كيف تتكون العادات في الدماغ

اقرأ في هذا المقال


العقد القاعدية أو بصل جنجليا (Ganglia Basal) والتي يطلق عليها باللغة اللاتينية (basales nuclei)، وتعد هذه العقد عبارة عن مجموعه من أجسام الخلايا التي تتواجد بداخلها مادة بيضاء في الدماغ، وتشترك هذه العقد في مجموعه متنوعه منها، ومراقبة الحركات الطوعية والتعلم الإجرائي والسلوكيات العقلية ومنها العادات العقلية والإدراك والعاطفة والمعرفة.

مكونات العقد القاعدية في الدماغ

تتألف العقد القاعدية مما يلي:

1- النواة الذنبية (Caudate)

تتواجد النواة الذنبية في جوف المخ وتكون على شكل نواة طويلة كما تكون على شكل حرف (C)، ويقع من الفص الجبهي (frontal lobe) إلى الفص الجداري (parietal lobe) والفص القذالي (occipital lobe) حتى يصل إلى الفص الصدقي (temporal lobe).

2- البطامة (Putamen)

هذا العنصر يتواجد في جوف المناطق الأمامية لكل من الفص الجبهي (frontal lobe) والفص الجداري (parietal lobe)، ويطلق على كل من اتحاد تركيب النواة الذنبية والبطامة بالمخطط (striatum).

3- الكرة الشاحبة (pallidum Globus)

تتألف من جزئين وهما الجزء الباطني والجزء الخارجي، وهي عبارة عن نواة متعددة الطبقات ولديها ما يعرف بالنواتين العدسيتين (nuclei lenticular) الواقعة بجوار جزء البطامة، وقد سميت بالنواتين العدسيتين لأنّهما تبدوان مثل قطعتين منحنيتين تتلائمان مع بعضهما مثل العدسات.

4- المادة اللامسماة (Substantia innominate)

وتعتبر العقد القاعدية من المكونات والعناصر الأساسية في جزء المخ، وهذا على عكس جزء القشرة من الدماغ والتي تعمل كبطانة أمامية لسطح الدماغ، كما أنّ العقد القاعدية تعد عبارة عن عددًا من كتل المادة الرمادية الكامنة في جوف المخ والتي لا تبعد عن جزء المهاد كثيرًا، والتي تتألف من جانبيين لكل من الدماغ الأيمن والدماغ الأيسر حيث يكونان صورتان مطابقتان حسب ما هما ظاهران لبعضهما البعض، وقد أجريت العديد من الأبحاث على دور ووظيفة هذه العقد خلال وقت طويل جدًا والتي أدت في النهاية إلى الوصول على نتيجة مفادها أنّ هذه العقد تشكل وتعتبر جزء أساسي من الدماغ ونظامه حسب ما نشر طبيب التشريح ثوماس ويلس عام 1664 للتشخيص التشريحي الأولي عنها.

كيف يتم برمجة الدماغ على العادات

تتم عملية برمجة المخ على السلوكيات المكررة في العقد القاعدية أو بصل جنجليا بحيث يصبح الإنسان يؤديها بشكل تلقائي، فهذا الجهاز يقوم بعملية النيابة عن المخ للقيام بالسلوكيات التي يتكرر فعلها وهذا يسمح للأفراد بممارسة العديد من المهام، ومثال على ذلك عندما يقوم الفرد بقيادة سيارته بحرفية تامة بالرغم من الازدحام الشديد وفي نفس الوقت يكون مشغول بالرد على هاتفه، أي أنّ المخ يلاحظ المواقف الجديدة ويريد تفسير لها ولكن لأنّ هذا الفعل الجديد تم التعامل معه من قبل ينتقل بذلك وبشكل إرادي إلى العقد القاعدية والتي بدورها تقوم بتأدية العمل دون الحاجة لبذل تركيز ويؤدي العمل بشكل تلقائي.

ولتوضيح هذا بشكل ابسط عندما يؤدي الفرد عادة يكررها بشكل يومي فأنّه سيجد نفسه يقوم بها دون أن يعلم كيف قام بهذا العمل والسلوك، وذلك لأنّ المخ يستقبل التكرار والروتين وبالتالي يعطي الأوامر إلى أجزاء أخرى داخلة لتتولى هذه المهام وتتولى تكرار الأوامر، وهذه محاولة المخ الخروج من براثن الملل وفي الكثير من الأحيان لا يدرك الفرد حين يبدأ جهاز بصل جانجليا في العمل أو حين تنشأ العادة لدى الفرد فهذه الأمور تطلب تركيزًا عاليًا جدًا من المخ ليدرك أنّه يسير بعادة ما، فالعادات لا تكشف عن نفسها بسهولة وبكل وضوح.

هذا ما تم التوصل إليه من قبل العالم إدوارد ديبونو وهو أول من استنتج نظرية آلية عمل العادات في الدماغ في كتابه ميكانزيم العقل في عام 1969، والذي أوصله إلى استنتاج بأنّ الدماغ يعد جهاز ونظام ذاتي الترتيب والتنظيم، فعندما تأتي المثيرات من حاسة معينه تذهب إلى شبكة الخلية العصبية وتنشط هذه المعلومات بعض مجموعات الخلايا العصبية أكثر من المجاميع الأخرى، وهذا المستوى العالي من الفعالية يسبب تقوية الاتصال بين هذه المجاميع من الخلايا العصبية، وكلما كان هناك كثره في الأنماط المتشابه التي تأتي إلى الشبكة العصبية فإنّ الارتباطات بين مجموع الخلايا العصبية التي تم تنشيطها تصبح أقوى، وهكذا فإنّ المهارات المكررة والتي تكون نهايتها عادات عقلية تتطور وتتعزز بمرور الوقت حتى يصبح العمل المكرر انعكاس طبيعي أكثر من كونه جهد واعي.

ورجوعاً إلى عام 1949 اقترح عالم الأعصاب الكندي دونالد هوب في عملة عن منظمات السلوك في نظريته التي يمكن ايجازها بالآتي: أنّه عندما يكون محور الخلية العصبية (A) يجاور ويحفز الخلية (B) فبتكرار العملية والاستمرار في تنشيطها فإنّ بعض العمليات النمائية أو التغيرات الأيضية تحدث في إحدى الخليتين أو بكلاهما، أي عندما ترسل خلية عدد من الإشارات لإثارة خلية عصبية أخرى فإنّ الترابط بين الخليتين يقوى ويدعم ويتطور.


شارك المقالة: