اقرأ في هذا المقال
- علاقة عادات العقل بالإرادة
- الفرق بين الوسائل والأدوات للعادة العقلية
- عوامل تأثر العادات العقلية ودور الإرادة بتكونها
لدراسة السلوك البشري ولمعرفة مكانة العادة وقيمتها في السلوك البشري كان من الواجب المواظبة في دراسة العادات السلبية من مثل الإدمان سواء إدمان الخمور أو المخدرات والبطالة ولعب القمار، حيث تكون هذه العادات قد اختلطت بالدوافع الذاتية والخارجية والرغبة والإرادة على الأفراد، وعند ذكر العادات الإيجابية ذات النفع من مثل الكتابة والقراءة والمشي والعزف على آلة موسيقية فيكون جلّ تفكيرنا بأنّ هذه قدرات فنية أو رياضية يملكها الفرد، فما حقيقة العادات العقلية ودور الإرادة في تشكيلها وكيف ترتبط وتختلف فيما بينها.
علاقة عادات العقل بالإرادة
يبدو أنّه في الحقيقة لا تنفصل العادات السيئة عن الرغبات والإرادة فهذه العادات السيئة للفرد تخبرنا بأنّ هناك ميول داخلية للسلوك، والتي بدورها تكون لها القدرة والسيطرة على الفرد بحيث تدفع الفرد للقيام بالعديد بالأعمال والتي من الممكن أن تكون سيئة، والتي من الممكن أن تلغي القرارات الشكلية التي نقوم بإصدار الحكم فيه، وبالتالي نكون كأفراد قد تم الشعور بالأمان مع الذات والتي تقر بأنّ العادة قد سيطرت على الفرد بحيث تؤثر بشكل كبير على السلوكيات المتعددة وبأنّها جزء لا ينفصل من الفرد وتقوم بالسيطرة عليه لأنّه أصل العادة.
كما أنّ حبنا لأنفسنا ورفضنا مواجهة الحقائق ربما يرتبط مع إحساس بأنّ ذواتنا يمكن أن تتحسن دون أن يتحقق ذلك في الواقع، وهو الذي يؤدي بنا إلى نبذ العادة خارج تفكيرنا وإدراكها على إنّها قوة سيئة استطاعت التغلب علينا بطريقة ما، ونغذي خادعنا لأنفسنا بأن نتذكر أنّ العادة العقلية لم تتكون دون قصد، بمعنى أننا لم نقصد في يوم من الأيام أن نصبح سيء الأطباع و مستهتري السلوك، فكيف يمكن لشي أن يصبح جزءًا من أعماق أنفسنا إذا كان قد تكون عن طريق المصادفة دون قصد؟
يبدو أنّ صفات العادة السيئة هي مفتاح الطريق إلى دراسة جميع العادات العقلية ودراسة أنفسنا، فإذا تعلمنا أن كل العادات عواطف وأنّها جميعاً لها قوة دافعة وأنّ التنظيم النفسي الذي يتكون من مجموعة من الأفعال المعينة هو جزء لا يتجزأ من تكويننا الأساسي، ولا يؤدي هذا الغرض مجرد مجموعه من الاختيارات الشعورية العامة، وجميع العادات هي دعوة الأنواع معينة من النشاط وهي التي تكوّن رغباتنا الفعالة وتمدنا بقدرتنا العاملة، وتحكم أفكارنا وتحد أيهما يبقى ويقوى، وأيهما يمر من الضوء ليبتلعه الظلام، وربما ننظر إلى عادات العقل على أنّها وسائل تنتظر قرارنا الواعي!
الفرق بين الوسائل والأدوات للعادة العقلية
تعد العادات أمرًا أعمق من ذلك حيث أنّها تعد طرق ذات فعالية عالية تقوم بالتعبير عن ذاتها عن طريق العمل كطرق ذات تأثير وسائدة، فنحن نحتاج إلى أن نميز بين المواد والأدوات من ناحية وبين الوسائل في حد ذاتها من ناحية أخرى، فعند صناعة وعمل صندوق تكون المسامير والالواح الخشبية بمثابة مواد تعمل على صنع الصندوق وليست وسائل وطرق لصنعه، كما أنّ الأدوات كالمنشار والمطرقة لا يصبحان وسائل لصنع الصندوق إلّا عندما يتم استعمالهم بطريقة فعلية، حيث أنّهما ليسا سوى أداتان ذات قوة الطرق والوسائل فقط، ولا يصبح لديهما فعل الوسائل إلّا عندما يستخدمان في عملية معينه.
