مفهوم الفطرة السليمة للألم في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يعتبر الألم هو العنصر الأبرز في فئة الأحاسيس المعروفة باسم الإدراك الحسي المتمثل في الأحاسيس الجسدية، حيث تُنسب هذه الأحاسيس الجسدية عادةً إلى مواقع الجسم ويبدو أن لها ميزات مثل الحجم والشدة والمدة، والتي تُنسب عادةً إلى الأشياء النفسية أو المادية أو الكميات، ومع ذلك غالبًا ما يُعتقد أن مثل هذه الأحاسيس خاصة منطقيًا وذاتية ومغرية للذات ومصدر للمعرفة لأولئك الذين يمتلكونها.

مفهوم الفطرة السليمة للألم في علم النفس

يعبر مفهوم الفطرة السليمة للألم في علم النفس عن أن هناك أسبابًا للاعتقاد بوجود أشياء مادية أو ظروف نتصورها في أجزاء الجسم والتي تعبر عن  الأحاسيس الجسدية للإدراك الحسي، وهي عبارة عن مفارقة واضحة التي تؤدي للعديد من الأسباب الرئيسية التي تجعل كل من علماء النفس والفلاسفة مهتمين بشكل خاص بالألم.

إحدى الطرق الشائعة بشكل متزايد والتي لا تزال مثيرة للجدل للتعامل مع هذه المفارقة الواضحة هي الدفاع عن وجهة نظر إدراكية أو تمثيلية للألم في علم النفس، والتي وفقًا لها لا يختلف الشعور بالألم من حيث المبدأ عن الخضوع لعمليات إدراكية قياسية أخرى مثل الرؤية والسمع واللمس، حيث يعتقد الكثيرين أنه على الرغم من أن معالجة الألم كتجربة تمييزية حسية بجانب الاهتمام بالبعد التحفيزي العاطفي للآلام قد اكتسب مكانة بارزة في السنوات الأخيرة.

أنواع مفهوم الفطرة السليمة للألم في علم النفس

هناك نوعان من الخيوط الرئيسية في مفهوم الفطرة السليمة للألم في علم النفس التي تسحب في اتجاهين متعاكسين، وقد نطلق على هذا التوتر ثنائية أو الغموض المضمن في مفهومنا العادي للألم، حيث يمكن توضيح أنواع مفهوم الفطرة السليمة للألم في علم النفس من خلال ما يلي:

1- مفهوم الألم كشيء في جزء من الجسم

يعالج الخيط الأول الآلام على أنها تفاصيل موجودة مكانيًا في مناطق الجسم، أو بشكل عام كظروف معينة لأجزاء الجسم التي لها خصائص زمانية مكانية بالإضافة إلى ميزات مثل الشدة، ويتجلى هذا الخيط في الطرق الشائعة لعزو الآلام إلى مواقع الجسم.

ووفقًا لهذا النوع من مفهوم الفطرة السليمة للألم في علم النفس تشبه الآلام الأشياء المادية أو الظروف المحددة للأشياء المادية، ونستخدم أيضًا بشكل شائع أفعال الشعور أو الخبرة لوصف علاقتنا المعرفية بالألم المنسوب إلى أجزاء الجسم.

يشير مفهوم الألم كشيء في جزء من الجسم إلى أننا نقف في نوع من العلاقة الإدراكية بخاصة زمانية مكانية، حيث يقترح أن الفرد يدرك بعض السمات أو الحالات القابلة للقياس الكمي، عندما نشعر بألم في مواقع جسدية يتم توجيه انتباهنا وسلوكنا التمريضي نحو تلك المواقع.

وخاصة عندما نتحدث عن عودة الألم نفسه أو استمراره بشكل متقطع، لذلك وفقًا لهذا النوع عندما نشعر بألم في أجزاء من أجسادنا، فإننا ندرك شيئًا أو بعض الحالات في تلك الأجزاء.

عندما نميز مفهوم الفطرة السليمة للألم في علم النفس من خلال وصف الألم كشيء في جزء من الجسم يبدو أننا نقدم تقارير إدراكية، فالعديد من مفاهيم الألم التي نستطيع وصفها لديها نفس القواعد السطحية التي تتطلب قراءة إدراكية مماثلة والتي بموجبها نقف في نوع من العلاقة الإدراكية مع شيء ما، وبالتالي فإن هذا النوع في مفهومنا العادي للألم يفضل فهم الآلام كما لو كانت أشياء من تصوراتنا.

عندما يقترن هذا بممارستنا المعتادة في علاج الآلام على أنها لها خصائص زمانية مكانية إلى جانب ميزات أخرى مماثلة تُنسب عادةً إلى أشياء أو كميات مادية، فإنه يشير إلى فهم الآلام وفقًا لأي آلام يمكن تحديدها بشكل معقول مع السمات المادية أو الظروف الخاصة بنا.

ففي الواقع عندما ننظر إلى الطرق التي نتحدث بها عن الألم يبدو أننا ننسب شيئًا سيئًا إلى موقع جسدي من خلال الإبلاغ عن إدراكه الحسي الجسدي هناك، تمامًا كما نبلغ عن وجود شيء معين من خلال الإبلاغ عنها بالإدراك البصري.

ومع ذلك فإن نفس الإدراك الحسي السليم على الرغم من أنه يشير إلى هذا الاتجاه، يقاوم تحديد الألم بأي سمة أو حالة جسدية تظهر في الجسم فقط، وبالتالي يبدو أيضًا أنه يقاوم تحديد الشعور بالألم في مناطق الجسم بإدراك شيء مادي في تلك المناطق بدرون الرجوع للحالات النفسية.

2- مفهوم الألم كتجربة ذاتية

يبدو أن الألم هو تجربة ذاتية يعتبر أمر بديهي وذلك بالنظر إلى فهمنا المنطقي للألم، يبدو أن هذا هو الخيط الأكثر شيوعًا والنوع المفهوم والمعروف في مفهوم الفطرة السليمة للألم في علم النفس، فبدلاً من التعامل مع الآلام كأشياء للتجربة الإدراكية الحسية، فإنه يعاملها على أنها تجارب بحد ذاتها، ففي الواقع هذا هو الخيط الذي يلتقطه التعريف العلمي النفسي للألم ويؤكد عليه.

يعبر مفهوم الفطرة السليمة للألم في علم النفس عن تجربة حسية وعاطفية غير سارة مرتبطة بالتلف العصبي الفعلي أو المحتمل الناتج عن حالات نفسية في الأغلب، حيث يعتبر الألم دائمًا أمر ذاتي ومنها يتعلم كل فرد تطبيق الكلمة من خلال التجارب المتعلقة بالإصابة في الحياة المبكرة له، ومنها يدرك علماء النفس البيولوجي أن تلك المحفزات التي تسبب الألم من شأنها أن تدمر الأنسجة العصبية.

وفقًا لذلك فإن مفهوم الفطرة السليمة للألم في علم النفس هو تلك التجربة التي نربطها بتلف الأنسجة العصبية الفعلية أو المحتملة، إنه بلا شك إحساس في جزء أو أجزاء من الجسم لكنه دائمًا ما يكون مزعجًا وبالتالي يعبر عن تجربة عاطفية أيضًا.

فالتجارب التي تشبه الألم ولكنها ليست مزعجة لا ينبغي أن تسمى ألمًا، وقد تكون التجارب غير الطبيعية غير السارة أيضًا مؤلمة ولكنها ليست كذلك بالضرورة؛ لأنها بشكل شخصي قد لا تمتلك الصفات الحسية المعتادة للألم.

يبلغ الكثير من الناس عن الألم في حالة عدم وجود ألم فعلي أو أي سبب جسدي مرضي محتمل، وعادة يحدث هذا لأسباب نفسية، وعادة لا توجد طريقة للتمييز بين تجربة هؤلاء الأفراد إذا ما تم اعتماد التقرير الشخصي من خلال التجارب، فإذا كانوا الأفراد يعتبرون تجربتهم بمثابة ألم وإذا أبلغوا عنها بنفس الطرق مثل الألم الناجم عن تلف الأنسجة العصبية، فيجب قبولها على أنها ألم.

يعتبر مفهوم الفطرة السليمة للألم في علم النفس مثل التجارب الأخرى كحلقات واعية، حيث يُعتقد أن الآلام خاصة وذاتية ومصدر للمعرفة، في الواقع من خلال التأكيد على أن الألم هو حالة نفسية عندما نتحدث عن الآلام كتجارب، فإننا أيضًا في نفس الوقت نتحدث عن الشعور بها كما لو كانت هذه التجارب أيضًا موضوعًا لنوع من الإدراك الداخلي مما يشير إلى الاستبطان.

في النهاية نجد أن مفهوم الفطرة السليمة للألم في علم النفس يعبر عن وجود مفاهيم للألم إما التي تعود للألم الجسدي بجزء معين من الجسد مما يؤدي لنشاط الإدراك الحسي.

أو معرفة مفهوم الفطرة السليمة للألم في علم النفس من خلال الجزء النفس؛ أي بارتباط الألم بالتجارب الذاتية والمعرفة الخاصة بكل شخص تؤدي لتحسس الفرد وشعوره بعدم الراحة الدائمة.


شارك المقالة: