كلّ واحد منا، يتكوّن من خليط فكري ونفسي داخلي وخارجي لا يتكرر بين اثنين، فنحن وأي شخص آخر نعرفه، تشكّلت شخصيتنا نتيجة للظروف وللمؤثرات التي لا تتشابه حتى بين الإخوة التوائم، نتحوّل بمرور الوقت ومضي العمر وتنوّع الخبرات، إلى ما يشبه الحقيبة ذات الأرقام السريّة، لا نعرف حتّى نحن كيف نفتحها أو نرى محتوياتها.
هل تكمن المشكلة في تنوّع شخصياتنا؟
إنّ المشكلة لا تكمن في تنوّع شخصياتنا، بل في فشل كلّ واحد منّا في اكتشاف نقاط تفرّده وأسباب اختلافه عن الآخرين، ففي اعتقاد كلّ واحد منّا أنه مميّز وأنه المرجع الوحيد فيما يختلف عليه الناس، ويخفى عليهم أمره، ويعتقد كلّ واحد منا بأنّ ما توصّل إليه، يعتبر تفكيراً واعياً عميقاً وأنه هو الأمر الصحيح والسليم، وأنّ لا أحد آخر قد سبقنا إليه.
إنّ أفكارنا ونتائج تفكيرنا مهما كانت، ففي النهاية هي محصّلة للمؤثرات العميقة غير الواعية والتي نسيها معظمنا، وهي محصلة للدوافع والخلفيات التي توجّهنا لتبنّي آراء وأفكار نعتقد أنّ على الجميع الالتزام بها، ونادراً ما يخطر على بالنا احتمال تشويه قراراتنا ونظرتنا للعالم، من خلال الموروث السائد والأفكار العكسية والتجارب الخاصة.