مفهوم النماذج العلائقية في علم النفس

يعتبر علماء النفس العلاقات الاجتماعية من أهم المفاهيم التي يجب مراعاتها في الحديث عن علم النفس الاجتماعي بشكل موسع، حيث أن العلاقات الاجتماعية توضح قدرة الفرد والجماعة معاً في التفاعل والتشارك في الإجراءات المتنوعة للتقدم والتغير في الحياة.

مفهوم النماذج العلائقية في علم النفس

يصف مفهوم النماذج العلائقية في علم النفس الأشكال الأساسية الأربعة للعلاقات الاجتماعية التي تتمثل في المشاركة المجتمعية وترتيب السلطة ومطابقة المساواة وتسعير السوق، حيث يشعر الأشخاص في علاقات المشاركة المجتمعية أن لديهم شيئًا مشتركًا أساسيًا، في حين أن الغرباء مختلفين، يرى المشاركين في علاقة ترتيب السلطة أنهم مرتبون في تسلسل هرمي خطي شرعي.

أما في علاقة مطابقة المساواة يتتبع الأشخاص ما إذا كان يتم التعامل مع كل فرد على قدم المساواة، وفي تسعير السوق يستخدم الناس النسب أو المعدلات، وفقًا لبعض المعايير ذات النسب المستحقة مثل السعر، حيث يستخدم الناس في جميع الثقافات مجموعات من هذه النماذج الأربعة للتنظيم تقريبًا جميع التفاعلات، من العلاقات الوثيقة إلى العلاقات غير الرسمية والبعيدة، والنماذج العلائقية فطرية وذات دوافع جوهرية، ولكن الأطفال يعتمدون على النماذج والسوابق الثقافية لاكتشاف كيفية تنفيذها بطرق خاصة بالثقافة.

تدمج النماذج العلائقية النظريات الكلاسيكية للعلاقات الاجتماعية والمجتمع، وتربط بين الانتقاء الطبيعي وعلم الأعصاب، ونمو الطفل والإدراك والعاطفة والتواصل والاضطرابات النفسية والأعراف والأيديولوجيا، والهياكل الاجتماعية والسياسية والثقافة، حيث أن هذه النماذج مدعومة بدراسات ثقافية ومقارنة، وتجارب نفسية باستخدام مجموعة متنوعة من الأساليب.

قام بعض علماء النفس بالكثير من الأعمال التجريبية المبكرة عليها وتطوير النظرية فيما يتعلق بعلم النفس الإكلينيكي والإدراك الاجتماعي، وقدمت الأبحاث باستخدام نظرية النماذج العلائقية رؤى ثاقبة في علم النفس، والتفاعل بين الثقافات، والمواقف تجاه الظواهر الاجتماعية، والاقتصاد السلوكي والأنثروبولوجي، والأنظمة الاجتماعية الكلاسيكية وعلم اللغة الاجتماعي.

أشكال النماذج العلائقية في علم النفس

تتمثل أشكال النماذج العلائقية في علم النفس من خلال ما يلي:

1- المشاركة المجتمعية

في المشاركة المجتمعية كل فرد في المجموعة أو الأب هو نفس الشيء فيما يتعلق بما يفعلونه الأعضاء، أي أنهم جميعًا يتشاركون في بعض الطعام، أو مساحة المعيشة، أو المسؤولية عن بعض الأعمال، فإذا كان لدى المرء مشكلة فهذا يعنيهم جميعًا، ويعاملهم الغرباء على أنهم مسؤولون جماعيًا عما يفعلونه، ويعاقبون أيًا منهم أو جميعهم بشكل عشوائي.

تنطوي العلاقات المجتمعية على الشعور بالوحدة والهوية والتي يمكن أن تكون قوية مثل الصلة بين الأم والطفل أو الأصدقاء المقربين أو ضعيفة مثل الهوية الوطنية أو الأخلاقية، حيث تستند أقوى علاقات المشاركة المجتمعية إلى شعور المشاركين بأن أجسادهم وأرواحهم هي نفسها أو مرتبطة بشكل أساسي ونفسي.

يمكن للحركة الإيقاعية المتزامنة أيضًا أن تربط الناس بهذه الطريقة على سبيل المثال في التدريبات العسكرية، كما أن مشاركة الطعام أو الشراب أو المواد مثل التدخين هي أساس العلاقات المجتمعية، ينشئ الناس علاقات مجتمعية وفي نفس الوقت ينقلون وجود علاقتهم وقوتها، ويعتقد الناس أيضًا في أنفسهم على أنهم نفسهم حيث يتوافق تمثيلهم المعرفي والعاطفي للعلاقة مع الطرق التي يعبرون بها عنها.

2- تصنيف السلطة

في تصنيف السلطة يتم ترتيب الناس خطيًا في تسلسل هرمي مناسب للامتيازات والمسؤوليات، حيث يحق للرؤساء احترام المرؤوسين ولكن لديهم مسؤولية رعوية لتمثيل المرؤوسين والدفاع عنهم وحمايتهم، وفي علاقة ترتيب السلطة يفكر الناس في رؤسائهم على النحو الوارد أعلاه، أكبر من أو أمامهم أو قوة أكبر من وسابقوهم، حيث يُنظر إلى المرؤوسين على أنهم أدناه أو أقل من أو يتبعون أو أضعف من.

يتوافق هذا التمثيل المعرفي للترتيب الاجتماعي مع العروض الاجتماعية للرتب التي يستخدمها الناس للتعبير عن مواقفهم النسبية، على سبيل المثال عندما ينحني شخص لرؤسائه أو ينتظرهم لبدء تناول الطعام أولاً، ففي العديد من اللغات يخاطب الأشخاص الرؤساء أو يشيرون إليهم باحترام باستخدام صيغ الجمع ويستخدمون صيغ المفرد عند التحدث إلى المرؤوسين ومنها يتعرف الأطفال بشكل حدسي على معنى كونهم أكبر أو أعلى أو أن يكونوا في المقدمة أو أن يكونوا أولًا.

3- مطابقة المساواة

مطابقة المساواة هي أساس تبادل الأدوار والمساواة في الحقوق وحتى المشاركة والتصويت والقرار في نماذج العلائقية عن طريق المعاملة بالمثل المتوازنة حيث يعيد الناس نفس النوع من الأشياء التي تلقوها، وهذا هو الهيكل العالمي للألعاب والرياضات حيث يكون لدى الخصوم أعداد متساوية من اللاعبين أو القطع، ويستخدمون طريقة عادلة لتحديد من يختار أولاً واللعب في ملعب أو لوحة متماثلة والتناوب ولديه وقت متساوٍ للعب، وغالبًا ما يستخدم الأجهزة الأخرى التي تضيف فرصًا غير مؤكدة ولكنها متساوية.

في علاقة مطابقة المساواة قد يكون المشاركين متساويين أو غير متساويين في أي نقطة معينة، ولكن عندما يكونون غير متساويين، فإنهم يعرفون كيفية تسوية الأمور مرة أخرى، على سبيل المثال من خلال اتخاذ المنعطف التالي، وفي مطابقة المساواة ، يستخدم الأشخاص عمليات المطابقة الملموسة لإثبات المساواة، مثل بدء سباق جنبًا إلى جنب والأدوار التنافسية.

طرق تنظيم النماذج العلائقية في علم النفس

تعتبر أشكال النماذج العلائقية السابقة هي مكونات لجميع أنواع التفاعلات المنسقة والمؤسسات الاجتماعية، على سبيل المثال يمكن أن تستند التقييمات والمشاعر الأخلاقية إلى الإحساس الجماعي بأن كل فرد في المجموعة يشعر بمعاناة أي شخص آخر أي أن الواحد للجميع والجميع للواحد، حيث يوجد شكل آخر من أشكال الأخلاق هو طاعة الرؤساء مثل الشيوخ أو الزعماء على العكس من ذلك يتحمل الرؤساء مسؤوليات رعوية لحماية الأفراد.

هناك إطار أخلاقي آخر هو المساواة أي المساواة في الحقوق، أو الفرص المتساوية أو الحصص المتساوية أو النتائج المتساوية، وهناك عدالة مثل التناسب في إعطاء كل شخص ما يستحقه، إما العقوبة بما يتناسب مع الجريمة أو المكافأة بما يتناسب مع الجدارة، ومع ذلك فإن النماذج العلائقية تبني أيضًا تفاعلات عدوانية وعدائية وعنيفة.

عندما يحاول الناس تغيير أو تحسين مجموعة أو فريق لتخليصها من الآخرين الذين يعتبرونهم مختلفين بطبيعتهم، فإن المشاركة المجتمعية قد تؤدي إلى التغيير والسلوكيات السلبية والنتائج غير الإيجابية، حيث أنه في علم النفس عادة ما يتخذ الخلاف والانتقام شكل المطابقة المتساوية مثل الحياة من أجل الحياة، والعين بالعين وغيرها، وغالبًا ما يعتمد التخطيط للحرب الحديثة على نسب القتل وحسابات التكلفة والفوائد المنطقية الأخرى.

تنظم النماذج العلائقية أيضًا المعاني الاجتماعية للأشياء المادية حيث تظهر الدراسات أن القيمة الاقتصادية التي يضعها الناس على الأشياء تعتمد على العلاقات الاجتماعية التي تدل عليها الأشياء، في الواقع قد يكون لأشياء مثل خاتم الزواج قيمة نفسية واقتصادية غير محدودة فالناس يرفضون بيعها، تظهر الأبحاث الثقافية والتاريخية أنه يمكن ملكية الأرض بشكل جماعي وأن يتقاسمها الجميع.

تتكون العلاقات والمؤسسات الاجتماعية المعقدة وطويلة الأمد من مجموعات من النماذج العلائقية المنفصلة، على سبيل المثال لدى العميد علاقة تصنيف سلطة مع أستاذ، والذي بدوره له علاقة تصنيف سلطة مع الطلاب، لكن يجب على العميد معاملة الأساتذة بإنصاف، ويجب على الأساتذة منح كل طالب نفس الفرص وتطبيق نفس المعايير على الجميع، ووفقًا لمطابقة المساواة، بالمثل داخل كل قسم قد يكون لأعضاء هيئة التدريس أعباء تدريس متساوية وفي الوقت نفسه يدفع الطلاب الرسوم الدراسية ويشترون الكتب المدرسية، ويحصل الأساتذة على راتب.