الوسواس القهري الفكري

اقرأ في هذا المقال


من الممكن أن تراود أي شخص أفكار وسواسية خلال حياته اليومية، إلا أنها تختفي بشكل سريع على عكس الشخص المريض بالوسواس القهري، حيثُ إنّها ترافقه وتشعره بالقلق، أحياناً يشعر بالألم إذا حاول إبعاد الفكرة عن ذهنه، كما يعيقه هذا المرض عن أداء نشاطات حياته اليومية، فقد يقوم بعض مريض الوسواس القهري بإيذاء نفسه بدون أي وعي منه.

الوسواس القهري الفكري

هو أن تسيطر فكرة معينة على ذهن الشخص المريض، حيث تصاحبه أثناء صحوته بالرغم من أنّه قد فكرَ فيها بعناية، كما أنه قام باتخاذ قراراته بخصوصها، إلا أنّها لا تبتعد عن ذهنه، مع أنّه مقتنع بشكل تام إنّه لا يجب أن يفكر فيها، مثل أن يقوم بتفقد الغاز في المطبخ عدة مرات متتالية.

الوسواس القهري الفكري، والمعروف اختصارًا بـ (OCD)، هو نوع من اضطرابات الوسواس القهري يتميز بوجود أفكار ملحة ومتكررة تشغل ذهن الشخص لفترات طويلة وتسبب له قلقًا كبيرًا. هذه الأفكار لا تكون تحت سيطرة الشخص، رغم أنه يعلم أنها غير منطقية أو مفرطة. في بعض الأحيان، تكون هذه الوساوس مرتبطة بمخاوف لا مبرر لها مثل الخوف من التلوث أو التسبب في ضرر للآخرين أو عدم اليقين حول بعض الأمور اليومية.

يأتي مع هذه الوساوس حاجة ملحة للقيام بأفعال معينة (سلوكيات قهرية) بغرض تخفيف القلق الناجم عن هذه الأفكار، مثل تكرار الأفعال أو التفقد المستمر. ولكن في حالة الوسواس القهري الفكري، قد تكون الأفعال القهرية أكثر ذهنية، كإعادة التفكير في الأمر نفسه أو محاولة تهدئة المخاوف عبر التفكير المتكرر.

التعامل مع مريض الوسواس القهري الفكري

  • يجب أن نتذكّر أن من يتحدث ويفكر هو المرض نفسه وليس المريض، خصوصاً إذا شعر المريض أنّ محاولة المساعدة هي تدخل غير مرغوب فيه.
  • التفهم والصبر على المريض؛ لأنّها تعد طريقة جيدة للتخلص من أعراض المرض.
  • عدم التوقع من المريض أن ينجز الكثير، يجب محالة توجيهه للأمور الإيجابية في حياته.
  • التذكر بشكل دائم أنّ المريض يكره مرضه أكثر من غيره، لذلك لا يجب دفعه بشدّة للتخلّص من مرضه.

أعراض الوسواس القهري الفكري

أعراض الوسواس القهري الفكري تتضمن:

  • أفكار متكررة وغير مرغوبة: الشخص قد يعاني من أفكار متطفلة وملحة تتعلق بأمور مثل النظافة، الدين، الأخلاق، أو حتى أفكار عدوانية تجاه نفسه أو الآخرين.
  • محاولة تجاهل الأفكار أو مقاومتها: على الرغم من محاولة الشخص تجاهل هذه الأفكار أو مقاومتها، فإنها تستمر في الظهور وتسبب له ضيقًا وقلقًا كبيرًا.
  • سلوكيات قهرية ذهنية: في بعض الحالات، تكون الاستجابة للأفكار القهرية مجرد إعادة التفكير في نفس الأفكار مرة أخرى أو محاولة “تصحيح” الأفكار السلبية بأفكار إيجابية أو مريحة.
  • الشعور بالإجهاد والضيق: الشخص المصاب بالوسواس القهري الفكري يشعر بالتعب نتيجة المحاولات المستمرة للسيطرة على الأفكار المزعجة، مما يؤدي إلى تأثير كبير على حياته اليومية ونشاطاته.

