك والتثاؤب أيضاً خاصة عند مشاركة الآخرين بها.

تحليل مفهوم العدوى السلوكية في علم النفس الاجتماعي:

لماذا نقلد الآخرين في حين أن التزامن السلوكي في العديد من أنواع الحيوانات يعزز السلامة فعند التفكير في مجموعات الأسماك أو قطعان الطيور، فإن التقليد في البشر يخدم أيضًا وظائف أخرى تتمثل من خلال ما يلي:

1- التعلم والاكتساب:

التقليد والعدوى السلوكية هي أداة فعالة للغاية لفهم الآخرين والتعلم منهم، من خلال القيام بما يفعله الآخر من الأشخاص، فإننا نعرف ما يفعله هذا الشخص الآخر، ومنها فإنه ليس علينا أن نرتكب نفس الأخطاء وأن نمر بالتجربة والخطأ في التعلم بدلاً من ذلك، يمكننا نسخ أفضل خيار سلوكي على الفور، هذه أيضًا طريقة فعالة لنقل المهارات والثقافة.

2- العدوى العاطفية:

في حالة العدوى العاطفية، عندما نتحكم في تعبيرات الوجه لشريكنا في التفاعل وخاصة الأصدقاء أو زميل عمل مقرّب، نشعر بما يشعر به الآخرين، ونفهمهم ويمكن أن نتعاطف مع سعادتهم أو ألمهم الخاص بهم، مما يقودنا إلى وظيفة أخرى للتقليد هي العدوى العاطفية.

3- الترابط الاجتماعي:

يهتم التقليد والعدوى السلوكية أيضًا بإنجازات اجتماعية مهمة وهو أنه يعتبر وسيلة ذات كفاءة في تكيف وتوافق الأفراد وربطهم ببعضهم البعض، حيث أنه يعمل كملصق اجتماعي، حيث أننا نحن نحب الآخرين الذين يقلدوننا طالما أننا لا نلاحظ ذلك، وإلا فإنه سيشعر بالحرج، ونتصرف أيضاً بشكل أكثر إيجابية تجاههم ونشعر بالقرب منهم، حيث يعرف العديد من مندوبي المبيعات وغيرهم من المهنيين هذا الجانب من التقليد للسلوك ويستخدمونه في محاولات التأثير على المستهلكين أو العملاء، وغالبًا ما ينصح التقليد أو الانعكاس في الكتب التجارية عن أساليب البيع والتأثير.

كيفية القيام بالعدوى السلوكية في علم النفس الاجتماعي:

بعد التعرف على أسباب العدوى السلوكية وأسباب اتجاه الأشخاص للتقليد فيتوجب التعرف على كيفية القيام بالتقليد وإتمام مفهوم العدوى السلوكية، حيث يبدو أن الدماغ البشري مهيأ للتقليد المتمثل في العدوى السلوكية، وأنه هناك علاقة حميمة بين الإدراك والفعل والرؤية والفعل، في دماغ الإنسان.

خير مثال على هذا الارتباط الحميم هو ما يسمى بالخلايا العصبية المرآتية، التي اكتشفتها مجموعة من علماء النفس الإيطاليين في منتصف التسعينيات، حيث تنشط خلايا الدماغ هذه عندما يمارس الناس سلوكًا معينًا وعندما نرى فقط شخصًا آخر يقوم بهذا السلوك.

لا تميز خلايا الدماغ هذه بين سلوكنا الذي يصدر منّا وبين سلوك الآخرين، على الرغم من عدم وجود كلمة أخيرة حول هذه الخلايا العصبية المرآتية وما إذا كانت تسبب التقليد بالفعل، إلا أن هناك المزيد والمزيد من الأدلة على الفرضية القائلة بأن التقليد مثبت في الدماغ البشري، حيث يحاول الباحثين في الوقت الحاضر شرح كيفية عمل التقليد والعدوى السلوكية بالضبط وكيف يرتبط بخصائص الإنسان مثل التعاطف وقراءة العقل.

مفهوم نمذجة السلوك في علم النفس الاجتماعي:

النمذجة هي عبارة عن وسيلة من الوسائل التي يتم عن طريقها فهم السلوك الإنساني، حيث أنه عندما يلاحظ شخص ما سلوك شخص آخر ثم يقلد هذا السلوك، فإنه يقوم بنمذجة السلوك، ويُعرف هذا أحيانًا بالتعلم القائم على المراقبة أو التعلم الاجتماعي، والنمذجة هي نوع من التعلم غير المباشر حيث لا يلزم حدوث توجيه مباشر، في الواقع قد لا يدرك المرء أن شخصًا آخر يقوم بنمذجة سلوكه، وقد تعلم النمذجة سلوكًا جديدًا أو تؤثر على تكرار السلوك الذي تم تعلمه سابقًا، أو تزيد من تكرار سلوك مماثل له.

مكونات نمذجة السلوك في علم النفس الاجتماعي:

يتم تضمين أربع خطوات في نمذجة السلوك الإنساني في علم النفس الاجتماعي تتمثل من خلال ما يلي:

1- الاهتمام قبل أن يمكن تكرار السلوك الإنساني، حيث يجب على المرء الانتباه إلى السلوك.

2- الاحتفاظ حيث يجب أن يكون المرء قادرًا على تذكر السلوك المرصود أو الاحتفاظ به.

3- التكاثر، حيث يجب أن يكون المرء قادرًا على ترجمة صور سلوك الآخر إلى سلوكه الخاص، باختصار يجب أن يكون لدى المرء القدرة على إعادة إنتاج السلوك.

4- وجود الدافع في النهاية، حيث يجب تحفيز المرء لتقليد السلوك حتى يكون هناك سبب، لن يقوم المرء بنمذجة السلوك.

تأثير السلوكيات بالنمذجة في علم النفس الاجتماعي:

من المعروف أن العديد من عناصر السلوك تتأثر بمفهوم النمذجة، حيث أنه أحد هذه العناصر من السلوك هو التعاون، على سبيل المثال أشارت الدراسات إلى أن الأطفال الذين تعرضوا للنماذج الاجتماعية الإيجابية كانوا أكثر فائدة من الأطفال الذين يفتقرون إلى التعرض لمثل هذه النماذج.

تؤثر النمذجة أيضًا على العدوان، حيث أن الأطفال الذين تعرضوا لنموذج يلعب بعدوانية يقلدون نفس اللعب العدواني لاحقًا، في حين أن أقرانهم الذين لم يتعرضوا للنموذج العدواني لم يلعبوا بنفس القوة، وجدت الأبحاث أيضًا أنه عندما لاحظ الأطفال سلوكًا عدوانيًا أدى إلى نتائج إيجابية للنموذج، فإنهم يتصرفون بشكل أكثر عدوانية، حيث يبدو أن رؤية نتيجة إيجابية لنموذج عدواني زاد السلوك العدواني لدى المراقب.

فعالية نمذجة السلوك في علم النفس الاجتماعي:

تساهم العديد من العوامل في فعالية النموذج عادة، حيث أنه كلما كان النموذج أكثر جاذبية أو مرغوبة للمراقب، ومنها زادت احتمالية تقليد هذا النموذج، وتتأثر استصواب النموذج أو جاذبيته جزئيًا بالمكانة التي يتمتع بها النموذج للمراقب، وهذا ما يفسر لماذا يعمل الآباء والمعلمين غالبًا كنماذج للسلوك.

تتأثر فعالية النموذج أيضًا إلى حد ما بالتشابه، حيث أنه كلما كان النموذج أكثر تشابهًا مع المراقب، كلما كان النموذج أكثر فعالية، وهذا يفسر سبب تقديم الأقران لمثل هذه النماذج القوية للسلوك، علاوةً على ذلك لا يجب أن تكون النماذج الفعالة بشرية أو حية غالبًا ما تكون الدمى والرسوم المتحركة، بالإضافة إلى شخصيات التلفزيون والأفلام، بمثابة نماذج فعالة للسلوك.


شارك المقالة: