ما هي الاختبارات الإسقاطية؟

اقرأ في هذا المقال


هناك العديد من أنواع الاختبارات الإسقاطية التي لا تزال قيد الاستخدام حتى اليوم، ميزة هذه الاختبارات على عكس الاختبارات الموضوعية، هي أنّه من النادر جداً أن يقوم الأشخاص بتزوير الإجابات، بالإضافة إلى ذلك نظراً لأنّ الاختبارات الإسقاطية تستند إلى النظرية القائلة بأنّها قادرة على التنبؤ بسلوك الأشخاص، فسيكون من المفيد التنبؤ بما سيكون عليه أداء الشخص.

ما هي الاختبارات الإسقاطية؟

الاختبارات الإسقاطية هي نوع من اختبارات الشخصية التي يجب أن يستجيب فيها الفرد لمشاهد أو كلمات أو صور غامضة أو حتى الرسم في بعض الحالات، هو يختلف عن الاختبارات الموضوعية في أنَّ الإجابات يمكن أن تكون متنوعة للغاية، لا توجد فيه إجابات صحيحة أو غير صحيحة، على الرغم من وجود مبادئ توجيهية لتصحيح الاختبارات الإسقاطية وحتى التدريب المكثف ضروري، فقد توصّل خبيران إلى استنتاجات مختلفة من نفس الاختبارات النفسية، يكاد يكون مستحيل في الاختبارات الموضوعية.

الغرض من الاختبارات الإسقاطية هو معرفة هيكل وعمل الشخص، بالإضافة إلى اكتشاف العواطف أو الصراعات الداخلية التي سيعرضها الفرد في الإجابات، بعد ذلك يمكن للمعالج أن يقود العلاج النفسي لمساعدة الشخص، جاء تقييم الشخصية هذا من مدرسة التحليل النفسي التي اقترحت أنّ الناس لديهم أفكار ودوافع غير واعية، من خلال تفسير المحلل النفسي للإجابات، كان من الممكن تسليط الضوء على تلك المشاعر والرغبات والصراعات المخفية في اللاوعي والتي كانت تسبب مشاكل للمريض.

على الرغم من الجدل الدائر حول تطبيق الاختبارات الإسقاطية، فإنَّ استخدام هذه التقنيات لا يزال واسع الانتشار في كل من المجالين السريري والطب الشرعي، في الواقع يعد اختبار (Rorschach) ثالث أكثر التقنيات استخداماً من قبل علماء النفس، على الرغم من أنّ الاختبارات الإسقاطية يمكن أن تكون مختلفة تماماً عن بعضها البعض، إلا أنّنا قد نجد بعض الافتراضات الأساسية الشائعة لدى معظم:

  • تفترض الاختبارات الإسقاطية أنّ الشخص لديه بنية شخصية أساسية ومستقرة، يتكون هذا الهيكل من أبعاد أو ميزات أو إنشاءات منظمة بطريقة فريدة، سيتم دراسة ذلك من خلال الردود على الاختبارات الإسقاطية.
  • هناك علاقة بين عدم إمكانية ملاحظة الهيكل والمظاهر السلوكية للشخص، لذا فإنَّ تحليل الهيكل سيسمح بالتنبؤ بالسلوك المستقبلي، تعتبر أيّ استجابة للاختبارات الإسقاطية مهمة وسيتم فهمها على أنّها علامة على شخصية الشخص.
  • كلما كانت خصائص الاختبار الإسقاطي أكثر غموضاً، كلما انعكست شخصية الشخص، لا يدرك الشخص العلاقة بين إجاباته والعالم الداخلي، لذلك من الصعب تحريفه.

كيف تعمل الاختبارات الإسقاطية؟

في العديد من الاختبارات الإسقاطية يتعين على المشارك الاستجابة لمحفزات غامضة للغاية، مثل الصور والكلمات وما إلى ذلك، غالباً ما تكون الإجابات غير منظمة ولا توجد خيارات استجابة ولكن يمكن الإجابة على أول ما يتبادر إلى الذهن، وفقاً للنظريات التي تقوم عليها الاختبارات الإسقاطية، كلما كان الغموض أكثر غموض زادت قدرته على عكس العالم الداخلي للموضوع، كلما كانت الأسئلة والأجوبة منظمة زادت قدرة الشخص على التدخل في العقل الواعي وإخفاء النتيجة.

في تقنيات تقييم الشخصية الموضوعية، في كثير من الحالات يمكننا معرفة أكثر الإجابات المرغوبة أو المقبولة اجتماعياً ويمكن أن تؤدي إلى إجابات مضللة، مع ذلك فإنَّ العديد من هذه الاختبارات لديها مقياس لتقييم تلك الرغبة الاجتماعية، وفقاً لمؤيدي الاختبارات الإسقاطية من خلال الاعتماد على محفزات غير واضحة، لا يعرف الشخص ما هي الإجابة المرغوب فيها اجتماعياً، بالتالي سيستجيب وفقاً لدوافعهم ومواقفهم العميقة.

أنواع الاختبارات الإسقاطية:

  • اختبار Rorschach الإسقاطي: يقع حبر رورشاخ هي واحدة من أولى الاختبارات الإسقاطية ولا تزال معروفة وواسعة الانتشار، تم تطويره من قبل الطبيب النفسي السويسري هيرمان رورشاخ في عام 1921، يتكون من 10 بطاقات مختلفة توضح بقع الحبر الغامضة وتطلب من المشارك أن يقول ما يرونه هناك، كذلك ما هي خصائص الصورة التي دفعت الشخص إلى التفكير فيها، يتم تدوين الإجابات بأكبر قدر ممكن من الدقة، تؤخذ الإيماءات ونبرة الصوت وردود الفعل الأخرى في الاعتبار.
  • اختبار الإدراك الموضوعي (TAT): في اختبار الإدراك الموضوعي يُطلب من الشخص مراقبة سلسلة من الصور ووصف قصة في كل واحدة منها مع محاولة بناء ما حدث وما يحدث الآن وما يعتقد أنّه سيحدث بعد ذلك، يجب على الشخص أن يصف كيف تفكر وتشعر الشخصيات المختلفة، يقوم الفاحص بتسجيل الاختبار بناءً على احتياجات ودوافع ومخاوف الشخصية الرئيسية وكيف تنتهي القصة، يعتمد هذا الاختبار على فكرة أنَّ الناس سيخلقون قصص أو يفسرون المشاهد المعروضة وفقاً لتجاربهم السابقة.
  • الاختبارات الإسقاطية التعبيرية أو الرسومية: مثل الاختبارات الإسقاطية الأخرى، تمَّ انتقاد الاختبارات التعبيرية لعدم صحتها، ضمن هذه المجموعة توجد اختبارات الرسم، بينما قد يقترح أحد الفاحصين أنَّ جوانب معينة من الرسم تشير إلى اتجاهات نفسية محددة، قد يجادل آخرون بأنَّ الموضوع لديه القليل من مهارات الرسم، في كل هذه الأنواع من الاختبارات التعبيرية، فإنّ أهم شيء هو الخصائص المحددة للرسومات.
  • الاختبار الإسقاطي للشجرة: يزودنا اختبار الشجرة بمعلومات حول رؤية الشخص لنفسه وموارده وهيكل شخصيته، كما يوحي اسمها فهي تتكون من رسم شجرة، من هناك يقوم الفاحص بتقييمه من خلال النظر في شكل الجذع والجذور والتربة والفواكه والفروع والأوراق والعقدة في الخشب والاهتمام بالتفاصيل.
  • الاختبار الإسقاطي للشكل البشري: يتطلب هذا الاختبار الرسومي رسم شخص كما يوحي اسمه، ثمّ يتم تقييم الرسم من قبل الفاحص الذي سينظر في حجم أجزاء الجسم المختلفة، كذلك الميزات المحددة ومستوى التفاصيل والشكل العام للشكل، تم استخدام اختبار الشكل البشري الإسقاطي بشكل شائع لقياس الذكاء لدى الأطفال، لكن الأبحاث تظهر أنّه مقارنة باختبار( Wechsler Intelligence)، هناك علاقة قليلة بين الدرجات.
  • اختبار اسقاطي بياني للحيوان: وفقاً للتحليل النفسي يمثل الحيوان دوافعنا ورغباتنا اللاواعية، يستخدم هذا الاختبار الإسقاطي للحيوان عادةً عندما تجعل اختبارات الشكل البشري الشخص قلق أو عندما يتم حظره ببساطة ولا يمكنه رسم شخص، لذلك يسمح اختبار الحيوانات لهم بأخذ مسافة أكبر وإبراز عالمهم الداخلي في الحيوان.
  • اختبار الأسرة الإسقاطية: اختبار الأسرة الرسومي هو وسيلة لمعرفة العلاقات داخل الأسرة، كذلك المكان الذي يوجد فيه كل فرد ودوره وكيف ينظر الشخص الذي يجري الاختبار إلى كل فرد، مع هذا الاختبار يتم تقييم جوانب مثل التبعية والتنافس والصراع والتعلُّق، سيأخذ الفاحص في الاعتبار موقف كل فرد من أفراد الأسرة، في حالة غياب أي شخص والتوافق مع الواقع وعدم وجود أجزاء من الجسم.
  • الاختبارات الإسقاطية للزوجين: يستخدم الاختبار الإسقاطي للزوجين لتقييم نوع الرابطة التي يحتاجها الشخص، كما أنّه يقيّم الصورة التي يمتلكها الشخص عن نفسه والآخر، عادةً ما يتم التقاط الوضع الحالي أو المواقف الماضية أو المواقف المثالية، كلها مفيدة جداً لاستكشاف التجارب المتضاربة المحتملة، في هذه الحال، يُطلب من الشخص رسم أي شخصين على نفس الورقة، في وقت لاحق يطُلب منه أن يسميهما ويعمرهما ويخلق قصة مع هذين الشخصين ويعطي عنوان لقصتهما.
  • الاختبارات الإسقاطية للأطفال: الاختبارات الإسقاطية التي تُستخدم غالباً مع الأطفال هي الاختبارات التعبيرية، حيث يتعين عليهم رسم الشجرة والشكل البشري والمنزل والأسرة والحيوان وما إلى ذلك، يحب الأطفال عادةً الرسم واستخدام الفن للتعبير عن مشاعرهم، تعطينا رسومات الأطفال الكثير من المعلومات خاصة إذا طلبنا منهم إخبارنا بما رسموه.
  • الاختبارات الإسقاطية للبالغين: يمكن إجراء جميع الاختبارات المذكورة أعلاه بواسطة البالغين، لكن ربما تكون الاختبارات الأكثر توجهاً إلى هذه الفئة العمرية هي اختبار (Rorschach) واختبار الإدراك الموضوعي، الإجابات أيضاً غالباً ما تكون أكثر تعقيد، يمكن للبالغين أيضاً إجراء الاختبارات الرسومية التعبيرية دون أي مشاكل، لكن قد يحجم الكثير من الناس عن رسم مثل هذه الأشياء الطفولية.

مساوئ ومزايا الاختبارات الإسقاطية:

واحدة من أكبر عيوب هذه التقنيات هو عدم وجود إجماع على توحيد تعليمات التطبيق والتصحيح والتفسير، ينتج عن هذا تحيز في التفسير وعدم تناسق النتائج، تجعل الموضوعية في تقييم النتائج من الصعب الوصول إلى توافق في الآراء، علاوة على ذلك  على الرغم من جذورها من الجشطالت والتحليل النفسي، لا يوجد إطار نظري متجانس تستند إليه هذه التقنيات.

عيب آخر هو أنّ التدريب المكثف ضروري للتعامل مع هذه الاختبارات، بالإضافة إلى ذلك يمكن أن تتأثر الاستجابات بمواقف الفاحص وسياق الاختبار وحتى المشاعر أو الحالة الذهنية التي يمر بها الشخص في ذلك الوقت.

غالباً ما تستخدم الاختبارات الإسقاطية في البيئات العلاجية، يستخدمها المعالجون لجمع معلومات معينة حول العميل كذلك تستخدم لكسر الجمود وتشجيع الأفراد على مناقشة قضايا معينة أو فحص الأفكار والعواطف، تشير بعض الدراسات إلى أنّه قد يكون مفيدًا في تحديد المرضى الذين يعانون من الذهان أو الاضطراب ثنائي القطب أو الشخصية الحدية.

لكن لم يتم ربطها بالاضطرابات الاكتئابية أو الشخصية المعادية للمجتمع.بالإضافة إلى الحاجة إلى تقييم أمراض معينة، يمكن أن توفر هذه الاختبارات معلومات غنية للغاية وتكشف عن تعارضات للعمل في العلاج الذي لم يكن ليظهر لولا ذلك، يمكن أن يمنحنا اختتام الاختبارات الإسقاطية الكثير من المعلومات المفيدة ولكن لا ينبغي أن نبني تشخيصنا عليها، إنّها تعمل بشكل جيد كأدوات تكميلية للمريض لتطوير مشاكلهم واهتماماتهم.


شارك المقالة: