حجج ضد مبدأ الاحتمالات البديلة في المسؤولية الأخلاقية

اقرأ في هذا المقال


مثل معظم الادعاءات المفاهيمية الهامة لعلم النفس، أثبت مبدأ الاحتمالات البديلة في المسؤولية الأخلاقية أنه هدف غير مفيد ولا يمكن التوجه إليه، خاصة لعلماء النفس الراغبين في تجنب تهديده المحتمل للمسؤولية مما جعلهم يضعون الحِجَج الناقدة والرافضة لهذا المبدأ.

حجج ضد مبدأ الاحتمالات البديلة في المسؤولية الأخلاقية

تتمثل حِجَج ضد مبدأ الاحتمالات البديلة في المسؤولية الأخلاقية في علم النفس من خلال ما يلي:

1- حجة عدم أهمية الحتمية

أشار بعض علماء النفس لما يبدو كما لو أن مبدأ الاحتمالات البديلة في المسؤولية الأخلاقية مدعومة بممارساتنا العادية المتمثلة في الثناء واللوم، على وجه الخصوص يتم إعفاء أولئك الذين لم يتمكنوا من تجنب ما فعلوه بالأصل، لكن على الرغم من هذه المظاهر الأولية قد تنتهي الممارسات العادية بتقويض المبدأ الخاص بالمسؤولية الأخلاقية ووضع الاحتمالات البديلة.

تعتبر الحتمية السببية أطروحة غالبًا ما يُعتقد أنها تستبعد البدائل، حيث أن الحتمية هي ادعاء تجريبي موضوعي ولا أحد يعرف ما إذا كان صحيحًا، يبدو إذن أنه إذا افترضنا مسبقًا مبدأ الاحتمالات البديلة في المسؤولية الأخلاقية في الحياة العادية، فيجب علينا في الوقت الحالي حجب الحكم على ما إذا كان أي شخص مسؤولاً عن أفعاله، وفي انتظار الحكم بحذر بشأن مسألة الحتمية.

لكن كما تقول حِجَة عدم أهمية الحتمية سيكون من السخف الاعتقاد بأنه يتعين علينا انتظار التقدم لنقرر، على سبيل المثال ما إذا كان شخص ما يجب أن يكون ممتنًا لشخص مقابل لاستلام وظيفته عندما كان في إجازة، هذه ردود الفعل وما شابهها لها ما يبررها مهما كانت الأمور في البحث مجال الحسابات النفسية الدقيقة، فكتلة البدائل المهددة للحتمية لا علاقة لها بما إذا كان يجب الثناء على شخص ما أو إلقاء اللوم عليه.

ردّاً على ذلك قد يأخذ المدافعين عن مبدأ الاحتمالات البديلة في المسؤولية الأخلاقية إشارة من السياقين ويقولون أنه في السياقات العادية يتم تجاهل الحتمية بشكل روتيني وبشكل صحيح؛ هذا يفسر سبب عدم ظهور الفيزياء الدقيقة في التفكير العادي حول المسؤولية، ولكن بطريقة متوافقة مع إدراكنا لحقيقة مبدأ الاحتمالات البديلة في المسؤولية الأخلاقية.

إذا أصبحت الحتمية بارزة كما هي في السياقات النفسية والعلمية فإن كتلة بدائلها تجعلنا نتراجع عن أحكامنا العادية، وهو أن نقول إننا نفترض عادة حتى لو لم نكن نعرف بعد أن الحتمية خاطئة، وبهذا نأخذ أنفسنا عادة لدينا بدائل، وربما إذا أصبحنا حتميين فسنوقف ممارسات الثناء واللوم، أو على الأقل نتوقف عن التفكير في أنها مبررة.

2- حجج العمل الإجباري والعمل المرغوب

حاول بعض علماء النفس رفض مبدأ الاحتمالات البديلة في المسؤولية الأخلاقية من خلال القول بأن ممارساتنا المتمثلة في الثناء واللوم محايدة بشأن ما إذا كان لدينا بدائل، فهناك خط هجوم مباشر أكثر يجب استكشافه من خلال حِجَة العمل الإجباري والمرغوب يحاول إنتاج حالات نمدح فيها أو نلوم الأفراد بشكل صحيح حتى مع العلم أنهم يفتقرون إلى البدائل.

3- حجج الضرورة الإرادية

في الواقع قد يؤدي إجبار الفرد للقيام بسلوك معين من قبل الضمير إلى تعزيز إعجابنا الأخلاقي به، ومثل هذه الحالات تعتبر من الضرورة الإرادية، وهي للوهلة الأولى حِجَج مضادة لمبدأ الاحتمالات البديلة في المسؤولية الأخلاقية، ففي بعض الأحيان عندما نتصرف تكون البدائل غير واردة، هذا النقص في البدائل يتوافق مع الثناء الأخلاقي بل إنه يعززه، حيث تلعب صلاح الفعل المحدد دورًا مهمًا.

ومع ذلك يمكن للمدافع عن مبدأ الاحتمالات البديلة في المسؤولية الأخلاقية أن يتساءل عما إذا كان هؤلاء الأفراد مسؤولين بالمعنى الذي نهتم به أخلاقيًا، لكن الرد الأكثر شيوعًا على مثل هذه الحِجَج هو توضيح مبدأ الاحتمالات البديلة في المسؤولية الأخلاقية من خلال السماح للبدائل ذات الصلة بالحدوث قبل وقت التصرف، بقدر ما يجب الثناء على الفرد لرفضه سلوك؛ فذلك لأن الشخصية التي أجبرت الفعل كان في حد ذاته نتيجة اختيارات سابقة التي كان بإمكانه فعلها بطريقة أخرى.

هذا المؤهل المهم لمبدأ الاحتمالات البديلة في المسؤولية الأخلاقية والذي يسمى أحيانًا التتبع، كان معياريًا منذ العالم أرسطو فقط من خلال النضال الأخلاقي، واختيار طريق معين من بين العديد من المسارات المتاحة، وصل أخيرًا إلى نقطة استلزمت فيها شخصيته وضميره أفعاله.

في حِجَج الضرورة الإرادية فإن الشخص مسؤول أخلاقيا عما فعله في الوقت المحدد فقط إذا كان بإمكانه فعل شيء آخر في هذا الوقت، أو على الرغم من أنه لم يكن قادرة على فعل شيء آخر في الأساس الذي تصرف فيه هو في حد ذاته نتاجًا جزئيًا لعمل أو أفعال سابقة لها تم تنفيذها في وقت كان بإمكانها القيام به بطريقة أخرى.

هذه النسخة الأقل تطلبًا من مبدأ الاحتمالات البديلة في المسؤولية الأخلاقية كانت مطلوبة طوال الوقت، حتى بالنسبة للحالات العادية، حيث يمكن للمدافعين عن المبدأ بعد ذلك أن يسمحوا بمجموعة واسعة من الحالات -مثل العجز الإرادي والمواجهة مع ما لا يمكن تصوره يكون فيها الشخص مسؤولاً عن التصرف دون أن يكون لديه بدائل في ذلك الوقت وإرادة تكوين الذات.

4- حجة الحتمية بدون سبب

وفقًا لحِجَة الحتمية بدون سبب في مبدأ الاحتمالات البديلة للمسؤولية الأخلاقية فإن بناء الأمثلة المضادة لهذا المبدأ ليس بالأمر الصعب، ومن الضروري فقط تصور الظروف التي تجعل من الحتمي أن يقوم الشخص بعمل ما ولكنه لا يؤدي إلى قيامه به، حيث يهدد هذا المبدأ الانضمام إلى المعرفة المسبقة لاستبعاد المسؤولية الأخلاقية.

إن إضافة فرضية المعرفة المسبقة كمقدمة ستسمح لمنتقدين مبدأ الاحتمالات البديلة للمسؤولية الأخلاقية بإكمال حجتهم، بعد كل شيء فإن المعرفة المسبقة لم تجعل أي فرد يتصرف كما يفعل، حيث إن المعرفة المسبقة تجعل من الشخص الحتمي أن يقوم بسلوكيات سلبية، لكنه لا يجعله يفعل ذلك، بل يقوم الفرد بهذا السلوك من نفسه دون تدخل أي معرفة مسبقة.

مميزات الحجج ضد مبدأ الاحتمالات البديلة للمسؤولية الأخلاقية

من الجدير بالذكر معرفة أهم المميزات لقيام علماء النفس بوضع الحِجَج ضد مبدأ الاحتمالات البديلة للمسؤولية الأخلاقية، فعلى عكس بعض المحاولات لتقويض مبدأ الاحتمالات البديلة للمسؤولية الأخلاقية لا يوجد عامل داخلي للوكيل أو غير ذلك يجبر الإجراء ما يجعل الفعل لا مفر منه.

حيث أن مبدأ الاحتمالات البديلة للمسؤولية الأخلاقية لا يؤدي بأي حال من الأحوال إلى الفعل، الذي يقوم به الوكيل لأسبابه الخاصة هذا يجعل الثناء أو اللوم أكثر طبيعية، وعلى عكس حالة الأفراد المرغمين للقيام بسلوك محدد لا تدعونا هذه الحِجَج إلى الخلط بين القرار والعمل العلني؛ لأن القرار نفسه بالإضافة إلى الإجراء هو أمر حتمي والفرد مسؤول عنه أخلاقياً.

وفي النهاية يمكن التلخيص بأن:

1- مبدأ الاحتمالات البديلة للمسؤولية الأخلاقية يعتبر من المبادئ ذات الأهمية الأخلاقية؛ لأنه يجد من يدافع عنه ويجد من يكون ضده.

2- بعض المبادئ في علم النفس تعتبر مهمة مع اهتمام البعض بها ولو كان عن طريق الرفض.

3- تتمثل الحِجَج ضد مبدأ الاحتمالات البديلة للمسؤولية الأخلاقية من خلال ضعف أهمية الحتمية السببية وضعف في الإرادة الضرورية ووجود الحتمية ولكن بدون سبب.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف، 2015.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم، 1995.علم النفس العام، هاني يحيى نصري، 2005.علم النفس، محمد حسن غانم، 2004.


شارك المقالة: