تأثير السلوك والإدراك والعاطفة في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يستند علم النفس الاجتماعي على أبجديات معينة تتمثل في التأثير، والسلوك والإدراك؛ من أجل الحفاظ على حياتنا وتعزيزها بشكل فعال من خلال التفاعل الناجح مع الآخرين، فإننا نعتمد على هذه القدرات البشرية الأساسية الثلاثة والمترابطة.

مفهوم علم النفس الاجتماعي من خلال الإدراك والعاطفة والسلوك

يمكننا أن نرى أن الجوانب الثلاثة المتمثلة في الإدراك والعاطفة والسلوك تعكس بشكل مباشر الفكرة في تعريفنا لعلم النفس الاجتماعي التي تتمثل في دراسة مشاعر وسلوكيات وأفكار الأفراد في الموقف الاجتماعي، على الرغم من أننا ننظر بشكل متكرر كل من القدرات على حدة، علينا النظر أن الثلاثة يعملون معًا لإنتاج تجربة بشرية.

دور الإدراك الاجتماعي في علم النفس الاجتماعي

يحتوي دماغ الإنسان على حوالي 86 مليار خلية عصبية، يمكن لكل منها الاتصال بعشرات الآلاف من الخلايا العصبية الأخرى، والسمة المميزة للدماغ هي القشرة الدماغية المتطورة مؤخرًا وهي جزء الدماغ الذي يشارك في التفكير، حيث يعتبر البشر أذكياء للغاية ويستخدمون الإدراك في كل جزء من حياتهم الاجتماعية، ومنها يشير علماء النفس إلى الإدراك باعتباره النشاط العقلي لمعالجة المعلومات واستخدام تلك المعلومات في الحكم، أي أن الإدراك الاجتماعي هو الإدراك الذي يتعلق بالأنشطة الاجتماعية والذي يساعدنا على فهم والتنبؤ بسلوك أنفسنا والآخرين.

بمرور الوقت يطور الأشخاص مجموعة من المعارف الاجتماعية التي تحتوي على معلومات حول الذات والأشخاص الآخرين والعلاقات الاجتماعية والفئات الاجتماعية، وهناك نوعين من المعرفة ذات الأهمية الخاصة في علم النفس الاجتماعي تتمثل في المخططات و المواقف، فالمخطط هو تمثيل المعرفة التي تتضمن معلومات حول شخص أو مجموعة، والموقف هو تمثيل المعرفة التي تضم في المقام الأول لدينا تروق أو الكره للشخص أو شيء، أو مجموعة.

بمجرد تشكيلها تسمح لنا المخططات والمواقف بالحكم بسرعة ودون الكثير من التفكير فيما إذا كان شخص ما أو شيء نواجه جيدًا أو سيئًا مفيدًا أو مؤذًا يجب البحث عنه أو تجنبه، وبالتالي فإن المخططات والمواقف لها تأثير مهم على معالجة المعلومات الاجتماعية والسلوك الاجتماعي لدينا.

يتضمن الإدراك الاجتماعي التفسير النشط للأحداث، نتيجة لذلك قد يتوصل الأشخاص المختلفين إلى استنتاجات مختلفة حول نفس الأحداث، فحقيقة أن الأشخاص المختلفين يفسرون نفس الأحداث بشكل مختلف يجعل الحياة ممتعة، ولكنها قد تؤدي في بعض الأحيان إلى الخلاف والصراع، بالتالي يدرس علماء النفس الاجتماعي كيف يفسر الناس ويفهمون عوالمهم.

دور التأثير الاجتماعي والعواطف في علم النفس الاجتماعي

تشير العاطفة إلى المشاعر التي نختبرها كجزء من حياتنا اليومية، مع تقدم يومنا قد نجد أنفسنا نشعر بالسعادة أو الحزن أو الغيرة أو الامتنان أو الفخر أو الإحراج، على الرغم من أن التأثير يمكن أن يكون ضارًا إذا كان غير منظم أو غير مراقب فإن تجاربنا العاطفية تساعدنا عادة على العمل بكفاءة وبطريقة تزيد من فرصنا في البقاء على قيد الحياة، يشير التأثير والعاطفة إلى أن الأمور تسير على ما يرام على سبيل المثال لأننا في حالة مزاجية جيدة أو نشعر بالفرح أو الصفاء أو أن الأمور لا تسير على ما يرام فنحن في حالة مزاجية سيئة أو قلقون أو منزعجون أو غاضبون.

يمكن أن يقودنا التأثير والعاطفة أيضًا إلى الانخراط في سلوكيات مناسبة لتصوراتنا عن موقف معين، أي عندما نكون سعداء قد نبحث عن الآخرين ونتواصل معهم وعندما نغضب قد نهاجم غيرنا وعندما نخاف قد نهرب.

لدينا خبرة وتؤثر في شكل المزاج والعواطف حيث يشير المزاج إلى المشاعر الإيجابية أو السلبية الموجودة في خلفية تجاربنا اليومية، ففي معظم الأوقات نحن في مزاج جيد نسبيًا، وللمزاج الإيجابي بعض النتائج الإيجابية فهو يشجعنا على القيام بما يجب القيام به والاستفادة القصوى من المواقف التي نمر بها، وعندما نكون في حالة مزاجية جيدة تنفتح عمليات تفكيرنا ونزداد احتمالية الاقتراب من الآخرين.

نحن أكثر ودية ومساعدة للآخرين عندما نكون في مزاج جيد أكثر مما نكون في حالة مزاجية غير جيدة، وقد نفكر بشكل أكثر إبداعًا، ومن ناحية أخرى عندما نكون في حالة مزاجية غير جيدة فمن الأرجح أن نفضل البقاء بمفردنا بدلاً من التفاعل مع الآخرين ويتأثر إبداعنا.

تكون العواطف موجزة لكنها غالبًا ما تكون شديدة وحالات الشعور الذهني والفسيولوجي بالمقارنة مع الحالة المزاجية، فإن العواطف هي أشكال تأثير أقصر وأقوى وأكثر تحديدًا في علم النفس الاجتماعي، تنجم المشاعر عن أحداث معينة أي أشياء تجعلنا على سبيل المثال نشعر بالغيرة أو الغضب، وتكون مصحوبة بمستويات عالية من الإثارة، في حين أننا نختبر الحالة المزاجية في المواقف اليومية العادية، فإننا نشعر بالعواطف فقط عندما تكون الأمور خارجة عن المألوف أو غير عادية، وتلعب العواطف دورًا تكيفيًا في مساعدتنا في توجيه سلوكياتنا الاجتماعية.

دور السلوك والتفاعل مع الآخرين في علم النفس الاجتماعي

نظرًا لأننا نتفاعل مع بعضنا البعض ونؤثر فيه كل يوم فقد طورنا القدرة على إجراء هذه التفاعلات بكفاءة وفعالية، حيث أننا نتعاون مع أشخاص آخرين لتحقيق نتائج لم نتمكن من الحصول عليها بمفردنا، ونتبادل السلع والخدمات والمزايا الأخرى مع أشخاص آخرين، حيث أن مثل هذه السلوكيات ضرورية للبقاء في أي مجتمع.

يعتبر تبادل السلع والخدمات، والعواطف، والنتائج الاجتماعية الأخرى كما هو معروف التبادل الاجتماعي، وتشمل المكافآت الاجتماعية النتائج الإيجابية التي نعطيها ونتلقاها عندما نتفاعل مع الآخرين ومزايا مثل الاهتمام والثناء والمودة والحب والدعم المالي، والتكاليف الاجتماعية النتائج السلبية التي نعطيها ونتلقاها عندما نتفاعل مع الآخرين، من ناحية أخرى تشمل على سبيل المثال الإحباطات التي تتراكم عندما تتطور الخلافات مع الآخرين، والشعور بالذنب الذي ينتج إذا أدركنا أننا تصرفنا بشكل غير لائق والجهد المبذول في تطوير العلاقات الشخصية المتناغمة والمحافظة عليها.

فعند تخيل طالبًا في السنة الأولى في الكلية أو الجامعة يحاول أن يقرر ما إذا كان سينضم إلى نادي طلابي أم لا، الانضمام إلى النادي له تكاليف من حيث المستحقات التي يجب دفعها والحاجة إلى تكوين صداقات مع كل من أعضاء النادي الآخرين وحضور اجتماعات النادي وما إلى ذلك، من ناحية أخرى هناك فوائد محتملة لعضوية المجموعة، بما في ذلك وجود مجموعة من الأصدقاء لديهم اهتمامات مماثلة وشبكة اجتماعية للمساعدة في العثور على أنشطة للمشاركة فيها، ولتحديد ما إذا كان سينضم أم لا ، يجب على الطالب أن يوازن بين كل من التكاليف والفوائد الاجتماعية والمادية قبل التوصل إلى نتيجة.

يفضل الناس عمومًا تعظيم نتائجهم من خلال محاولة الحصول على أكبر عدد ممكن من المكافآت الاجتماعية ومحاولة تقليل تكاليفهم الاجتماعية، مثل هذا السلوك يتوافق مع هدف حماية الذات وتعزيزها، ولكن على الرغم من أن الناس يتصرفون وفقًا لأهداف الاهتمام بالنفس، إلا أن هذه الأهداف تلطفها مخاوف أخرى مثل أهداف احترام الآخرين وقبولهم والتعاون معهم.


شارك المقالة: