النظرية المباشرة للذاكرة في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


تتمثل النظرية المباشرة للذاكرة في علم النفس بالنظرية التي شغلها العالم توماس ريد، حيث تستحق نظرة توماس ريد للذاكرة المناقشة؛ فقط لأنها توفر تباينًا واضحًا مع وجهة نظر العالم جون لوك وديفيد هيوم وآلة النظرية التمثيلية للذاكرة بأكملها.

النظرية المباشرة للذاكرة في علم النفس

لم يكن العالم توماس ريد ناقدًا للنظرية التمثيلية للذاكرة فحسب، بل كان ناقدًا لنظرية الأفكار بأكملها التي استندت إليها، وهكذا كان يعارض النظرية التمثيلية للإدراك تمامًا كما كان في النظرية التمثيلية للذاكرة، على عكس هذه النظرية والنظريات التمثيلية بشكل عام تمسك ريد بنظرية الذاكرة التي سأطلق عليها نظرية الذاكرة المباشرة.

من وجهة نظر ريد تكون الذاكرة فورية بنفس الطريقة التي يكون فيها الإدراك فوريًا، إن رؤيته تكون فورية إذا لم يكن هناك أي شيء آخر، وهذا يعني أنه بفضل رؤيته، حيث ترى النظرية التمثيلية للإدراك أن تصورنا للعالم يتم دائمًا التوسط بها من خلال إدراك أفكارنا عن المعنى أو في مفردات هيوم انطباعاتنا، هذه الأفكار والانطباعات وهذه التمثيلات تتوسط معرفتنا بالعالم إذا كانت هناك معرفة بالعالم.

يعتقد ريد أنه لا يوجد سبب لطرح الأفكار التي نتصورها على الفور، هذا لا يعني أن إدراكنا للعالم يفتقر إلى عنصر اختباري ولكن فقط لإنكار أنه من خلال إدراكنا لهذا العنصر أننا ندرك العالم، حيث اعتقد ريد أنه تمامًا كما كانت التمثيلية للإدراك معيبة، كذلك كانت النظرية المباشرة للذاكرة.

هناك عنصر تجريبي في الذاكرة لكن هذا لا يبدأ في إظهار أن الفرد يمكن أن يتذكر موقف فقط بحكم تذكر الصورة الذهنية، ويتطلب الانتقال من التجربة إلى النظرية التمثيلية خطوتين يتمثلان في تجسيد التجربة في فكرة أو صورة والادعاء المعرفي بأن معرفة الشخص بأنه قام بالموقف يتم توسطه من خلال المعرفة السابقة بتلك الفكرة أو الصورة.

مفهوم الذاكرة في النظرية المباشرة للذاكرة في علم النفس

ما هي الذاكرة من وجهة نظر ريد في النظرية المباشرة للذاكرة؟ وفقا لريد الذاكرة هي كلية يمكننا بواسطتها أن يكون لدينا معرفة فورية بالأشياء الماضية، حيث أنها تعطينا الحواس معلومات عن الأشياء فقط كما هي موجودة في الوقت الحاضر، وهذه المعلومات إذا لم يتم حفظها بالذاكرة ستختفي على الفور، وتتركنا جاهلين كما لو أنها لم تكن.

موضوع الذاكرة يجب أن يكون شيئًا ماضيًا عن ما هو الآن، حيث لا يمكن أن يكون موضوعًا للذاكرة ولا يمكن أن يكون ما مضى وماضي موضوعًا للإدراك أو للوعي، ومنها تترافق الذاكرة دائمًا مع الإيمان بما نتذكره، حيث يصاحب الإدراك الاعتقاد بأن ما ندركه هو صحيح.

لذا فإن وصف ريد للذاكرة يعتبر مباشر من حيث أنه يصر على أن لدينا معرفة فورية بالأشياء الماضية، والتذكر هو فعل من أفعال العقل وبفضل هذا الفعل لدينا معرفة بالماضي، لذا يرفض ريد رفضًا قاطعًا ما ادعى البعض أنه مرجع، عندما يتذكر المرء ما يتذكره يجب أن يكون حاضرًا في وقت التذكر، في الواقع لا يرفض ريد هذا المبدأ فحسب بل يقبل نقيضه عندما يتذكر المرء ما يتذكره، لا يجب أن يكون حاضرًا عندما يتذكره بل يجب أن يكون في الماضي بدلاً من ذلك.

قد يُسأل كيف يمكن تذكر شيء ما ومن ثم يكون حاضرًا أمام الذهن بينما في نفس الوقت ليس في الحاضر ولكن في الماضي، حيث يسمح ريد بأنه لا يوجد شيء يمكن أن يكون حاضرًا أمام العقل وفي الوقت نفسه في الماضي، لكنه يصر على أن نظريته لا تنطوي على مثل هذه النتيجة، ومنها يدعي ريد أنه في حين أن موضوع الذاكرة بالضرورة كان في الماضي في الوقت الذي يتم تذكره فيه.

الفعل المعرفي للتذكر في النظرية المباشرة للذاكرة في علم النفس

ما هو بالضبط الفعل المعرفي للتذكر في النظرية المباشرة للذاكرة؟ وما الذي يميزها عن غيرها من الأحداث العقلية؟ إذا كنا نبحث عن تحليل كامل للذاكرة من العالم توماس ريد، فسوف نشعر بخيبة أمل، على الرغم من أن ريد يشير إلى خصائص معينة للذاكرة أي أن الكائن يجب أن يكون في الماضي، وأنه يوفر معرفة فورية، وأن الشيء الذي تم تذكره يختلف عن تذكره، ويبدو أنه يعتقد أنه موجود في نهاية غير قابلة للتحليل.

يكتب ريد إن المعرفة التي لدينا بالأشياء الماضية من خلال ذاكرتنا، تبدو لنا غير خاضعة للمساءلة مثل المعرفة الفورية بالأشياء القادمة، ولا يمكننا إعطاء سبب لماذا يجب أن يكون لدينا أحدهما وليس الآخر، ولكن هذا هو إرادة حقيقية، حيث يجد ريد في ذهنه تصورًا متميزًا وإيمانًا راسخًا بسلسلة من الأحداث الماضية، لكن كيف يتم إنتاج هذا لا يعرف ويسميها ذاكرة.

يمكن فهم ادعاء العالم توماس ريد في النظرية المباشرة للذاكرة بأن الذاكرة غير خاضعة للمساءلة بطريقتين مختلفتين على الأقل، قد يقصد فقط أنه ليس لديه حساب للأعمال الفعلية للكلية المعرفية، وأنه يفتقر إلى نظرية نفسية لعمل الآلية التي نتذكر بها، ومع ذلك لن يكون هذا سببًا للاعتقاد بأن الذاكرة غير خاضعة للمساءلة، ولكن فقط غير محسوبة حاليًا.

لذا فإن التفسير الأكثر منطقية هو أن الذاكرة غير قابلة للتحليل، حيث يبدو أن إصرار ريد على أن الذاكرة لا يمكن تفسيرها من خلال علاقة بصورة ما، لكنها بدلاً من ذلك معرفة فورية بالماضي، يدعم القراءة غير القابلة للتحليل، وإن تسمية الذاكرة غير قابلة للتحليل بالمعنى الذي يدور في ذهن ريد يعني أنه لا يمكن تحليلها أو اختزالها إلى أجزاء مكونة.

التذكر في النظرية المباشرة للذاكرة في علم النفس

شهد القرن العشرين القليل من العمل على النظرية المباشرة للذاكرة مع وجود النظرية المعرفية للذاكرة أيضًا بقدر ما نوقشت الذاكرة في الأدبيات المعرفية في منتصف القرن الماضي، كانت القضية المثيرة للقلق هي طبيعة التذكر، حيث كان هناك تقليد يعود إلى العالم جون لوك وديفيد هيوم والذي بموجبه أن وجود ذكرى لحدث ما يتطلب الإيمان بوقوع الحدث.

يقدم علماء النفس سببًا مقنعًا للاعتقاد بأن الاعتقاد ليس ضروريًا لتذكر شيئًا ما، ويقدمون مثالاً للرسام الذي يعتقد أن المشهد الذي يرسمه مستمد من خياله وليس من ذاكرته، ومع ذلك اتضح أن الصورة الذهنية التي توجه عمله هي نتاج تجربته في مزرعة عندما كان صغيرًا جدًا، لذلك يتذكر الفرد على سبيل المثال الحصان وهو يركض عبر المرج على الرغم من اعتقاده أن هذا هو نتاج خياله فإنه لا يعتقد أن ما يصوره هو حدث حقيقي.

في النهاية نجد أن:

1- النظرية المباشرة للذاكرة في علم النفس جاءت لتعكس التصورات التي رفضت بها النظرية التمثيلة ربط الماضي بالحاضر.

2- من حيث أن النظرية المباشرة للذاكرة تفتح المجال للفرد بالرجوع للماضي من حيث الأفكار والذكريات وغيرها من المعرفة السابقة؛ من أجل ربطها بالمواقف الجديدة المشابهة والاستفادة منها.


شارك المقالة: