مفهوم الحاجة إلى الانتساب في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


مفهوم الحاجة إلى الانتساب في علم النفس الاجتماعي:

يختلف البشر عن بعضهم البعض في مدى رغبتهم في الارتباط بأشخاص آخرين، حيث يتجنب بعض الناس البقاء بمفردهم، ويضعون أولوية عالية على صداقاتهم المتنوعة، ويحاولون جاهدين إرضاء الآخرين بأي شكل من الأشكال، والبعض الآخر عكس ذلك تمامًا، أي أنهم راضين عن كونهم بمفردهم، ولا يبذلون الكثير من الجهد في علاقاتهم مع الآخرين، ولا يهتمون كثيرًا بإسعاد الآخرين.

صاغ هنري موراي مفهوم الحاجة إلى الانتساب في علم النفس الاجتماعي للتمييز بين الأشخاص الودودين بشكل عام، والمنتهية ولايته، والمتعاونين المتفاعلين، والمتحمسين للانضمام إلى المجموعات من غير الودودين، والمتحفظين والعازلين.

من المحتمل أن يوصف معظم الناس بأنهم بحاجة معتدلة إلى الانتماء والانتساب، لكن بعض الناس لديهم حاجة منخفضة للغاية والبعض الآخر لديهم حاجة ماسة للغاية، حيث استخدم موراي مصطلح الحاجة لوصف نوع من القوة داخل الشخص الذي ينظم أفكار الشخص ومشاعره وسلوكه، أي أن الشخص الذي يحتاج بشدة إلى الانتماء والانتساب يكون متحمسًا جدًا لبناء علاقات مع الآخرين والحفاظ عليها بحيث يتم توجيه العديد من أفكاره ومشاعره وأفعاله نحو تحقيق هذا الدافع الجوهري.

طبيعة مفهوم الحاجة إلى الانتساب في علم النفس الاجتماعي:

ربما يبدو مفهوم الحاجة إلى الانتساب في علم النفس الاجتماعي جزءًا مهمًا من الشخصية المرغوبة، حيث أن كثير من الناس بعد كل شيء يفضلون التفكير في أنفسهم على أنهم ودودين من كونهم باردين أو متشائمين بأي شكل من الأشكال، وهناك بعض المزايا لوجود حاجة كبيرة للانتماء والانساب.

أشار هنري موراي إلى أن الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة للانتماء والانتساب يحاولون جاهدين إسعاد الآخرين، وهو ما قد يساعدهم على الأرجح في بناء علاقات قوية والحفاظ عليها، ولكن هناك أيضًا بعض العيوب حيث يميل الأشخاص ذوو الحاجة العالية إلى الانتماء والانتساب إلى التوافق وقد يتماشون مع الخيارات غير الحكيمة التي يتخذها الأشخاص من حولهم.

في ظل بعض الظروف قد يواجه الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إلى الانتماء والانتساب في علم النفس الاجتماعي مشكلة في إنجاز عملهم ووظائفهم المحددة لهم، وقد يضعون أولوية عالية للتواصل الاجتماعي بحيث يتجاهلون بعض أهدافهم النفسية والسلوكية الأخرى.

يعتقد هنري موراي أن الطريقة التي يعبر بها الناس عن حاجتهم إلى الانتماء والانتساب في علم النفس الاجتماعي تعتمد على جوانب أخرى من شخصيتهم، وقد يكون الشخص الذي يحتاج بشدة إلى الانتماء والانتساب وهو أيضًا في حاجة شديدة إلى الرعاية لطيفًا للغاية، ولكن الشخص الذي يحتاج بشدة إلى الانتماء والانتساب والحاجة إلى الاحترام قد يكون ممتعًا للغاية، بعبارة أخرى قد تتكون مجموعة الأشخاص الذين يحتاجون بشدة إلى الانتماء من أشخاص جميعهم منفتحين، لكنهم قد يختلفون بطرق أخرى وفقًا لملفات احتياجاتهم الفريدة.

استخدامات مفهوم الحاجة إلى الانتساب في علم النفس الاجتماعي:

أظهر علماء النفس الاجتماعي مؤخرًا اهتمامًا كبيرًا بالحاجة إلى الانتماء والانتساب في علم النفس الاجتماعي، ومن المهم أن نفهم كيف يختلف هذا المفهوم المرتبط عن الحاجة إلى الانتماء والانتساب، حيث تعتبر الحاجة إلى الانتماء دافعًا إنسانيًا عالميًا لإقامة علاقات دائمة وإيجابية مع الآخرين والحفاظ عليها.

يصف معظم الباحثين الحاجة إلى الانتماء كعنصر من مكونات الطبيعة البشرية، أو شيء يمتلكه جميع البشر العاديين، وتشير الكثير من الأبحاث إلى أنه إذا لم يحافظ الناس على الأقل على الحد الأدنى من العلاقات الصحية الدائمة فإن رفاهيتهم ستعاني.

من ناحية أخرى يستخدم مفهوم الحاجة إلى الانتساب والانتماء في علم النفس الاجتماعي لوصف شخصيات الناس المختلفة، حيث أنه يختلف الناس في مدى تحفيزهم للتواصل الاجتماعي وإنشاء اتصالات جديدة غير سابقة، وهذا هو المقصود بفكرة وجود فروق فردية في الحاجة إلى الانتماء والانتساب، والأشخاص الذين هم في حاجة عالية إلى الانتساب والانتماء يكونون أكثر تحفيزًا لتكوين العلاقات أكثر من الآخرين، ونتيجة لذلك قد يكونون أكثر نجاحًا في تلبية حاجتهم إلى الانتماء والانتساب.

تطورات البحث النفسي في مفهوم الحاجة إلى الانتساب في علم النفس الاجتماعي:

أجرى هنري موراي بحثه حول الحاجة إلى الانتساب في منتصف القرن العشرين، ومنذ ذلك الحين قام الباحثين بتطوير فهم علماء النفس لهذا الدافع الجوهري إلى حد كبير، بالتالي استخدمت الأبحاث المبكرة حول الحاجة إلى الانتساب اختبار الإدراك الموضوعي، والذي يتطلب من المستجيبين تفسير عدد من الصور الغامضة؛ وذلك لتحديد قوة حاجة الناس للانتماء والانتساب.

لكن منذ ذلك الوقت ظهرت اختبارات أخرى للحاجة إلى الانتساب في علم النفس الاجتماعي، على سبيل المثال صمم دوجلاس جاكسون حاجة لمقياس الانتماء والانتساب كجزء من مقياسه الشامل للشخصية المعروف باسم نموذج بحث الشخصية، وبعد سنوات طور كريج هيل مقياس التوجه الشخصي وهو استبيان تقرير ذاتي يقيس عدة مكونات محددة لدوافع الانتماء والانتساب في علم النفس.

أسفرت الأبحاث المبكرة حول الحاجة إلى الانتساب في علم النفس الاجتماعي عن نتائج أكدت وصف هنري موراي للحاجة، حيث أنه بالنسبة للأشخاص الذين لديهم حاجة منخفضة للانتماء والانتساب، فإن الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إلى الانتساب هم أكثر اهتمامًا بقبول الآخرين، ويشعرون بمزيد من التعاطف مع الآخرين، ومن المرجح أن يبدأوا اتصالات وصداقات وأكثر عرضة للتوافق مع رغبات الخبراء الذين يضغطون عليهم لاتخاذ قرار.

توصلت أبحاث أخرى إلى اكتشافات ربما لم يتوقعها هنري موراي، على سبيل المثال يُظهر بحث هيل أنه في بعض النواحي تكون النساء أكثر احتياجًا للانتماء والانتساب من الرجال، ومقارنة بالرجال ذكرت النساء أنهن يستمتعن أكثر بالتفاعل مع الآخرين ومن المرجح أن يبحثن عن صحبة الآخرين عندما يكونون منزعجين.

يُظهر بحث كريج هيل أيضًا أن الأشخاص الذين لديهم حاجة ماسة للانتساب يمكن أن يميزوا عندما يختارون شريكًا في المحادثة؛ فهم يفضلون الأشخاص الودودين أكثر من الأشخاص المحجوزين، وهذه النتيجة منطقية في ضوء الكثير من الأبحاث النفسية الاجتماعية التي تظهر أن الناس يميلون إلى حب الآخرين الذين يشبهونهم.

قد يكون الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إلى الانتماء والانتساب قادة ذو سلوك قيادي أفضل أيضًا من الأشخاص ذوي الحاجة المنخفضة للانتماء والانتساب، ففي دراسة أجراها ريتشارد سورينتينو ونايجل فيلد وصف زملاؤهم الطلاب الذين هم في أمس الحاجة إلى الانتساب بأنهم قادة أكثر من الطلاب ذوي الحاجة المنخفضة للانتماء والانتساب، لكن الطلاب الذين تم اعتبارهم الأكثر تشابهًا مع القادة كانوا طلابًا كانوا عالياً في كل من الحاجة إلى الإنجاز والحاجة إلى الانتماء والانتساب، ويشير هذا البحث إلى أن القادة الناجحين هم طموحين ومؤنسين.


شارك المقالة: