تعديل السلوك المعرفي لذوي الاحتياجات الخاصة:
جاء انبثاق أساليب تعديل السلوك المعرفي بمثابة رد فعل على منحى تعديل السلوك التقليدي، كونه لا يعطي اهتمام كافي بالعمليات المعرفية، فلقد رأى البعض أن هذا المنحى لا يقدم تفسير شامل للظواهر السلوكية.
تعد قوانين التعلم أكثر تعقيد من تلك المتعلقة بالمظاهر السلوكية الظاهرة التي يتناولها هذه المنهج، وحجر الزاوية في تعديل السلوك المعرفي هو التأكيد من العمليات المعرفية، وبالتالي يجب أخذها بالاعتبار حتى ولو لم تكن قابلة للملاحظة المباشرة و الدراسة الموضوعية.
يعتمد مجال تعديل السلوك المعرفي على افتراض أن الفرد ليس سلبياً، حيث أن الفرد لا يستجيب للمحفزات السلبية فقط بل يتفاعل معها ويصنع مفاهيم حولها، بمعنى أخر يعتقد معدلو السلوك المعرفي، أن هناك تفاعل مستمر بين المحفزات البيئية والعمليات المعرفية والسلوك.
ويسمي (ألبرت باندروا) هذا التفاعل بالحتمية المتبادلة أو التبادل السببي، وما يعنيه ذلك هو أن الإنسان يطور مفاهیم معينة عن المثيرات البيئية وعلاقتها بعضها ببعض، وهذه المفاهيم بدورها تؤثر في ردود الأفعال التي تحدث لديه، والسلوك الذي يصدر عنه.
إن دراسة العلاقات بين المحفزات والاستجابات في حد ذاتها ليست كافية، ولكن يجب دراسة العمليات المعرفية التي تتوسط هذه العلاقة، عندما يتعرض الشخص لحافز معين فإن يعطي تفسيرا له، والاستجابة التي تنبعث منه تعتمد بالضرورة على معنى المثير والتفسير الذي يعطيه الشخص.
ويعتقد معدلو السلوك المعرفيون أن هذه الحقيقة هي التي تفسر استجابة الناس بطرق مختلفة للمثيرات المتشابهة، وفي هذا الصدد يمكننا الإشارة إلى أن القول المأثور في ميدان تعديل السلوك المعرفي، هو أن الإنسان لا ينزعج من الأشياء التي تحدث له بحد ذاتها، وإنما من تفسيره لتلك الأشياء.
وبناء على ذلك، فإن تعديل السلوك المعرفي يعمل على تغيير السلوك عن طريق الاهتمام بطريقة استيعاب الفرد للمحفزات البيئية وتفسيرها، وليس عن طريق تغيير البيئية نفسها بطريقة مباشرة، كما هو الحال في تعديل السلوك عموماً.
ويتضح الاهتمام المتزايد بأساليب تعديل السلوك المعرفي عن طريق المؤلفات العديدة، والبحوث العلمية التي ظهرت في العقدين الماضيين، وظهور مجلة العلاج والبحث المعرفي. ومهما يكن الأمر فإن المنحى السلوكي والمنحى المعرفي ليسا مختلفين فحسب، ولكنهما متناقضان.