الحاجة لأن نكون محبوبين

اقرأ في هذا المقال


الخوف من أن نكون غير محبوبين أو متروكين للوِحدة يعتبر أذى نفسي بالغ، وخصوصاً في مرحلة الصّغر، فالخوف الذي يحول بيننا وبين تقدّمنا، ويضعف من ثقتنا بأنفسنا، ويقضي على رغبتنا في حياة سعيدة، هو الخوف من أن نكون مرفوضين غير مقبولين من قبل الآخرين، فالحبّ حاجة متجدّدة له أشكال عديدة في حياة كلّ شخص منّا، وإذا لم يتم تعزيز هذا الشعور، تنقلب الأمور بشكل عكسي لتصبح خوفاً من الرفض وعدم القبول من قِبَل الآخرين، ويتم اكتساب هذا الإحساس في فترة الصّغر.

كيفية تخطي حالة الخوف من الرفض

الخوف من الفشل والرفض الناتج عن الانتقاد الهدّام في مرحلة الصّغر، يُعَدّ جذراً أصيلاً وراء أغلب مشكلات البؤس والتوتر في حياتنا كراشدين، فنحن نرغب بالقيام بأمر ما، ولكننا نخشى الخسارة والإخفاق، وفي حالة عدم خوفنا من الخسارة، فإنَّنا نكون خائفين من عدم رضا الآخرين عنّا.

بعض الأفراد تسيطر عليهم مخاوفهم خلال حياتهم، فتكون جميع أعمالهم مرتّبة ومُخططة من أجل تجنَب الإخفاق أو الانتقاد، فالناس يفكرون باستمرار في الأمان، بدلاً من أن يناضلوا في سبيل أهدافهم، كما يسعون للطمأنينة، بدلاً من سعيهم نحو الفرص والإمكانات.

كلّ ما علينا فعله في حالة الخوف من الرفض أو الفشل، هو تغيير طريقة تفكيرنا والنظر إلى تجارب الآخرين الناجحة، والابتعاد عن الأفكار السلبية واستبدالها بأفكار إيجابية، وأن نتقبل الفشل على أنَّه طريق للنجاح، وأن نتجاوز كافة المخاوف في طريقنا إلى السعادة.

أصل الحاجة لأن نكون محبوبين

من منظور علم النفس، تعتبر الحاجة لأن نكون محبوبين جزءًا من الاحتياجات الأساسية للبشر، مثل الحاجة إلى الأمان والانتماء. تُعد هذه الحاجة جزءاً من “هرم ماسلو” للاحتياجات، والذي يوضح أن الإنسان يسعى لتحقيق احتياجاته الأساسية أولاً، ثم الاحتياجات الاجتماعية والعاطفية مثل الحب والانتماء. إذ يُعد الشعور بالقبول والمحبة من قِبل الآخرين أمراً ضرورياً لتعزيز تقدير الذات والشعور بالانتماء.

الدوافع وراء الحاجة لأن نكون محبوبين

  • الشعور بالأمان العاطفي: الانتماء إلى مجموعة أو مجتمع يُشعر الشخص بالأمان العاطفي ويقلل من مشاعر العزلة والوحدة. العلاقات الاجتماعية القوية تمنح الفرد دعماً نفسياً وعاطفياً في الأوقات الصعبة.

  • تعزيز تقدير الذات: الشعور بأننا محبوبون ومرغوبون يعزز من تقديرنا لذواتنا. عندما يُظهر لنا الآخرون المحبة والتقدير، نشعر بأن لنا قيمة ونسعى لتحسين صورتنا الذاتية.

  • التواصل والتفاعل الاجتماعي: الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته، ويحتاج إلى التفاعل والتواصل مع الآخرين. الحاجة لأن نكون محبوبين تدفعنا إلى تطوير مهاراتنا الاجتماعية والعمل على بناء علاقات صحية.

  • تأثير النمو الاجتماعي والثقافي: منذ الطفولة، نتعلم أهمية أن نكون محبوبين من خلال تفاعلاتنا مع العائلة والأصدقاء والمجتمع. يتعزز هذا التعلم من خلال القصص والأفلام والثقافة الشعبية التي تظهر الشخصيات المحبوبة كأفراد ناجحين وسعداء.

التأثيرات الإيجابية والسلبية للحاجة لأن نكون محبوبين

التأثيرات الإيجابية للحاجة لأن نكون محبوبين

  • تعزيز الصحة النفسية: الانتماء إلى مجموعة والشعور بالقبول يمكن أن يعزز الصحة النفسية ويقلل من مشاعر القلق والاكتئاب.
  • تحفيز السلوكيات الإيجابية: الرغبة في أن نكون محبوبين يمكن أن تحفزنا على تبني سلوكيات إيجابية مثل التعاون والاحترام والتعاطف مع الآخرين.

التأثيرات السلبية الحاجة لأن نكون محبوبين

  • التأثير على الهوية الشخصية: في بعض الأحيان، قد تؤدي الرغبة الشديدة في أن نكون محبوبين إلى تضحية الشخص بهويته أو قناعاته الخاصة لإرضاء الآخرين.
  • الاعتماد على القبول الخارجي: الاعتماد الزائد على القبول والتقدير من الآخرين قد يؤدي إلى فقدان الشخص لإحساسه بالقيمة الذاتية إذا لم يحصل على هذا القبول.
  • التوتر والضغط الاجتماعي: السعي المستمر للحصول على قبول الآخرين قد يؤدي إلى شعور الشخص بالتوتر والضغط النفسي، خصوصًا إذا شعر أنه ليس محبوبًا بما يكفي.

كيفية تحقيق التوازن بين أن نكون محبوبين والحفاظ على هويتنا الشخصية

لتحقيق توازن صحي بين الحاجة لأن نكون محبوبين والحفاظ على هويتنا الشخصية، من المهم أن نكون مدركين لمشاعرنا ودوافعنا. إليك بعض النصائح:

  • تعزيز تقدير الذات الداخلي: ركز على قيمتك الذاتية بعيداً عن آراء الآخرين، واعمل على بناء ثقتك بنفسك من خلال إنجازاتك الشخصية وقيمك.
  • تطوير علاقات صحية: ابحث عن العلاقات التي تدعمك وتقدرك لشخصك الحقيقي، وليس لما تقدمه أو كيف تسعى لإرضائهم.
  • وضع حدود صحية: تعلم كيفية وضع حدود صحية في العلاقات للحفاظ على سلامتك النفسية.

الحاجة لأن نكون محبوبين هي جزء لا يتجزأ من طبيعتنا البشرية. هي تعكس رغبتنا في الانتماء والتقدير والاحترام. ومع ذلك، من الضروري أن نتعلم كيفية التوازن بين هذه الحاجة وبين الحفاظ على هويتنا وتقديرنا الذاتي. يمكن أن يكون إدراكنا لهذه الحاجة ووعي تأثيراتها خطوة مهمة نحو تحقيق حياة متوازنة وصحية.


شارك المقالة: