مصادر علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


مصادر علم النفس الاجتماعي:

1- الشخص والوضع الاجتماعي:

يعتبر الشخص من المصادر الأساسية في علم النفس الاجتماعي وخاصة عندما يتعلق الأمر في الوضع الاجتماعي، فعلم النفس الاجتماعي هو دراسة العلاقة الديناميكية بين الأفراد والأشخاص من حولهم، بحيث يختلف كل منا عن الآخر، ولخصائصنا الفردية، بما في ذلك سمات شخصيتنا ورغباتنا ودوافعنا وعواطفنا، وتأثير مهم على سلوكنا الاجتماعي.

لكن سلوكنا يتأثر أيضًا بشكل عميق بالوضع الاجتماعي أي الأشخاص الذين نتفاعل معهم كل يوم، ويشمل هؤلاء الأشخاص أصدقائنا وعائلتنا، وزملاء الدراسة وزملاء العمل المهني، والأشخاص الذين نراهم على التلفزيون أو نقرأ عنهم أو نتفاعل معهم عبر الإنترنت، بالإضافة إلى الأشخاص الذين نفكر فيهم أو نتذكرهم أو حتى نتخيلهم.

يرى علماء النفس الاجتماعي أن الأسلوب الشخصي للشخص يتحدد بسمات الشخص والوضع الاجتماعي، كما يعتقدون أن الوضع الاجتماعي غالبًا ما يكون له تأثير أقوى على السلوك من خصائص الشخص، بحيث يعتبر علم النفس الاجتماعي هو إلى حد كبير دراسة الحالة الاجتماعية.

تخلق مواقفنا الاجتماعية تأثيرًا اجتماعيًا أي العملية التي من خلالها يغير الآخرون أفكارنا ومشاعرنا وسلوكياتنا والتي من خلالها نغير أفكارهم، فالشخص والوضع الاجتماعي الذي ينشأ به له تأثيرات مشتركة مع المتغيرات الظرفية والتي تسمى بتفاعل حالة الشخص في أن تكون سبب ومصدر لعلم النفس الاجتماعي.

2- التكيف التطوري وخصائص الإنسان:

في معادلة لوين، يشير الشخص إلى خصائص الفرد البشري، بحيث يولد الناس بمهارات تسمح لهم بالتفاعل بنجاح مع الآخرين في عالمهم الاجتماعي، فيستطيع الأطفال حديثي الولادة التعرف على الوجوه والاستجابة للأصوات البشرية، ويتعلم الأطفال الصغار اللغة ويطورون صداقات مع الأطفال الآخرين، ويصبح المراهقين مهتمين بالمظهر الخاري ويكون معظم البالغين أسرة، وعادة ما يتعايش معظم الناس مع الآخرين.

يتمتع الناس بهذه الخصائص الخاصة لأننا جميعًا قد تم تشكيلنا بالمثل من خلال التطور البشري، ولقد زودتنا الشفرة الجينية التي تحدد البشر بمهارات اجتماعية خاصة بعلم النفس الاجتماعي متخصصة مهمة للبقاء على قيد الحياة، تمامًا كما ساعد البصر الشديد والقوة الجسدية ومقاومة الأمراض أسلافنا على البقاء، كذلك ساعد الميل للانخراط في السلوكيات الاجتماعية.

نحن نصدر أحكامًا بسرعة حول الأشخاص الآخرين، ونساعد الأشخاص الآخرين المحتاجين، ونستمتع بالعمل معًا في مجموعات اجتماعية؛ لأن هذه السلوكيات ساعدت أسلافنا على التكيف والتوافق اجتماعياً وتم نقل جيناتهم إلى الجيل التالي، بحيث ترجع مهاراتنا الاجتماعية غير العادية بشكل أساسي إلى أدمغتنا الكبيرة والذكاء الاجتماعي الذي يزودوننا به ما التكيف التطوري وخصائصنا الفريدة التي زادت من أهمية وجود علم النفس الاجتماعي.

يُعرف الافتراض بأن الطبيعة البشرية، بما في ذلك الكثير من سلوكنا الاجتماعي، يتحدد إلى حد كبير من خلال ماضينا التطوري، والتكيف التطوري الذي يعتبر مهم في تزويدنا بخصائصنا البشرية، التي تعطينا الميل والاتجاه للتصرف بشكل ونمط معين، أي إنتاج سلوكيات اجتماعية مع الآخرين.

لقد زودنا التكيف التطوري بدافعين أساسيين يرشداننا ويساعداننا على عيش حياة منتجة وفعالة، يتعلق أحد هذه الدوافع بالذات، الدافع لحماية وتعزيز الذات والأشخاص المقربين نفسياً منا، والآخر يتعلق بالوضع الاجتماعي، الدافع للانتماء والقبول من قبل الآخرين.

3- الاهتمام بالنفس:

الاتجاه الأساسي لجميع الكائنات الحية، وتركيز الدافع البشري الأول، هو الرغبة في حماية وتعزيز حياتنا وحياة الأشخاص القريبين منا، بحيث يتحفز البشر للعثور على الطعام والماء، والحصول على مأوى ملائم، وحماية أنفسهم من الخطر، والقيام بذلك ضروري؛ لأننا لا نستطيع البقاء إلا إذا كنا قادرين على تحقيق هذه الأهداف الأساسية.

تقودنا الرغبة في الحفاظ على الذات وتعزيزها أيضًا إلى فعل الشيء نفسه لأقاربنا، أولئك الأشخاص المرتبطين بنا وراثيًا، بحيث يقوم الفرد باختيار الأقارب على استراتيجية الاهتمام بالنفس، ووفقًا للمبادئ التطورية، يحدث اختيار الأقارب لأن السلوكيات التي تعزز لياقة الأقارب، حتى لو كانت تقلل من لياقة الفرد نفسه، قد تزيد مع ذلك من بقاء المجموعة ككل.

بالإضافة إلى أقاربنا فنحن نرغب في حماية وتحسين وتعزيز رفاهية مجموعتنا أي أولئك الذين نعتبرهم متشابهين ومهمين بالنسبة لنا والذين نتشارك معهم اتصالات اجتماعية وثيقة، فالميل إلى مساعدة الأشخاص الذين نشعر بأنهم قريبين منا، ربما يرجع جزئيًا إلى ماضينا التطوري، فالاهتمام بالنفس ومعرفة مفهوم الجماعة والحفاظ عليه يعزز علم النفس الاجتماعي.

علاقة الوضع الاجتماعي بالتأثيرات الاجتماعية:

عندما يُطلب من الأشخاص الإشارة إلى الأشياء التي يقدرونها أكثر من غيرهم، فإنهم عادة ما يذكرون وضعهم الاجتماعي أي علاقاتهم مع الآخرين، فعندما نعمل مع جماعة في مشروع دراسي، أو نتطوع في ملجأ للمشردين، أو نعمل في هيئة محلفين في محاكمة قاعة المحكمة، فإننا نعتمد على الآخرين للعمل معنا لإنجاز المهمة وخاصة فريقنا المحدد.

نحن كبشر اجتماعيين نطور روابط اجتماعية مع هؤلاء الأشخاص، ونتوقع أنهم سيتفاعلون معنا لمساعدتنا على تحقيق أهدافنا، بحيث تظهر أهمية الجماعة في كل جانب من جوانب حياتنا، وخاصة فيما يجب علينا وما لا ينبغي فعل، وما يجب علينا وما لا يجب أن نفكر فيه، وحتى ما يجب علينا وما لا يجب أن نحبه ونكرهه.

من المبادئ المهمة في علم النفس الاجتماعي، أنه على الرغم من أهمية خصائص الأفراد، فإن الوضع الاجتماعي غالبًا ما يكون محددًا للسلوك أقوى من الشخصية، فعندما يحلل علماء النفس الاجتماعي حدثًا مثل الهولوكوست، فمن المرجح أن يركزوا أكثر على خصائص الموقف على سبيل المثال، القائد القوي وضغط المجموعة الذي يقدمه أعضاء المجموعة الآخرين، أكثر من التركيز على خصائص الجناة أنفسهم.

بالإضافة إلى اكتشاف المدى الملحوظ الذي يتأثر فيه سلوكنا بوضعنا الاجتماعي، اكتشف علماء النفس الاجتماعي أننا في كثير من الأحيان لا ندرك مدى أهمية الموقف الاجتماعي في تحديد السلوك، وغالبًا ما نعتقد خطأً أننا والآخرين نتصرف بالكامل بمحض إرادتنا، دون أي تأثيرات خارجية.

من المهم الافتراض أن الأشخاص الذين يرتكبون أفعالًا خاطئة، هم أشخاص غير عاديين أو سيئين، ومع ذلك، تشير الكثير من الأبحاث إلى أن هذه السلوكيات ناتجة عن الوضع الاجتماعي أكثر مما هي بسبب خصائص الأفراد وأنه من الخطأ التركيز بشدة على تفسيرات خصائص الأفراد.

في بعض الحالات، يحدث التأثير الاجتماعي بشكل سلبي إلى حد ما، دون أي نية واضحة لشخص ما للتأثير على شخص آخر، كما هو الحال عندما نتعرف على معتقدات وسلوكيات الأشخاص من حولنا ونتبناها، وغالبًا دون أن ندرك أننا نقوم بذلك، وفي حالات أخرى، يكون التأثير الاجتماعي غير خفي، بحيث تنطوي على فرد أو أكثر يحاول بنشاط تغيير معتقدات أو سلوكيات الآخرين.


شارك المقالة: