المغالطات في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


هناك مفهومان متنافسان للمغالطات في علم النفس وهما أنها معتقدات خاطئة ولكنها شائعة وأنها حِجَج سيئة بشكل مخادع، هذه يمكن أن نميزها كمفاهيم الاعتقاد والحِجَة للمغالطات، حيث يُنظر إلى القدرة على اكتشاف المغالطات وتجنبها على أنها مكمل لمعايير التفكير الجيد، وتعتبر معرفة المغالطات مطلوبة لدراسة التفكير المنطقي ومناقشة اللغة الطبيعية.

المغالطات في علم النفس

ينظر علماء النفس للمغالطات في علم النفس بأنها مجموعة من الأخطاء التحليلية التي يمكن للفرد أن يقع بها ضمن التفكير المحدود الذي يقوم به، حيث تعبر المغالطات في علم النفس عن المعتقدات التحليلية الراسخة عند البعض والتي يصعب اكتشافها والعمل عليها من حيث التعديل والمنطقية.

تعتبر المغالطات في علم النفس من الظواهر الفكرية التي من الصعب علينا إدراكها وتصورها، وتتميز بوجود نظرية خاصة بها وموحدة تعطينا طريقة منهجية؛ لتحديد المغالطات وأنواع أخرى من الأخطاء وتعطينا إطارًا لتبرير الأحكام المغلوطة، ومنحنا إحساسًا بمكان المغالطات في مخططاتنا المفاهيمية الأكبر وفي تفكيرنا، ومنها يُصرّ علماء النفس أن المغالطات في علم النفس هي عبارة عن أخطاء معرفية ومن الممكن أن تكون أخطاء منطقية.

يبدو أن المغالطات في علم النفس لها طابع داخلي ويمكن القول إن مغالطات العالم أرسطو مثلاً ليست لها أي تفسير إلا أنها تعتبر أخطاء منطقية فهي تعتبر بمثابة مغالطات تتمثل بالحِجَج، وغالبًا ما تستخدم بشكل مناسب في الحوارات، حيث تعتبر حالة المظهر هي جزء من الميراث الأرسطي لكنها لا ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتقليد الإغفال الذي يلجأ له بعض الباحثين والموجهين النفسيين مثلاً.

نشأ المغالطات في علم النفس في البداية من المشاكل الفلسفية إلى حد كبير من خلال الكشف عن الألغاز المنطقية والمعرفية، في حين أن المغالطات هي أكثر موجه إلى الموضوعات الاجتماعية والسياسية ذات الاهتمام الشعبي، وهو الموضوع الذي يثير اهتمام الباحثين المعاصرين حول نظرية المغالطة.

نماذج المغالطات في علم النفس

عندما ننظر إلى استبيانات علماء النفس في المغالطات في علم النفس، لا يسعنا إلا أن نلاحظ أن المغالطات قد تم تحديدها فيما يتعلق بنموذج للحِجَج الجيدة أو الحِجَج العقلانية، حيث إن مغالطات أرسطو هي أوجه قصور في نموذج الاستنتاج والإثبات وتمتد إلى سياقات التفنيد، بينما المغالطات التي أخذها الاستقرائيين هي أخطاء في التفكير في نموذج شامل يتضمن كلاً من الاستنتاج والاستقراء.

أولئك الذين دافعوا عن نماذج التفكير المنطقي على أنها التعريف الصحيح للمغالطات في علم النفس، يأخذون المنطق ببساطة أو الصلاحية الاستنتاجية كمثل العقلانية، حيث ينظر علماء المنطق غير الرسميين من علماء النفس إلى المغالطات على أنها إخفاق في تلبية معايير ما يعتبرونه حِجَة مقنعة لأي نموذج يتبعونه أو يخططون له.

بينما المدافعين عن النهج المعرفي للمغالطات يرون أنها قصور في معايير الحِجَج المولدة للمعرفة، وأولئك الذين يهتمون بكيفية التغلب على خلافاتنا بطريقة معقولة سوف يرون المغالطات على أنها إخفاقات فيما يتعلق بمُثُل النقاش أو المناقشات النقدية.

لم تنبثق المعالجة المعيارية للمغالطات الجوهرية من مفهوم واحد للحِجَة الجيدة أو المعقولية، بل بالأحرى مثل الكثير من معرفتنا غير المنهجية نمت المغالطات في علم النفس كمجموعة خليط من العناصر، تم اقتراحها في أوقات مختلفة ومن وجهات نظر مختلفة، والتي تستمر إلى لفت انتباهنا، حتى مع التخلي عن المعايير التي سلطت الضوء على مغالطة معينة أو استيعابها في نماذج أحدث من العقلانية.

ومن ثم لا يوجد تصور واحد للحِجَج أو الجدل الجيد ليتم اكتشافه وراء نماذج المغالطات الأساسية، وأي محاولة لإجبارهم جميعًا في إطار واحد، حيث يجب أن تبذل جهودًا لتجنب تشويه الشخصية المنسوبة في الأصل إلى كل منهم.

حالة المظهر في المغالطات في علم النفس

من العالم أرسطو إلى العالم جون ستيوارت ميل كانت حالة المظهر جزءًا أساسيًا من مفهوم المغالطات في علم النفس، ومع ذلك فإن بعض العلماء الجدد إما تجاهلوها أو رفضوها لأن المظاهر يمكن أن تختلف من شخص لآخر، مما يجعل نفس الحِجَة مغالطة وخطأ بالنسبة للشخص الذي يستوعبه المظهر وليس مغالطة لمن يرى ما وراء المظاهر، يعتبر هذا غير مرضٍ لأولئك الذين يعتقدون أن الحِجَج أصلاً إما مغالطات أم لا.

يُقال أيضًا أن المظاهر ليس لها مكان في النظريات المنطقية أو العلمية لأنها تنتمي إلى علم النفس، لكن بعض علماء النفس لا يزالون يعتبرون المظاهر جزءًا أساسيًا من المغالطات حيث يصرّون على أن المغالطات يجب أن يكون لها مظهر، مهما سرعان ما تُرى من خلال، من كونها صالحة، فإذا كان الخطأ في الحِجَة غير مقنع بغموض يجعلها تبدو حجة أفضل مما هي عليه في الواقع، فإنه يتم نكران أنها مغالطة بالأصل.

تخدم حالة ظهور المغالطات في غرضين على الأقل حيث يتمثل الغرض الأول بانه يمكن أن يكون جزءًا من تفسيرات سبب ارتكاب العقلاء للأخطاء في الحِجَج أو الجدل وقد يكون ذلك جزئيًا بسبب ظهور حِجَة ما على أنها أفضل مما هي عليه بالفعل، والغرض الثاني يعمل على تقسيم الأخطاء إلى مجموعتين تلك التافهة أو الناتجة عن الإهمال التي لا يوجد علاج لها سوى إيلاء اهتمام أفضل، وتلك التي نحتاج إلى تعلم اكتشافها من خلال زيادة الوعي بإغرائها.

بطبيعة سجية يمكن القول أنه بدون شرط المظهر لا يمكن إجراء تقسيم بين الأنواع المتعددة من الأخطاء الخاصة بالمغالطات في علم النفس، إما أنه لا توجد مغالطات أو أن جميع الأخطاء في الجدل مغالطات، هذا استنتاج يرغب البعض في قبوله لكنه يتعارض مع التقاليد، حيث يمكن للمرء أيضًا الرد بأن هناك بديلًا لاستخدام شرط المظهر كخاصية ترسيم بين المغالطات والأخطاء العرضية أي التكرار.

المغالطات هي تلك الأخطاء التي يجب أن نتعلم كيفية الاحتراز منها لأنها تحدث بوتيرة ملحوظة، لهذا يمكن الإجابة على أن التردد الملحوظ الغامض وربما يكون أفضل تفسير له هو حالة المظهر.

أهمية التدريس في المغالطات في علم النفس

على المستوى العملي لا يزال هناك نقاش حول قيمة تدريس المغالطات للطلاب، وذلك باعتبارها طريقة فعالة بالنسبة لهم لتعلم التفكير جيدًا وتجنب الحِجَج السيئة، فأحد الأسباب التي تجعلنا نعتقد أنه غير فعال هو أن قائمة المغالطات ليست كاملة، وأنه حتى إذا تم توسيع مجموعة المغالطات الأساسية لتشمل مغالطات أخرى اعتقدنا أنها تستحق تضمينها، فلا يزال بإمكاننا عدم التأكد من أن لدينا مجموعة كاملة من المغالطات.

يتمثل التدريس في المغالطات في علم النفس في تدريس المعايير الإيجابية للحِجَج الجيدة التي تعطينا مجموعة كاملة من الإرشادات للاستدلال الجيد، والتخلص من الأخطاء التي قد نقع بها بدون معرفة.

هناك اعتبار مهم حول قيمة نهج المغالطات في تدريس التفكير الجيد وهو أنه يميل إلى جعل الطلاب ينتقدون بشكل مفرط ويقودهم إلى رؤية المغالطات حيث لا توجد مغالطات، ومن ثم تم التأكيد على أنه يمكننا تحسين غرس مهارات التفكير النقدي بشكل أفضل من خلال تعليم المعايير الإيجابية للتفكير والحِجَج الجيدة.

ردًا على هذا الرأي يُقال إنه إذا تم تدريس المغالطات في علم النفس بطريقة غير روتينية والتي تتضمن تفسيرات سبب كونها مغالطات، من خلال المعايير المعيارية التي تتعدى عليها فيمكن أن تكون الدورة التي يتم تدريسها حول المغالطات الأساسية فعالة في غرس مهارات التفكير الجيد.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف، 2015.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم، 1995.علم النفس العام، هاني يحيى نصري، 2005.علم النفس، محمد حسن غانم، 2004.


شارك المقالة: