اقرأ في هذا المقال
يسعى معظم الناس إلى العلاج للحصول على المساعدة في حل مشكلة ما، ولكن ماذا لو كان من الممكن استخدام الأبحاث والتقنيات في مجال علم النفس للبناء على نقاط القوة والسمات الشخصية الموجودة لمساعدة الناس على أن يصبحوا أكثر سعادة وأكثر انخراطًا في حياتهم، وعلاج الأمراض النفسية، مما يجعل حياة كل الناس أكثر إنتاجية.
نشأة وتنمية علم النفس الإيجابي:
بعد الحرب العالمية الثانية بفترة قليلة، ذهب الاهتمام الرئيسي لعلم النفس إلى القاعدة الرئيسية وهو تقويم السلوك غير الطبيعي والأمراض الذهنية، من خلال المفكرين الإنسانيين مثل كارل روجرز، إريك فروم، وإبراهام ماسلو ساعد تجديد الاهتمام في المجالين الآخرين من خلال تطوير النظريات التي تركز على السعادة والجوانب الإيجابية للطبيعة البشرية.
أشار كريستوفر بيترسون، الذي يعتبر من المشاركين والمهتمين في تخصص علم النفس الإيجابي، إلى أنه من الضروري فهم ماهية علم النفس الإيجابي وما هو ليس كذلك، حيث أظهر أهمية علم النفس ومن أين يبدأ وأين ينتهي وإلى ماذا يهدف كفرع مستقل وحديث من علم النفس بشكل عام.
ويعتبر علم النفس الإيجابي هو دعوة لعلم النفس والممارسة ليكونوا مهتمين بالقوة كما يهتمون بالضعف، بحيث يهتمون بإنشاء أفضل الأمور في الحياة كما في تعديل وتقويم السيء، كما يهتم بتويل حياة الأفراد العاديين لإيجابية كما هو الحال مع شفاء الأمراض ومع ذلك فقد حذر من أن علم النفس الإيجابي لا يتمثل في ترك المصاعب الحقيقية التي يعترضها الناس والتي تسعى مجالات أخرى من علم النفس إلى علاجها.
وأوضح نشأة وتطور علم النفس الإيجابي أن قيمة هذا التخصص هي استكمال وتوسيع نطاق علم النفس الذي يركز على المشكلات وكيفية حلها ومواجهتها بالتفاؤل والسعادة والذي كان سائدًا لعقود عديدة ولاحقة للتطورات التكنولوجية، وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي.
مجالات علم النفس الإيجابي:
تشمل بعض الموضوعات الرئيسية التي تهم علم النفس الإيجابي والتي تكون بمثابة مجالات أساسية وذات قواعد ثابتة في علم النفس الإيجابي والمجالات الحياتية للأفراد، بحيث تتمثل مجالات علم النفس الإيجابي من خلال ما يلي:
1- قوة الشخصية والفضائل:
يهتم مجال قوة الشخصية والفضائل في تصنيف المكونات النفسية للخير في البشر عبر الثقافات والأمم والمعتقدات، بدلاً من وصف ما ينبغي على البشر فعله ليكونوا صالحين أو لتحسين أنفسهم في حين أن الجدول الدوري للعناصر هو تصنيف للعناصر على المستوى المجهري، فإن تصنيف هذا المجال هو تصنيف للسمات الإيجابية في الأشخاص، بحيث تعبر عن نقاط القوة مثل الفضول واللطف والشجاعة والمثابرة والأمل والامتنان والعمل الجماعي والتواضع والإنصاف جزءًا من هذا الإطار.
2- التدفق في علم النفس الإيجابي:
التدفق هو وضع عقلي يصبح فيها الفرد مندمج بشكل كامل في مهام معينة، بحيث يصف علماء النفس الإيجابي التدفق بأنه حالة من الانغماس الكامل في نشاط ما أثناء وجودهم في هذه الحالة العقلية، يشارك الناس تمامًا ويركزون على ما يفعلونه، بحيث يمكن أن تحدث تجارب التدفق بطرق مختلفة لأشخاص مختلفين، وغالبًا ما يحدث عندما يكون شيئًا ممتع.
غالبًا ما يرتبط هاذا المجال بالفنون الإبداعية مثل الرسم أو الشعر أو الكتابة، ومع ذلك، يمكن أن يحدث أيضًا أثناء ممارسة رياضة مثل التزلج أو التنس أو كرة القدم أو الرقص أو الجري، ومن فوائد التدفق أنه يساهم في التنظيم العاطفي الأفضل مع زيادة التدفق، بحيث يعاني الأشخاص أيضًا من مزيد من النمو تجاه التعقيد العاطفي، ويمكن أن يساعد هذا الأفراد على تنمية القدرات التي تسنح لهم بترتيب وتنسيق مشاعرهم بشكل أكثر فعالية.
يزيد هذا المجال من الشعور بالرضا والاستمتاع بجميع الأنشطة التي يقوم الشخص بأدائها، وخاصة إذا كانت من أجل العديد من الوظائف والمهام الضرورية، وهذا بدوره يزيد من السعادة لهذا الشخص وتحقيق الذات أيضاً، مما يزيد وينمي من الدافعية والتحفيزات المتنوعة للشخص تجاه التفاؤل وتحقيق النجاح من خلال المشاركة والتفاعل.
3- التفكير الإيجابي:
يتمثل هذا المجال في القيام بتوسيع الأهداف التفكيرية للأشخاص، بحيث لا يتوقفون عن الأفكار السلبية فحسب بل تحويل هذه الأفكار واستغلالها للنجاح والتطور في الحياة، ومحاولة النظر والتفكير بما هو أفضل مع عدم العودة وتكرار نفس الأخطاء التي تقع وتسبب الفشل النفسي قبل الفشل الواقعي لكل شخص.
4- التفاؤل والعجز:
بعض الاضطرابات النفسية الأكثر شيوعًا عند الأفراد هي الاضطرابات الداخلية مثل الاكتئاب والقلق، بحيث تشير الأبحاث حول تطور الاكتئاب والقلق إلى أنه يمكن الحد من الاضطرابات الداخلية، أو حتى منعها، ومن خلال قيام علم النفس الإيجابي في تعزيز الأساليب المعرفية الأكثر دقة، ومهارات حل المشكلات، والعلاقات الأسرية الداعمة يتم الارتقاء في هذا المجال.
بحيث يتمثل مجال التفاؤل والعجز في كيفية أن يتعلم الشخص طرق عديد من أجل التطور وتحويل العجز ومواضع الضعف إلى طاقة التفاؤل، أي في كيفية الارتقاء والاستعداد بشكل واضح للأزمات والمشاكل القادمة والمتنبأ بها.
علم النفس الإيجابي مقابل التفكير الإيجابي:
في حين ينظر الأفراد إلى علم النفس الإيجابي المرتبط بالسعادة، فإنهم ينظرون تجاه التفكير الإيجابي والتأكيدات الإيجابية والجيدة القائمة على الفكر، وعندما نتحدث إلى الناس عن علم النفس الإيجابي، وهو علم مثير وجديد نسبيًا لعلم النفس، غالبًا ما يذكر الناس أنهم معجبون بعلم النفس الإيجابي وأنهم استخدموا بالفعل التفكير الإيجابي في حياتهم.
هناك من يعتقد أن علم النفس الإيجابي هو في الحقيقة مجرد خداع للذات أو أي عدد من المفاهيم الخاطئة حول التفكير الإيجابي وأن الأساليب القائمة على الفعل للوصول إلى مزاج جيد أفضل بكثير من استراتيجيات التفكير، ومن المثير للاهتمام أن كلا الاستجابتين مبنيان على اعتقاد شائع بأن التفكير الإيجابي وعلم النفس الإيجابي هما نفس الشيء.
يمكن أن يكون التفكير الإيجابي طريقة رائعة لتخفيف التوتر، ويمكن أن يشمل إعادة الصياغة المعرفية لمكافحة التشوهات المعرفية الشائعة، ويمكن أن تتضمن تركيزًا واعًيا على فوائد الموقف بدلاً من عيوبه، أو التركيز بعيدًا عن الأحداث السلبية، ويمكن أن يتضمن محاولة واعية للتراجع عن التركيز على السلبيات في الحياة.
بحيث ينطوي التفكير الإيجابي على التفاؤل والامتنان والدعم تماماً كعلم النفس الإيجابي، ويمكن أن يتضمن تأكيدات إيجابية بالإضافة إلى جهد حازم للتوقف عن الشكوى، ويعتمد التفكير الإيجابي في جزء كبير منه على الطرق المعرفية للوصول إلى إطار ذهني أكثر إيجابية عاطفيًا، مع إدراك أنه عندما نفكر بشكل أكثر إيجابية، نشعر بتحسن نفسي وداخلي.
علم النفس الإيجابي مختلف قليلاً، بحيث يمكن أن يشمل كل هذه الأشياء، لكنه يجعل الناس يزدهرون، وهو يذهب إلى أبعد قليلاً مما يعتبره كثير من الناس أفكارًا دافئة وغامضة، ويركز علم النفس الإيجابي على السلوكيات التي يمكن أن تؤدي إلى إطار عقلي محسّن بقدر ما يركز على أنماط التفكير التي تؤدي إلى سلوكيات وظيفية أكثر، مثل العلاج السلوكي المعرفي.