كذلك الأمر فيما يتعلق بالعين والأذرع للصانع فهي عبارة عن وسائل فعلية لديها عملية حيوية والتي تؤدي دور نشاطي متعاون مع القوى والمواد الخارجية، واذا لم تكون هناك معونه خارجية لها فأنّ العين ستنظر إلى الأشياء وتتحرك اليد دون هدف، وألّا تصبح وسائل إلّا عندما تشترك في تنظيم مع الأشياء التي تحقق نتائج محددة وهذه التنظيمات هي العادات العقلية.
كما أنّ الظروف لها دورها في نشوء نتيجة معينه ويستمر وجود هذه النتيجة إذا استمر وجود نفس الظروف ولا يمكن التخلص منها إلّا بجهود مباشرة من الإرادة وخصوصاً إذا اتحدت الإرادة مع الفكر، فعندما نكوّن فكرة صحيحة دون تكوين عادة صحيحة فلا يمكننا تنفيذ هذه الفكرة دون أي اعتبار للعادة.
عوامل تأثر العادات العقلية ودور الإرادة بتكونها
نتيجة لما سبق ذكره فأنّه من المتعارف عليه أنّ الرغبة لا تتخذ شكلًا محددًا إلّا عندما ترتبط بفكرة ما والفكرة بدورها لا تتخذ شكلًا واتساقاً معيناً إلّا عندما ترتكز على عادة عقلية، حيث أنّ الفعل يجب أن يسبق الفكرة وتسبق العادة القدرة على إثارة الفكرة حسب ما نشأت، كما لا تتكون الآراء ولا التفكير تلقائياً فالإدراك الخالص من كل تأثير للعادة السابقة هو عبارة عن كلام غير صحيح وخرافة، وكذلك الإحساسات الخالصة هي خرافة أيضًا والتي تتكون منعزلة عن العادة، حيث أنّ مادة التفكير وخطة الهدف بما فيها من إحساسات ومعاني من الممكن أن تتأثر كذلك بالعادات التي تبدو عليها الأعمال، كما أنّ هذه الأعمال التي تقوم بدورها بإظهار الإحساسات والمعاني.
كما أنّ من الأمور التي لا نقاش فيها في العادة أنّ للخبرات السابقة للفرد دور في اعتمادية الفرد في تفكيره والعامل العقلي، إلّا أنّ الأشخاص الذين لا يتفقون مع التفكير الخالص بأنّ هناك تأثير للخبرة عليه بحيث يقومون بربط الخبرة بالإحساسات التي تتوافق مع العقل الفارغ، وبالتالي يقومون باستبدال نظرية الإحساسات الخالصة بما تحتوي على مدركات وأهداف ومعتقدات للفرد في محل نظرية التفكير الخالص.
إلّا أنّ السمات المستقلة الفريدة مع الطبيعة والسلوك الإنساني تكون بعيدة كل البعد عن من أن تكون عوامل جوهرية، وهي نتيجة تخيل على مستوى عال من البراعة معتمد على مصادر علمية فنية واسعة، إذ إنّ القدرة على عزل عامل حسي معين في أي ميدان وهي دليل على تبريد سابق ذي مستوى عال، أي أنّ هذه القدرة تعتمد على عادات قد اكتمل تشكيلها.
كما يعد القدر المتواضع من ملاحظة الطفل يكفي لتبيان أنّ التميز الشديد بين الألوان كالأسود والأبيض والأحمر والأخضر هو نتيجة التعامل المنتج مع الأشياء خلال عدة سنوات تكونت في غضونها العادات، وتحديد الإحساس بهذا الشكل الدقيق ليس بالأمر الهين إذ إنّه علامة التدريب والمهارة والعادة، وهنا يجب التسليم بأنّ الفكرة أيًا كانت تعتمد على اللوازم الحسية من أجل الاعتراف بأنّها تعتمد على ما اعتدناه من اتجاهات تتحكم في اللوازم الحسية المادية.
حيث أنّ الشخص العادي يفهم من كلمة إرادة شيئاً عملياً متحركًا ويفهمها أيضًا على أنّها مجموعه من العادات العقلية الفعالة التي تدفع الشخص لعمل ما، والإرادة في ذلك ليست شيئاً يتعارض مع النتائج أو ينفصل عنها بل هي سبب النتائج، وقد تطرق كنت (Kant) إلى ذلك وخصوصاً في ميدان القيم الخلقية حيث أكدّ أنّ مجتمعاً من أفراد فاضلين يكون مجتمعًا في استطاعته الحفاظ على السلام الاجتماعي والحرية والتعاون.