الطفل يولد للحياة نقياً تماماً وتكون أفكاره نقية وروحانية، ولا يوجد عنده أي هدف ولا معنى لأي لغة ولا يَعرف ما يحصل من حوله، ثم يبدأ الوالدين في التحدّث مع الطفل من خلال تعبيرات الوجه وتحركات الجسم والتكرار في ذلك العمل، حتى يبدأ الطفل في النطق، ومع الأيام يكبر الطفل ويتكوّن عنده إدراك بسيط لما يدور حوله، وهذا يعطيه معنى لِما فهمه وهدف معين لهذا المعنى.
الفكر في صنع ملفات العقل
يبدأ العقل في فتح ملفات ذهنية لهذا المعنى، وكلَّما أيقن الطفل معنى آخر للغة؛ يتكون عنده ملفات ذهنية لهذا المعنى، فعندما يقابل الطفل تجربة من نفس المعنى يحفظها العقل في نفس الملف الخاص بها، مثال على ذلك: هناك ملف للحب فكلَّما وَجد الطفل شي يحبه يحفظه في ملف الحب، ولو كان هناك ملف آخر للغضب يخزّن العقل أي تجربة غضب تَمرّ على حياة الطفل في هذا الملف.
ويستمر العقل في فتح الملفات ويقوم بتخزين كل التجارب المماثلة في الملف الخاص بهذا المعنى، فيتكون ملف للحنان وملف للتسامح وملف للراحة وملف للعصبية وآخر للخوف أو القلق أو الإحباط أو التوتر أو الوحدة أو الضياع وأيضاً ملفات التقدير الذاتي والصورة الذاتية والثقة بالنفس والاستحقاق والفشل والنجاح والسعادة والصبر، كلّها من ملفات العقل.
تتكون عند الإنسان ملفات عقلية يوجد بها المعنى والإدراك والقيم واللغة والاعتقادات والمبادئ، وكلّما واجه الإنسان في رحلة حياته ومَرَّ بتجربة من التجارب فإنَّ الدماغ يتعرف عليها عن طريق الملفات الموجودة فيه فيخزن المعلومة الجديدة في نفس المكان.
المفاجأة في صنع ملفات العقل
لو أحسّ الإنسان مثلاً بالهلع من شيء ما؛ يفتح له العقل ملفاً مشابهاً للخوف من هذا الشيء، وكلّما واجه الشخص هذا الخوف سواءً بالتفكير فيه أو بوجوده أمامه مباشرة تتصاعد لديه الأحاسيس ويتراكم الخوف في ملف خاص يسمّى الخوف، فإذا أراد الشخص التخلص من خوفه فهنا تأتي المفاجأة أنَّه تخلّص من الملف بأكمله لأنَّه من نفس النوع.
لذلك نرى أنَّ الشخص الذي يبحث عن علاج من أي شيء سواءً كان ذلك خوفاً أو قلقاً أو توترًا أو شعورًا بالوحدة والضياع، ويخرج للعالم ليَجد الحلّ في شيء موجود لديه هو في داخله فيقوم بأخذ الأدوية الكيماوية التي قد تساعد في الشفاء ولكنْ لن تغيّر هذه الأدوية الملفات المخزّنة بعمق في العقل الباطن.