أسباب الوسواس القهري الفكري

الوسواس القهري الفكري يُعزى إلى عدة عوامل، تشمل:

  • عوامل بيولوجية: قد تكون هناك اختلالات في مستويات الناقلات العصبية في الدماغ، مثل السيروتونين، مما يؤثر على قدرة الشخص في التحكم بالأفكار المتطفلة.
  • عوامل وراثية: هناك أدلة تشير إلى أن الوسواس القهري يمكن أن ينتقل عبر الأجيال، مما يعني أن الشخص الذي لديه أقارب يعانون من الاضطراب قد يكون أكثر عرضة للإصابة به.
  • عوامل بيئية: التعرض لصدمات نفسية أو تجارب مؤلمة في الطفولة قد يزيد من خطر تطوير الوسواس القهري الفكري.
  • السمات الشخصية: بعض الأشخاص الذين يميلون إلى التفكير المفرط، أو لديهم حاجات قوية للتحكم أو الترتيب، قد يكونون أكثر عرضة لتطوير الوسواس القهري الفكري.

تأثير الوسواس القهري الفكري على الحياة اليومية

الوسواس القهري الفكري يمكن أن يكون مرهقًا جدًا، حيث أنه يسيطر على أفكار الشخص ويؤثر على قدرته على التركيز في الأنشطة اليومية. الشخص قد يجد صعوبة في العمل أو الدراسة أو حتى الاستمتاع بأوقات الفراغ بسبب الانشغال المستمر بالأفكار القهرية.

كما قد يؤثر الوسواس القهري الفكري على العلاقات الاجتماعية، حيث قد يشعر الشخص بالانزعاج من نفسه أو من الآخرين إذا لم يفهموا ما يمر به. وقد يميل المصابون بالوسواس القهري إلى العزلة خوفًا من الانتقاد أو الرفض.

طرق علاج الوسواس القهري الفكري

لحسن الحظ، هناك عدة طرق فعالة لعلاج الوسواس القهري الفكري، وتتنوع هذه العلاجات بين العلاج النفسي والعلاج الدوائي.

1. العلاج السلوكي المعرفي (CBT)

يعتبر العلاج السلوكي المعرفي من أكثر العلاجات فعالية للوسواس القهري الفكري. يهدف العلاج إلى تغيير أنماط التفكير السلبي واستبدالها بأفكار أكثر إيجابية ومنطقية. يستخدم المعالج تقنيات مثل “التعرض ومنع الاستجابة”، حيث يتم تعريض المريض تدريجيًا للأفكار المزعجة مع محاولة منع الاستجابات القهرية.

2. العلاج الدوائي

الأدوية المضادة للاكتئاب، مثل مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، قد تكون فعالة في تخفيف أعراض الوسواس القهري الفكري. هذه الأدوية تساعد في تحسين توازن الكيمياء العصبية في الدماغ، مما يقلل من تكرار الأفكار الوسواسية.

3. العلاج الجماعي والدعم الاجتماعي

يمكن أن يكون الدعم الاجتماعي من العائلة والأصدقاء أو المشاركة في مجموعات دعم مفيدة جدًا للمصابين بالوسواس القهري الفكري. مشاركة التجارب مع الآخرين الذين يمرون بتجارب مشابهة يمكن أن يخفف من الشعور بالعزلة ويمنح الشخص الدعم العاطفي اللازم.

4. التدريب على الاسترخاء وتقنيات التأمل

تقنيات الاسترخاء مثل التأمل، التنفس العميق، واليوغا يمكن أن تساعد في تقليل التوتر والقلق المرتبطين بالأفكار الوسواسية. كما تساعد هذه التقنيات في تحسين التركيز والقدرة على تهدئة العقل.

نصائح للتعامل مع الوسواس القهري الفكري

  • الاعتراف بالمشكلة: الخطوة الأولى نحو التعافي هي الاعتراف بأن الوسواس القهري الفكري مشكلة تحتاج إلى التعامل معها بجدية.
  • البحث عن الدعم: التحدث مع معالج نفسي أو أخصائي يمكن أن يكون مفتاحًا لفهم المشكلة والبدء في علاجها.
  • عدم الاستسلام للأفكار: من المهم محاولة مواجهة الأفكار القهرية وعدم السماح لها بالسيطرة على حياتك.
  • الحفاظ على نمط حياة صحي: النوم الجيد، التمارين الرياضية، والتغذية السليمة قد تساهم في تحسين الحالة النفسية بشكل عام.

الوسواس القهري الفكري قد يكون تجربة صعبة ومرهقة، لكنه ليس نهاية المطاف. مع الدعم الصحيح والعلاج المناسب، يمكن للأشخاص المصابين بالوسواس القهري الفكري أن يتعلموا كيفية التحكم في أفكارهم والعيش حياة منتجة وسعيدة. المفتاح هو الفهم، الصبر، والمثابرة على العلاج.


شارك المقالة: