العلوم التي انبثقت عن علم التواصل بلغة الجسد:
لقد شكّل علم لغة الجسد ثورة حقيقية في عصرنا الحديث، فعلى الرغم من أنّ علم لغة الجسد علم قديم استخدمه الإغريق والمصريين القدامى واليونان، إلا أنّه لم يعرف النور كعلم منفصل ذو أبواب وفصول ومعاني ومشتقات ومؤلفات إلا في منتصف القرن العشرين بُعيد الحرب العالمية الثانية، وقد تنافس العلماء والخبراء في دراسة لغة الجسد من منظور علمي وتطبيقي واقعي، وهذا الأمر من شأنه أنّ جعل للغة الجسد الجزء الأهم في عملية الفهم.
لغة الجسد وعلاقتها بالعلوم الحديثة:
لا نكاد نذكر فكرة أو نعبّر عن معلومة ما إلا ونستخدم أيدينا ووجهونا ورؤوسنا للتعبير عن هذه الفكرة بشكل إرادي أو غير إرادي، فلو أننا تحدثنا دون أن تتم رؤيتنا لما كنّا مؤثرين بالشكل الذي نتواجه به مع الآخرين، فنحن نكون مقنعين أكثر بما نقوله، كما وأنّ هناك العديد من العلوم والأبحاث والدراسات المتعلّقة بعلم الإنسانيات وعلم اللغة، والتي استندت أساساً على عملية التواصل بلغة الجسد ولعلّ من أهمها ما يلي:
- العلم الخاص بحركات الجسد وهو علم انبثق أصلاً من لغة الجسد، والذي تمّ الكتابة فيه من قبل “برد ويسيل” عام 1952م.
- العلم الخاص بحركات العيون، أو العلم الذي يتحدّث عن التواصل بلغة العيون وله صلة مباشرة بلغة الجسد الذي بدأه “داروين” عندما نشر كتابه “التعبير عن المشاعر لدى الإنسان والحيوان” عام 1872م.
- مبحث التداني أو الأقاليم، والذي بدأه “هول” عندما نشر بحثه “البعد الخفي” عام 1966م.
- لغة اللمس، لمس النفس والآخرين والأشياء.
- علم التواصل من خلال المظهر.
جميع هذه العلوم ارتبطت بشكل مباشر أو غير مباشر بلغة الجسد، بل إن العلماء الذين تحدّثوا عن هذه العلوم هم من الذين أدركوا القيمة الحقيقية للغة الجسد، وأدركوا أيضاً أنّه لا يمكن للعلاقات الإنسانية أن تكون بأفضل حالاتها دون الإيمان التام بأفضلية لغة الجسد على الكلام المنطوق، فالقادة والعظماء عرفوا كيف يديرون لغة أجسادهم ويقنعون الآخرين بأحقيتهم ليس من خلال كلامهم، ولكن من خلال وقفتهم ونظرتهم ومشيتهم ونبرة صوتهم وتعابير وجوههم، فنحن نؤمن ليس بما نقتنع بكلامه وحسب ولكن في أسلوبه ومقدار إقناعه لنا، فلغة الجسد هي لغة العصر الحديث.