المكونات الأساسية في نظرية الذات

اقرأ في هذا المقال


وجد علماء النفس في أوائِل القرن العشرين أنّه يصعب الكتابة في علم النفس دون إعطاء أهمية للذات، منذ بداية العقد الرابع من هذا القرن أخذت نظرية الذات المكانة الطبيعية في دراسات علم النفس، أيضاً أصبح مفهوم الذات ذو أهمية كبيرة، يحتل مكان القلب في الإرشاد النفسي والعلاج، أصبحت الدراسات والبحوث كثيرة، ظهر أيضاً ما يسمّى بسيكولوجية الذات.

المكونات الأساسية في نظرية الذات

الذات Self

تمثل الذات أساس نظرية روجرز، فهي كينونة الفرد التي تنمو بشكل تدريجي وتنقسم عن المجال الإدراكي، تتشكل بنية الذات من تفاعلات الفرد مع البيئة، تتضمن الذات المدركة، الاجتماعية، أيضاً الذات المثالية، تقوم على امتصاص قيم الآخرين، تهدف إلى التوافق والاتّزان والثبات، تنمو أيضاً بسبب النُّضج والتعلُّم، إذ تعدّ المركز الذي يقوم على تجميع الخبرات وتنظيمها.

مصطلح الذات قديم منذ الحضارة المصرية، فقد مرَّ مفهوم الذات بالنمو الديني الفلسفي عبر التاريخ، قام مفكرو اليونان مثل أفلاطون وأرسطو وسقراط باقتباسه، ثم اقتبسه المفكّرون العرب مثل ابن سينا والعالم أبو حامد الغزالي في القرن الحادي عشر، في أواخر القرن التاسع عشر بدأ مفهوم الذات يأخذ المكان الصحيح في علم النفس، كمفهوم النفس خلال كتابات وليام جيمس، مع بداية القرن الحالي بدأت العديد من النظريات النفسية تتبنى مفهوم الذات أو الأنا كمفهومين مهمين في دراسة الشخصية والتوافق النفسي.

اختلفت النظريات بما يخص طبيعة الذات وبنيتها ووظائفها وأبعادها، أيضاً اختلفت في تعريفها، كان هناك خلط كبير بين مفهوم الذات والأنا، مرّةً على أنّهما مختلفان ومرةً على أنّهما متطابقان. نرى أنّ مفهوم الذّات قديم وجديد في نفس الوقت، أي مفهوم نفس مُعاصر وُضِع تحت ضبط البحث النفسي العلمي.

مفهوم الذات Self-Concept

مع بداية روجرز في بلورة نظرية الذات ظلّ (مفهوم الذات) من أهم موضوعات علم النفس، أصبح ذو أهمية خاصة في الإرشاد الممركز نحو العميل. قامت روث ويلي بوصف وتحليل عدد كبير من الدراسات والبحوث التي تخص مفهوم الذات، رأت بأنّه عبارة عن تكوين معرفي يكون متعلّم ومنظّم لكل مدركات الفرد الشعورية والتقييمات والتصورات الخاصة بالذات يقوم الفرد على بلورته.

يعتبر مفهوم الذات تعريف نفسي للذات، يتكون مفهوم الذات من الأفكار والمشاعر الذاتية المنسجمة ومحدّدة الأبعاد عن العناصر المتعددة لكينونة الفرد الداخلية والخارجية، تتضمن هذه العناصر جميع مدركات الفرد وتصوراته التي تقوم على تحديد خصائص الذات، أيضاً تنعكس بشكل إجرائي في وصف الفرد لذاته كما يُنظر لها.

السلوك behavior

يعرّف السلوك بأنّه نشاط موجّه نحو هدف يخصّ الفرد؛ ذلك للوصول إلى إشباع حاجاته كما يراها في المجال الظاهري وكما يدركها، يتفق السلوك مع مفهوم الذات في الغالب، أيضاً يتفق مع المعايير الاجتماعية، بعضه الآخر لا يتفق مع بنية الذات والمعايير الاجتماعية، عندما يحصل تعارض يتشكل سوء توافق نفسي لدى الفرد.

يمكن تعديل السلوك وتغييره، أي يمكن تبنّي السلوك أو إنكاره، من الممكن أن يحدث السلوك بسبب الخبرات أو الحاجات العضوية، التي لم تستطيع أخذ صورة رمزية، ذلك بسبب عدم قبولها، قد يكون هذا السلوك مطابق مع البنية الخاصة بالذات ومفهوم الذات، في هذه الحالة من الممكن أن يتّصل الفرد معه، هذا يصل إلى التوتر وسوء التوافق النفسي.

أفضل فهم لسلوك الفرد هو كيف ينظر الفرد لنفسه، أيضاً الإطار المرجعي الداخلي وتغذيته الراجعة التي بداخله، أي يكون من داخل المجال الإدراكي لديه، قام روجرز بالتعبير عن ثقته في التقارير الذاتية عن السلوك، بدرجة أكبر من المعلومات التي حصل عليها من الاختبارات والمقاييس من الإطار المرجعي الخارجي، لأنّ الإطار المرجعي الداخلي للفرد أفضل وأدق بشكل كبير من الإطار المرجعي الخارجي.

المجال الظاهري Phenomenal field

يكون الفرد في وسط المجال الظاهري أو المجال الشعوري، يتماشى الفرد بشكل كلّي مع المجال الظاهري مثلما يدركه، فالمجال الظاهري يعتبر عالم الخبرة المتغير بشكل مستمر، هو كل الخبرات ومجموعها، أيضاً هو عالم شخصي لذات الفرد، يتضمّن المدركات الشُّعورية للفرد في البيئة الخاصة به.

يقوم الفرد بالتفاعل مع المجال الظاهري، يعتبر على الأقل من جهة الفرد واقعي وحقيقة، فمثلاً من الممكن أن يرى مريض الفصام الهذائي أنّ من حوله يتحدثون عليه، قد يكون هذا صحيح أو غير صحيح أبداً، لكن بالنسبة له يعد هذا واقع وحقيقة تقوم على تحديد استجابته وسلوكه.


شارك المقالة: