اقرأ في هذا المقال
- مفهوم العجز المكتسب في علم النفس الاجتماعي
- خلفية وتاريخ مفهوم العجز المكتسب في علم النفس الاجتماعي
- النظرية المعاد صياغتها لمفهوم العجز المكتسب في علم النفس الاجتماعي
- الفرق بين العجز المكتسب والسلوكيات المماثلة
مفهوم العجز المكتسب في علم النفس الاجتماعي:
يشير مفهوم العجز المكتسب إلى ظاهرة يختبر فيها الحيوان أو الإنسان حدثًا لا يمكن السيطرة عليه ولا مفر منه، وبالتالي يواجه صعوبة في الحصول على نتائج مرغوبة، حتى عندما يكون من السهل القيام بذلك، وغالبًا ما يستخدم المصطلح لشرح سبب إظهار الأشخاص لسلوكيات سلبية وعاجزة أو الشعور بالعجز في المواقف التي يسهل تجنبها أو تغييرها.
خلفية وتاريخ مفهوم العجز المكتسب في علم النفس الاجتماعي:
اكتشف مارتن سيليجمان وستيفن ماير مفهوم العجز المكتسب بالخطأ وبدون تخطيط أثناء إجراء بحث سلوكي حول التعزيز السلبي مع الكلاب، حيث أقاموا قفصًا من جزأين مفصولين بجدار مرتفع على الكتف، يُطلق عليه اسم صندوق النقل، والذي سمح للكلاب بالهروب من صدمة كهربائية خفيفة ولكنها مؤلمة تم توصيلها إلى أرضية أحد الجانبين عن طريق القفز إلى الجانب الآخر.
عادةً ما تتعلم الكلاب بسهولة الهروب من الصدمات بالقفز من فوق الحائط في مثل هذه الأجهزة، لكن سليجمان وماير وجدا أن الكلاب التي تعرضت مؤخرًا لصدمة لا يمكن تجنبها قبل أن تكون في المكوك تميل إلى قبول الصدمة بشكل سلبي، على الرغم من أنها يمكن أن تفلت منها بسهولة.
في دراستهم الكلاسيكية، قارنوا أداء الكلاب التي سبق أن تلقت صدمة لا مفر منها بأولئك الذين أصيبوا بنفس القدر من الصدمات التي لا يمكن الهروب منها أو لم يتعرضوا لصدمة قبل أن يكونوا في الصندوق، ومن هذا والعديد من دراسات المتابعة وجدوا أن الطبيعة التي لا يمكن السيطرة عليها للحدث الذي مر به في المهمة السابقة بدلاً من ما إذا كان مرغوبًا أو غير مرغوب فيه أو أدى إلى مشاعر سلبية هو المسؤول عن السلوك السلبي للكلاب بعد ذلك.
أثارت النتائج التي توصلوا إليها مزيدًا من الأبحاث، باستخدام أساليب مماثلة وباستخدام كل من المكافآت والعقوبات، والتي أظهرت أنه يمكن ملاحظة سلوك العجز المكتسب في مجموعة متنوعة من الأنواع الأخرى، بما في ذلك القطط والأسماك والطيور والجرذان والصراصير والبشر.
أجريت أبحاث العجز المبكر عند البشر بنفس الطريقة تقريبًا ولكنها استخدمت إجراءات مختلفة نوعًا ما، عرّض مثل هذا البحث المشاركين عادةً لأحداث غير مريحة على سبيل المثال، اندفاعات من الضوضاء العالية، والمشكلات غير القابلة للحل التي كانت إما قابلة للتحكم أو لا يمكن السيطرة عليها، ثم أدارت مهمة اختبار مختلفة، والتي يمكن للمشاركين التحكم فيها على سبيل المثال، مشاكل قابلة للحل من نوع آخر، وتجنب الصدمة المزعجة أو الضوضاء عن طريق الضغط على الأزرار.
كانت نتائج هذه الدراسات مختلطة، أي أنه وجد الباحثين أحيانًا أن البشر يتصرفون بشكل مشابه جدًا للحيوانات وسيتخلون عن المهمة الثانية إذا كانت لديهم تجربة سابقة لا يمكن السيطرة عليها، ووجد باحثين آخرين أن البشر سيعملون بجهد أكبر في المهمة الثانية.
أظهرت الأبحاث اللاحقة على البشر أيضًا أن الإجراءات البسيطة نسبيًا يمكن أن تقلل من العجز المكتسب، خاصة تلك المصممة لتسليط الضوء على الروابط بين السلوك الإنساني والنتائج، سواء كانت تعليمات لفظية أو إعطاء خبرة بمهمة يمكن التحكم فيها، تقلل العجز المكتسب.
بالمثل فإن دفع الناس إلى التفكير في تفسيرات مختلفة لأدائهم السيء يقلل أيضًا من اليأس، ومن المثير للاهتمام، أن تعزيز احترام الذات لدى شخص ما وتحسين الحالة المزاجية مسبقًا، قد ثبت أنهما يقللان من الشعور باليأس، بشكل عام كان البحث حول العجز المكتسب جزءًا من اتجاه أوسع في علم النفس الاجتماعي في أوائل السبعينيات والذي استكشف أهمية الاختيار والتحكم الشخصي في تحسين الأداء والأداء العقلي.
النظرية المعاد صياغتها لمفهوم العجز المكتسب في علم النفس الاجتماعي:
بمرور الوقت أصبح من الواضح أن مفهوم العجز المكتسب يعمل بشكل مختلف في البشر عنه في الحيوانات، ويرجع ذلك أساسًا إلى قدرة البشر على مراقبة الأحداث وتفسيرها بطرق مختلفة، على سبيل المثال يمكن للبشر أن يتعلموا العجز بشكل غير مباشر من خلال مشاهدة شخص آخر يستجيب لأحداث لا يمكن السيطرة عليها، لكن الحيوانات لا تستطيع ذلك.
أيضًا وجدت الدراسات أن مجموعات الأشخاص الذين يعملون معًا بشكل سلوك جمعي يمكن أن يواجهوا العجز المكتسب، والذي كان أيضًا فريدًا لدى البشر، علاوة على ذلك ترتبط أنماط تفكير معينة بسلوكيات لا حول لها ولا قوة حتى عندما لا يتم اختبار حدث لا يمكن السيطرة عليه بشكل مباشر.
في أواخر السبعينيات قام لين أبرامسون ومارتن سيليجمان وجون تيسدال بمراجعة وإعادة صياغة نظرية العجز المكتسب لمعالجة هذه القضايا وغيرها في إعادة صياغتهم، حيث جادلوا بأن طرقًا معينة لشرح أحداث الحياة السلبية تقود الناس إلى إدراك أحداث الحياة على أنها لا يمكن السيطرة عليها، وهذا بدوره يؤدي إلى توقعات بأنه لا يمكن لأي سلوك أن يمنع الأحداث السلبية المستقبلية وغيرها من السلوكيات اليائسة.
من المرجح أن تؤدي هذه التفسيرات حول أسباب الأحداث المعروفة أيضًا باسم الإسناد إلى مشاعر وسلوكيات لا حول لها ولا قوة عندما يُنظر إلى الأحداث السلبية على أنها نابعة من أسباب داخلية ومستقرة وعالمية، من ناحية أخرى تؤدي التفسيرات التي تركز على الأسباب الخارجية وغير المستقرة والمحددة إلى تصورات بأنه يمكن التحكم في النتائج السلبية ومنعها في المستقبل.
تشير الإحالات الداخلية إلى الأسباب التي تنبع من الفرد، بينما تشير الإحالات الخارجية إلى أسباب خارج الفرد، على سبيل المثال إذا فشل شخص ما في أحد الاختبارات، فقد يكون الإسناد الداخلي هو أن الشخص لديه مهارات دراسة سيئة، في حين أن الإسناد الخارجي قد يكون هو أن الاختبار كان صعبًا للغاية.
الإحالات المستقرة هي تفسيرات تقترح أسبابًا لا تتغير، في حين أن الإحالات غير المستقرة تتعلق بالأسباب التي من المحتمل أن تتغير، ومثال على الإسناد المستقر حول درجة الامتحان الضعيفة هو أن الشخص ليس جيدًا في الموضوع في حين أن الإسناد غير المستقر هو أن الشخص كان مشتتًا بسبب مشكلة شخصية في ذلك اليوم والصفات العالمية هي تفسيرات تركز على مجموعة متنوعة من النتائج والمواقف، في حين تركز السمات المحددة على نتائج أو مواقف قليلة.
الفرق بين العجز المكتسب والسلوكيات المماثلة:
كان مفهوم العجز المكتسب شائعًا للمساعدة في تفسير مجموعة واسعة من السلوكيات غير الصحية، من البقاء في علاقات سيئة إلى التسويف إلى الموت التلقائي إلى الأداء الضعيف في الرياضة والأعمال، ومع ذلك من المهم التمييز بين الأنواع الأخرى من السلوك اليائس والعجز المكتسب، لأن الناس في بعض الأحيان قد يتصرفون بلا حول ولا قوة لأسباب أخرى.
وفقًا لسليجمان هناك ثلاث ميزات يجب أن تكون موجودة لتصنيف السلوك كعجز مكتسب تتمثل في السلوك السلبي غير المناسب، وتجربة الأحداث التي لا يمكن السيطرة عليها والمعتقدات العاجزة، باختصار السلوك البشري معقد والسلوك اليائس ليس استثناءً، حيث تعتبر نظرية العجز المكتسب أداة مفيدة لشرح بعض السلوكيات السلبية ولكن ليس كلها.