اقرأ في هذا المقال
- مفهوم المساحة الشخصية في علم النفس الاجتماعي
- محددات المساحة الشخصية في علم النفس الاجتماعي
- التعويض عن القرب في المساحة الشخصية في علم النفس الاجتماعي
- قياس المساحة الشخصية في علم النفس الاجتماعي
لكل شخص فضاء خاص به يعبر عن شخصيته وعن خصائصه وسماته الشخصية الفريدة التي يحتفظ بها الفرد لنفسه ولا يشاركها مع الآخرين، بالتالي يكون الفرد في المساحة الشخصية الخاصة به أكثر ارتياح وأكثر استقلال كما لو كان تحت منظار جماعي.
مفهوم المساحة الشخصية في علم النفس الاجتماعي
تشير المساحة الشخصية في علم النفس الاجتماعي إلى المنطقة المادية المحيطة بالفرد والتي تعتبر شخصية أو خاصة به، وعادة عندما يتطفل شخص آخر في هذه المنطقة يشعر الفرد بعدم الراحة، حيث يشير مفهوم المساحة الشخصية إلى المسافة بين الأشخاص، وإلى المنطقة التي يحتفظ بها الناس بينهم وبين شريكهم في التفاعل، حيث أنه مع زيادة المساحة الشخصية للفرد، ستزداد المسافات بين الأشخاص أيضًا.
يعتمد حجم المساحة الشخصية في علم النفس الاجتماعي إلى حد كبير على الفروق الفردية والظروف والمواقف المختلفة، حيث أنه لا يتبع شكل المساحة الشخصية خطوط الدائرة أو الفقاعة تمامًا، حيث أن المسافات المفضلة في مقدمة العلاقات الاجتماعية للشخص تكون أكبر عمومًا مقارنة بالمؤخرات في العلاقات الاجتماعية.
يخدم سلوك التباعد الجسدي بين الأشخاص وظائف مهمة في الابتعاد عن الآخرين يعزز السيطرة ويحافظ على الاستقلالية، ففي هذه الحالة يتم تقليل تأثير الآخرين، وعلى العكس من ذلك فإن القرب يعزز التواصل بين الأشخاص والسلوك الإنساني التعاوني وسلوك التفاعل، ويسهل التفاعلات ويزيد من الإعجاب بين الأشخاص ذوي المجموعة الواحدة.
محددات المساحة الشخصية في علم النفس الاجتماعي
لا ينبغي اعتبار المساحة الشخصية في علم النفس الاجتماعي بناءًا ثابتًا لأنها تختلف باختلاف الأفراد والمواقف، ففي الغالب تتأثر المسافة بين الأشخاص بطبيعة العلاقة بين الشخصين المتفاعلين، حيث ميز إدوارد هول بعض الأنواع النموذجية من مسافات التفاعل التي لوحظت في المجتمعات المتنوعة مثل المسافة الشخصية بين الأصدقاء المقربين، والمسافة الاجتماعية المتمثلة في الأعمال الشخصية والاجتماعات العامة عن بعد مثل التفاعلات الرسمية مثل التدريس.
قد تتأثر المساحة الشخصية في علم النفس الاجتماعي أيضًا بعقلية الشخص أو أهدافه، إذا تبنى الفرد هدف الانضمام إلى شخص آخر، فمن المرجح أن يجلس بالقرب منه، وبالمثل تؤدي الحاجة القوية للانتماء إلى الآخرين أيضًا إلى الميل إلى الجلوس بالقرب من الآخرين، من ناحية أخرى عندما يركز الناس على الأهداف الشخصية والتفرد والاستقلالية، فمن المحتمل أن يحتاجوا إلى مسافة أكبر من الآخرين.
تختلف المسافة بين الأشخاص أيضًا عبر الثقافات، حيث يفضل أعضاء الدول الجماعية تقاربًا أقوى بين الأشخاص مقارنة بأعضاء الدول الفردية، ومن المثير للاهتمام أن العديد من الدراسات أظهرت أن أعضاء الثقافات الجماعية يتميزون بحاجة عالية نسبيًا للتوافق مع الآخرين ولديهم شعور بالانتماء، في حين أن أعضاء الثقافات الفردية لديهم حاجة قوية نسبيًا لتمييز أنفسهم عن الآخرين والسعي لتحقيق الإنجازات الشخصية، لذلك يمكن تفسير هذه الاختلافات الثقافية في المسافة بين الأشخاص جزئيًا من خلال الاختلافات الثقافية في الأهداف.
التعويض عن القرب في المساحة الشخصية في علم النفس الاجتماعي
جادل العديد من علماء النفس الاجتماعي بأن الناس يسعون جاهدين لتحقيق التوازن بين العديد من قوى النهج أو التجنب أثناء التفاعل، لذلك عندما يجبر الموقف الناس على التطفل على المساحة الشخصية لبعضهم البعض على سبيل المثال الوقوف في مصعد مزدحم، يمكن تعويض المسافة المتناقصة بين الأشخاص بآليات نفسية أخرى مرتبطة بالعلاقة القريبة، مثل التواصل البصري، مثل الأشخاص الذين يقفون في مصعد مزدحم يتجنبون الاتصال بالعين وينظرون إلى أبواب المصعد ويناقشون الطقس.
قياس المساحة الشخصية في علم النفس الاجتماعي
تمت دراسة سلوك التباعد بين الأشخاص باستخدام نوعين مختلفين من مقاييس المسافة، حيث استخدم بعض الباحثين في علم النفس الاجتماعي تدابير إسقاطية يُطلب فيها من الأفراد تحديد المسافة المفضلة لشخص آخر متخيل باستخدام أشكال مصغرة أو دمى أو رسومات ورقية وقلم رصاص، وقد تتناقض هذه التدابير الإسقاطية مع تدابير الحياة الواقعية، بما في ذلك الملاحظات غير المزعجة للتباعد الفعلي والمواضع أو اختيار الكراسي.
حيث يعتبر إجراء شائع وفعال هو أن تطلب من شخص ما أخذ كرسي ووضعه بالقرب من شخص آخر، يشار إلى المسافة بين الكراسي على أنها المسافة الشخصية؛ نظرًا لأن سلوك التباعد بين الأشخاص يتم تنظيمه في الغالب بطريقة تلقائية، فإن الأفراد بشكل عام غير مدركين للمسافة التي يبقونها عن الآخرين، نتيجة لذلك قد يجد الأشخاص صعوبة في الإشارة صراحةً إلى المسافات الشخصية المفضلة لديهم.
مستفيدًا من التقدم التقني درس العديد من الباحثين مؤخرًا سلوك التباعد بين الأشخاص باستخدام تقنية البيئة الافتراضية الغامرة أي الواقع الافتراضي حيث يتعامل المشاركين مع أشخاص آخرين افتراضيين، ومنها يبدو أن الناس يبتعدون عن هؤلاء الأشخاص الافتراضيين بشكل طبيعي تمامًا، كما لو كانوا يقتربون من أفراد حقيقيين، ويعد الواقع الافتراضي أداة مفيدة محتملة لتوسيع فهم الباحثين للمساحة الشخصية.