في بداية الستينيات الميلادية كان يعاني الأفراد ذوي الحاجات الخاصة من أبعاد أو إقصاء أو العنف، بعدها تغيرت الاتجاهات بصورة متدرجة حتى وصلت إلى الصورة الإيجابية اتجاههم من المجتمع، والذي يمكن مشاهدته في الوقت الراهن، واقعة ملموسة عن طريق مشاركات الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة بالأنشطة والمهرجانات الصيفية، وبالتالي إتاحة الفرصة امام مشاهدة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بجانب الأفراد الأسوياء في المجتمع من نفس الفئة العمرية عن طريق التعليم أو الأنشطة أو المهرجانات الصيفية.
ذوي الاحتياجات الخاصة والأنشطة الصيفية
إن هذه النشاطات شاركت وبشكل كبير في عملية دمج الأفراد في البيئة التي يعيش فيها، مما يعني انعكاسها بصورة إيجابية لدى الأفراد من ذوي الحاجات الخاصة وأسرهم، ونتيجة لذلك يرتفع تقديرهم لذاتهم وإحساسهم بأنهم أشخاص فعّالين، وأنهم جزء متكامل من هذا المجتمع، إذا تغيرت نظرة أهالي الأفراد ذوي الحاجات الخاصة وتغيرت اتجاهات المجتمع نحوهم، حيث أصبحوا يتباهون بأبنائهم ذوي الاحتياجات الخاصة وبمشاركاتهم وهذا يُعكس بشكل إيجابي على الأسرة وعلى المجتمع، وذلك على عكس التصورات السابقة والممارسات التي كانت تتم ضدهم.
ومن هذه الممارسات حرمانهم من أبسط حقوقهم التي ضمنها لهم ديننا الحنيف، أولاً والاتفاقيات الدولية ثانياً وتعد هذه المشاركات كأسمى رسالة تقوم بها هذه الأسر للمجتمع، وهو مزاولة أفرادهم ذوي الاحتياجات الخاصة لحياتهم الاجتماعية بجميع أشكالها، فالأسرة باستطاعتها أن تحول الإعاقة من حاجز إلى حافز عن طريق تذليل الصعوبات، وقبل أن تكون السعادة للتربويين ولأهالي ذوي الاحتياجات الخاصة هي لا يوازيها سعادة ذوي الاحتياجات الخاصة أنفسهم.
الإعلام المرئي وذوي الاحتياجات الخاصة
يعتبر وجود فرد من ذوي الإعاقة العقلية مشكلة تقلق الأهل، وهذا من الطبيعي ولكن هذه المشكلة تحتاج إلى رعاية وثقافة خاصة، بما يؤدي ويسبب اهتمام كل أفراد العائلة حتى لا يشعر بالعزلة والاكتئاب، وما يساهم في كثير من الأحيان في مضاعفة هذه المشكلة هي البرامج الإعلامية التلفزيونية، فهي لا تحاول تقديم مساعدة بقدر ما تحاول التخريب.
يقول علماء النفس إن التلفاز يأتي في علم التربية الحديثة بعد الأهل مباشرة، وتبين أنه من المؤكد تأثيره على سلوكيات الأفراد طبقاً لكل الأبحاث العلمية في هذا المجال، وأصبح من المستحيل أن يتم فقد التركيز على الوسائل القديمة في التربية والتنشئة والتوجيه ولم تعد ممكنة، ومنع الأفراد من مشاهدة التلفزيون، هذا العدد الكبير من البرامج والأفلام التي تشكل الآن أحد المراجع الضرورية في سلوك وتفكير وتربية وتعليم الفرد، ولأننا نعرف أن الفرد مبدع بطبيعته وبتلقائيته.
ولهذا كثيراً ما تلاحظ الأم ابنها يقوم بحركات معبرة ويتكلم مع نفسه مثلاً أمام المرأة، إذ يعمل على تمثيل الأشياء والمواقف والأفراد الذين يتعامل معهم في حياته، فمثلاً يقوم الأفراد بتمثيل أدوار المعلمين والطلاب مستعملين في ذلك تفكيرهم وخيالهم وخبراتهم القليلة التلقائية، وبنائاً على هذا السياق أجريت دراسة التنمية الفكرية والثقافية للأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة.
أما عن الدراسة فقد عمل فريق بمراقبة البرامج التلفزيونية الموجهة للأفراد دون العاشرة ولمدة أسبوع كامل، واكتشف أن نسبة كبيرة منها توضح بسلبية إلى المصابين بالإعاقات العقلية، وبشكل خاص أفلام الرسوم المتحركة وبتصوير هذا الصنف على أنهم مجانين أو معتوهون، كما يقال عنهم أو لا يستطيعون السيطرة على تصرفاتهم ويأتون بأفعال غريبة، ففي إحدى مسلسلات الرسوم المتحركة يتبين الفرد الفاقد للعقل يضرب رأسه بالمطرقة، أو يقوم بوضع المسدس في فمه، أو على بطنه وغيرها من التصرفات غير المقبولة.
ومن جهة تأكيد الباحثين هو أن هذه البرامج ترسخ في عقول الأفراد أن مثل هذه التعابير صحيحة ومضحكة، كما أن تقديم مثل هذه النماذج التي تعد نماذج سلبية للأفراد الصغار، يشجعهم على إساءة معاملة بعض الأفراد من عمرهم، ويبين الباحثون أن ما تقوم البرامج بتقديمه من شخصيات تقيم حال التخلف العقلي، سواء كانت على شكل كوميدي أو شريرة، فهي نمطية وسلبية إلى أكثر الحدود، وتعطي أهدافاً للسلوك العدواني.
وبينوا إلى أن تصوير حال الإعاقة العقلية بهذه الطريقة السلبية، يشجع الأفراد على تعميم هذه الصورة المشابهة من دون فهم ووعي بعواقب ما يفعلون هذا يبين أهمية موضوع التربية غير المباشرة والتربية المباشرة، بل إن التربية الأولى المستترة لها دوراً مهماً راسخ في عقل الفرد، سواء كان من التعليم العام و التربية الخاصة عن طريق الهندام والصوت والحركة والسلوك.