مفهوم التحيز في المراسلات في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


التحيز في المراسلات هو ميلنا إلى استخلاص استنتاجات حول شخصية شخص ما بناءً على سلوكياته، حتى عندما يمكن تفسير هذه السلوكيات بالكامل من خلال الموقف، عندما نرى شخصًا ما يتصرف بطريقة معينة نعتقد أن السبب في ذلك هو أنه يتصرف دائمًا بهذه الطريقة، ونفترض على الفور أنهم مجرد هذا النوع من الأشخاص، ونقوم بذلك حتى عندما يكون هناك عامل خارجي منطقي تمامًا يحفز سلوك الشخص الآخر، في الواقع لا يهم إذا كنا على دراية بالموقف حتى عندما نعرف عن الظروف فإننا نتجاهلها وبدلاً من ذلك نستنتج أن هذا الشخص يتصرف دائمًا بهذه الطريقة.

مفهوم التحيز في المراسلات في علم النفس

يصف مفهوم التحيز في المراسلات في علم النفس ميل المدركين إلى استنتاج خصائص شخصية مستقرة من سلوك الآخرين حتى عندما يكون هذا السلوك الإنساني ناتجًا عن عوامل ظرفية، على سبيل المثال قد يستنتج الطلاب مستوى عالٍ من القلق المتمثل في السمة من السلوك الإنساني العصبي لزميل لهم أثناء العروض التقديمية في الفصل.

على الرغم من أن مثل هذا السلوك الإنساني العصبي قد يكون ببساطة نتيجة الموقف المثير للقلق، ويعد مفهوم التحيز في المراسلات في علم النفس ظاهرة مهمة في البحث عن تكوين الانطباع، حيث يمكن أن يؤدي إلى أخطاء منهجية في الانطباعات الأولى للأفراد الآخرين.

تاريخ مفهوم التحيز في المراسلات في علم النفس

تعود جذور البحث عن مفهوم التحيز في المراسلات في علم النفس إلى أعمال علماء النفس الاجتماعي فريتز هايدر وجوستاف إيشيسر في الخمسينيات من القرن الماضي وشهدت زيادة سريعة في السبعينيات، ومع ذلك لم يتم اقتراح مفهوم التحيز في المراسلات في علم النفس من قبل علماء النفس الاجتماعي إدوارد جونز ودانييل جيلبرت حتى عام 1986.

حتى الآن يعتبر مفهوم التحيز في المراسلات في علم النفس أحد أقوى النتائج وهذا يعني أن العديد من الباحثين قد وجدوه في العديد من التجارب والسياقات المختلفة في البحث النفسي الاجتماعي.

أسباب مفهوم التحيز في المراسلات في علم النفس

أحد أسباب كون مفهوم التحيز في المراسلات في علم النفس ظاهرة قوية هو أن له أسبابًا متعددة، تتمثل أول هذه الأسباب في أنه قد يرتكب المدركين تحيز المراسلات عندما لا يعتقدون أن عامل ظرفية معين يؤثر على السلوك الإنساني المرصود.

ففي مثال أن يستنتج الطلاب مستوى عالٍ من القلق المتمثل في السمة من السلوك الإنساني العصبي لزميل لهم أثناء العروض التقديمية في الفصل، قد لا يعتقد بعض الأفراد في المشاهدين أن تقديم عرض تقديمي في الفصل يثير القلق، على هذا النحو سوف يستنتجون أن المقدم يجب أن يكون شخصًا قلقًا، على الرغم من أن الجميع قد يظهر نفس المستوى من القلق السلوكي في هذه الحالة.

يفترض العديد من علماء النفس الاجتماعي أن هذا السبب مسؤول عن الاختلافات الثقافية في مفهوم التحيز في المراسلات في علم النفس، حيث يميل الأفراد في ثقافات معينة إلى إسناد تأثير أكبر إلى العوامل الظرفية أكثر من الأفراد في الثقافات المتباينة عنها.

السبب الثاني وراء مفهوم التحيز في المراسلات في علم النفس في أنه قد يرتكب المدركين تحيزًا في المراسلات عندما لا يفكرون في وجود عوامل ظرفية، ففي هذه الحالة قد يعتقد المدركين في الواقع أن عاملًا ظاهريًا معينًا له تأثير قوي على سلوك الناس، لكنهم قد يفشلون في مراعاة هذا العامل الظرفية عندما يستنتجون من السلوك المستحث والسلوكيات الظرفية.

تكون هذه الاستنتاجات مرجحة بشكل خاص عندما لا يكون لدى الناس الدافع للتفكير في التأثيرات الظرفية على سلوك الآخرين أو عندما يكونون منخرطين للغاية في أنشطة أخرى تجذب انتباههم، على سبيل المثال قد يستنتج الطلاب أن زميلهم الطالب قلق للغاية إما عندما لا يكون لديهم الدافع للتفكير في موقف مقدم العرض أو عندما يتشتت انتباههم عن طريق تدوين الملاحظات أو الاستماع إلى الشخص الجالس بجانبهم.

ويعتبر السبب الثالث خلف مفهوم التحيز في المراسلات في علم النفس أنه غالبًا ما يرتكب المدركين تحيزًا في المراسلات عندما يطبقون معتقداتهم حول التأثيرات الظرفية بطريقة تعزز بدلاً من تقليل تحيز المراسلات، ومنها يمكن أن يكون هذا هو الحال عندما تؤثر المعتقدات حول العوامل الظرفية على تفسير السلوك الإنساني المرصود.

على سبيل المثال قد يعتقد الناس أن تقديم عرض تقديمي أمام العلماء في مؤتمر يثير القلق أكثر من إلقاء محاضرة أمام الطلاب في الفصل، وهذا الافتراض بدوره يمكن أن يقود المدركين إلى رؤية المزيد من القلق في سلوك مقدم العرض عندما يكون العروض التقديمية أمام العلماء في مؤتمر مما هو عليه عندما يكون أمام الطلاب في الفصل، الأهم من ذلك يمكن أن يكون هذا هو الحال حتى عندما يكون السلوك الإنساني المقدم هو نفسه تمامًا.

والسبب الرابع خلف مفهوم التحيز في المراسلات في علم النفس هو أنه من الممكن أن يرتكب المدركين تحيز المراسلات عندما يعتقدون أن السلوك الإنساني مفيد وإيجابي للغاية لشخصية الممثل بغض النظر عما إذا كان قد تم استفزازه من قبل الموقف أم لا، تمشيًا مع هذه الفكرة أظهرت العديد من الدراسات أن الناس يعتبرون السلوك المعادي غير الأخلاقي مفيدًا للغاية لاستنتاج خصائص الشخصية غير الأخلاقية.

في المقابل يعتبر السلوك الإيجابي الأخلاقي أقل إفادة بكثير لاستنتاج خصائص الشخصية الأخلاقية، على سبيل المثال يمكن اعتبار سرقة حقيبة امرأة عجوز مفيدة للغاية لاستنتاج شخصية غير أخلاقية، ومع ذلك فإن مساعدة امرأة عجوز على عبور الشارع لا تعني بالضرورة شخصية أخلاقية، ومنها في سياق مماثل أظهرت الأبحاث في علم النفس أن الناس يعتبرون الأداء عالي المستوى مفيدًا للغاية لاستنتاج مستويات القدرة العالية جداً، بينما تعتبر العروض منخفضة المستوى أقل إفادة بكثير لاستنتاج مستويات القدرة المنخفضة.

على سبيل المثال إذا تغلب لاعب الشطرنج على بطل العالم الحالي فمن المرجح أن يفكر الناس في هذا الشخص على أنه موهبة شطرنج، ومع ذلك إذا خسر نفس الشخص مباراة ضد لاعب آخر، فقد يعتقد المدركين أن هذا الشخص قد مر يومًا سيئًا، وعند تطبيقه على مفهوم التحيز في المراسلات في علم النفس يمكن أن تؤدي هذه الاختلافات في القيمة الإعلامية المتصورة لسلوك الآخرين إلى دفع المدركين إلى الرفض المتعمد للعوامل الظرفية باعتبارها تفسيرات قابلة للتطبيق لهذا السلوك الإنساني.

وبالتالي فإنهم سيستنتجون خصائص شخصية مستقرة من هذا السلوك الإنساني حتى عندما تم استفزازه بواسطة عوامل ظرفية على سبيل المثال أن الشخص الذي سرق حقيبة امرأة عجوز لديه شخصية غير أخلاقية حتى عندما لم يكن لدى هذا الشخص أي شيء يأكله لعدة أيام.


شارك المقالة: