الكثير من الناس يرغب في أن يأخذ من الحياة، من متاع ومال وسعادة وحب، دونما أن يعطي أي شيء أو أن يتنازل عن أي جزء من هذه السعادة، فقد اعتاد العديد أن يأخذوا فقط، وفي وقت العطاء لا نراهم أبداً ولا نسمع بأسمائهم، فهم أول من يأخذ وآخر من يعطي، ولا يوجد في قاموسهم الشخصي ما يوحي بأنّ سعادة الآخرين أو نجاحهم يعني لهم شيئاً، وهذا هو قمة الأنانية، فهل العطاء فضيلة موروثة أم مكتسبة يمكننا تعلّمها وتنميتها؟
أين تكمن المشكلة في تحقيق الأحلام؟
ليست المشكلة في تحقيقنا ﻷحلامنا، وامتلاكنا للمال والمتاع، فالمشكلة تبرز حينما نرتبط بشكل لا منطقي لذلك المال والمتاع، ومن هنا لا نرى غيرهما، وعندها نصاب بالشراهة التي لا تشبع، ولن نستطيع أبداً أن نحدّد الوقت الذي نقول عنده “كفى، لقد نلت ما أريد من هذه الحياة”.
لقد قابلنا العديد من البشر الذين كدحوا للوصول إلى حياة كريمة، ولكن كانوا يتوقون دوماً للمزيد، ونحن نقرأ ونسمع بأخبار هؤلاء يومياً تقريباً، وهو ما يحدث حينما لا نفهم أنّ العطاء والأخذ، الحصاد والزرع، جزءان من التيار الطبيعي للحياة، “نحن نحيا على ما نحصل عليه، ونصنع الحياة بما نعطيه” وينستون تشرشل.
النجاح الحقيقي مرتبط بالعطاء:
“لا علاقة للنجاح في الحياة بما تحصّل عليه أو تنجزه لنفسك، بل بما تفعله لغيرك” داني توماس، فالنجاح الحقيقي لا يمكن أن يكون بما حصلنا عليه ﻷنفسنا كونه واجب يتحتّم علينا بطبيعتنا الفطرية، ولكن بما قدمناه لغيرنا من خير وسعادة وحب، فالعطاء بمعناه الشامل يعني أن نقدّم لغيرنا جزء من سعادتنا.
“إن لم يكن هناك أي خير في قلبك، فلا بدّ أنك تعاني من أسوأ أمراضه” بوب هوب، فعندما نتحدّث عن الخير فإننا نتحدث بشكل مباشر عن العطاء، فقدرة الشخص على أن يمنح ويعطي كل ما هو ممكن ومتوفّر دون مقابل، هو أكثر ما يجعلنا إنسانيين بشكل أساسي، ففضيلة العطاء لا تقتصر على شخص ثري أو فقير أو حكيم أو أبيض أو أسود، فهي مشتركة بين الجميع، فقد يقدّم الفقير جزءاً من هذا العطاء بإخلاصه وحسن تعامله، أكثر مما يقدّمه الغني بماله وقلّة احترامه للآخرين، وهكذا تدور عجلة الحياة بعيداً عن الحقد والكراهية.