تصنيف الأنماط المعرفية في علم النفس المعرفي

اقرأ في هذا المقال


دور علماء النفس في تصنيف الأنماط المعرفية:

جرت محاولات عديدة من قبل علماء النفس لتصنيف الأنماط المعرفية، حيث اختلفت التصورات والآراء التي قدموها هؤلاء العلماء بشأن تصنيف هذه الأنماط المعرفية، وذلك بالنظر إلى طبيعة الاهتمامات البحثية، فعلى سبيل المثال نجد ويتكن وزملائه كانوا أكثر اهتماماً في النمط المعرفي المستقل عن المجال مقابل المعتمد على المجال في الإدراك.

في حين ميز بروفرمان بين نمطين معرفيين وهما النمط المعتمد على التصور مقابل النمط المعتمد على الحركة، كما وكان لكل من ميسك وجيلفورد وبيري مساهمات هامة في هذا المجال، مجال تصنيف الأنماط المعرفية والذي سوف نوضح من خلال هذا المقال.

تصنيف الأنماط المعرفية في علم النفس المعرفي:

يتمثل تصنيف الأنماط المعرفية في علم النفس المعرفي من خلال ما يلي:

نمط الاعتماد على المجال مقابل النمط المستقل عن المجال:

يشير هذا النمط إلى الفروق الفردية التي يتميز بها الأفراد في عمليات إدراكهم للمواقف المختلفة من حيث تعهدهم وتمسكهم بالسياق الكلي الذي يحصل به الموقف أو التعامل معه على نحو مستقل، والأفراد الذين يعتمدون على المجال ينظرون إلى المجال الكلي الذي يحدث فيه الموقف بما يتضمنه من تفاصيل ولا يستطيعون التعامل مع الموقف على أنه جزء مستقل عن المجال الذي يحدث فيه.

في حين أن الأفراد المستقلين في إدراكهم عن المجال هم أكثر قدرة على التحليل والتفسير، ويستطيعون فصل الموقف عن المجال الذي يحدث فيه، والأفراد المعتمدون على إدراكهم عن المجال غالباً ما يواجهون صعوبة في إدراك المواقف كأجزاء منفصلة عن بعضها البعض، وظهر أنهم لا يستطيعون التمييز بين الموضوع والخلفية في اختبارات الأشكال المتضمنة مقارنة مع الأفراد المستقلين عن هذا المجال في الإدراك.

نمط التركيز مقابل التفحص:

يعكس هذا النمط الفروق الفردية من حيث توجيه الانتباه والتركيز على الأحداث والمثيرات التي يقوم  الأفراد بمواجهتها ويتفاعلون معها فالأشخاص ذوي نمط التركيز هم أكثر انتباه وتركيز على المواقف والمثيرات والعوامل المختلفة، ولا يتعجلون في إصدار الأحكام واتخاذ قرارات بشأنها.

ويمتاز هؤلاء بقدر عالي من الانتباه لهذه المواقف والاستمرار في الانتباه، ثم يتم إدراكها وفهمها بشكل صحيح في حين، نجد أن الأفراد ذوي نمط التفحص يمتازون بسرعة تفحص الموقف ووضع الفرضيات حوله؛ لأنهم أقل انتباهاً للموقف وأقل تركيز وغالباً ما يتسمون بالنظرة السطحيه وأقل اهتمام بالتفاصيل، ونجدهم سرعان ما يعيدون النظر مرة أخرى في الموقف عندما تفشل افتراضاتهم.

نمط التعقيد مقابل التبسيط:

يعكس هذا التصنيف الفروق الفردية بين الاشخاص من حيث تعديل وتقويم المواقف وتحليلها، وأهمها المواقف الاجتماعية، فالأفراد ذوي النمط التقليدي هم أكثر قدرة على التعامل مع أبعاد المواقف الاجتماعية، وهم أكثر قدرة على تحليل عناصرها وإدراك العلاقات القائمة بينها.

في حين نجد أن الأشخاص ذوي النمط التبسيطي هم أكثر سطحية في مواجهتهم لجميع المواقف الاجتماعية، وبالتالي هم أقل قدرة على إدراك الأبعاد المرتبطة بها، وهكذا نجد أن الأشخاص ذوي النمط التقليدي هم اكثر قدرة على التعامل مع المواقف المجردة، مقارنة بأقرانهم من ذوي أنماط التبسيط الذين هم أكثر اعتماداً على المحسوسات في إدراكهم.

نمط تحمل الغموض مقابل عدم تحمل الغموض:

يرتبط هذا التصنيف في الفروق الفردية التي توجد بين الأشخاص من حيث استحسانهم أو عدم استحسانهم للمواقف الغامضة، فالأشخاص يختلفون في استعدادهم لتقبل ما يحيط بهم من مواقف إدراكية، ولا سيما تلك الغامضة منها، وهؤلاء الأشخاص الذين يتسمون بنمط تحمل الغموض يتسمون بقدرة على التفاعل مع المواقف الغامضة، ويبذلون مجهوداً عالياً في محاوله منهم لفهمها وإدراكها.

أما الأشخاص الذين يمتازون بنمط عدم تحمل الغموض فنجدهم أقل قدرة على التكيف مع المواقف الصعبة والغامضة، وهم سرعان ما يظهرون عدم الارتياح، وعدم الرضا عند مواجهة هذه المواقف، وغالباً ما يتوجهون إلى مصادر أخرى في محاولة منهم؛ من أجل توضيح هذا الغموض، وبالتالي فهم أكثر ميل لمواقف معروفة وأكثر تجنب للمواقف غير المعروفة، مقارنة بالأشخاص الآخرين من ذوي نمط تحمل الغموض.

نمط الشمولية مقابل القصور:

يشير هذا التصنيف إلى الفروق الفردية بين الأشخاص في إدراك المواقف بصورة شاملة متكاملة، على نحو لا يحتمل النقاش أو الاختلاف، مقابل القصور في إدراك هذه المواقف وتقبل الاختلافات فيها، والأشخاص الذين يتسمون بالنمط الشمولي يتجهون إلى إدراك الظروف على نحو كامل وشامل، بحيث لا يتحمل وجود أي تباينات فيها، أما الأشخاص الذين يتسمون بنمط القصور غالباً ما يتفاعلون مع الظروف على نحو فرعي، ويتسم إدراكهم لمثل هذه الظروف بالقصور ويتقبلون وجود التناقضات فيها.

نمط المخاطرة مقابل الحذر:

يعكس هذا التصنيف الفروق الفردية التي تكون بين الأفراد من حيث السرعة والمخاطرة في اتخاذ القرارات، وقبول المواقف غير التقليدية، فالأشخاص الذين يتسمون بنمط الحذر هم أكثر انتباهاً للمواقف ولا يتسرعون في اتخاذ القرارات حيالها، وهم أقل اتجاهاً للمجازفة أو المخاطرة في مواجهة المواقف الجديدة وغير المعروفة بالنسبة لهم، أما فئة الأشخاص ذوي نمط المخاطرة هم في الغالب أكثر سعي للمخاطرة والتجريب وأكثر قدرة على مواجهة المواقف الجديدة غير المألوفة.

نمط الضبط المتصلب مقابل المرن:

يعكس هذا التصنيف الفروق الفردية بين الأشخاص من حيث قدرتهم للتأثر بمثيرات الانتباه والاختلافات المعرفية في الظروف التي يواجهونها، والأشخاص الذين يتسمون بنمط التصلب هم أقل قدرة على استبعاد مثيرات الانتباه الموجودة في الموقف؛ لأنهم أقل قدرة على إجراء مثل هذه المثيرات.

في حين أن الأشخاص الذين يتسمون بالنمط المرن هم أكثر قدرة على ترك المثيرات الموجودة في الإدراك، وأكثر تمييز للاختلافات المعرفية الموجودة فيه، في الوقت الذي تتأثر فيه استجابات الفرد بالنمط المتصلب مثيرات الانتباه والاختلافات المعرفية الموجودة في الموقف، نجد أن استجابة أفراد النمط المرن أكثر مرونة ودقة وأقل تأثير بالمثيرات.

نمط الإندفاعي مقابل التأملي:

يعكس هذا التصنيف الفروق الفردية التي توجد بين الأفراد من حيث السرعة والدقة والتروي أثناء معالجة المعلومات المرتبطة بالمواقف التي يتعرضون لها، والأشخاص الذين يمتازون بالنمط التأملي هم أكثر اتجاه للتريث في تنفيذ المهمة واكثر فحص للعناصر التابعة للظروف.

وبالتالي فهم أقل والوقوع في الأخطاء أو اتخاذ قرارات متسرعة غير مخطط لها، أما الاندفاعيون فغالباً ما يتسرعون في أداء المهمات، ولا يدققون في جميع عناصر المواقف، مما يتسبب في وقوعهم في أخطاء كثيرة أو اتخاذ قرارات مستعجلة، كما ويمتاز أصحاب هذا النمط في سرعة الانفعال والتعصب في المواقف الصعبة أو الحرجة.


شارك المقالة: