اقرأ في هذا المقال
- مفهوم الوحدة في علم النفس
- تاريخ ونظرية مفهوم الوحدة في علم النفس
- روابط ونتائج مفهوم الوحدة في علم النفس
في علم النفس تؤثر العدسة السلبية الواقية للذات التي يرى الأفراد الوحيدين من خلالها عالمهم الاجتماعي أيضًا على كيفية تفسيرهم للظروف المجهدة والتعامل معها، فمن المرجح أن ينفصل الأفراد الوحيدين عن الضغوطات أو ينسحبوا منها، في حين أن الأفراد غير الوحيدين هم أكثر عرضة للتكيف بنشاط على سبيل المثال حل المشكلات والسعي للحصول على دعم ملموس وعاطفي من الآخرين.
مفهوم الوحدة في علم النفس
يُعرَّف مفهوم الوحدة في علم النفس بأنها التجربة المؤلمة التي تحدث عندما يُنظر إلى العلاقات الاجتماعية للفرد على أنها أقل كمية، وخاصة في الجودة، مما هو مرغوب فيه، يمكن للناس أن يكونوا بمفردهم دون الشعور بالوحدة ويمكن أن يشعروا بالوحدة حتى مع أشخاص آخرين، يرتبط الشعور بالوحدة بأعراض الاكتئاب وضعف الدعم الاجتماعي والعصابية والانطوائية، لكن الوحدة ليست مرادفة لهذه الخصائص النفسية.
عادةً ما يُنظر إلى مفهوم الوحدة في علم النفس على أنها سمة مستقرة مع وجود اختلافات فردية في نقطة الانطلاق لمشاعر الوحدة التي يتقلب حولها الأشخاص اعتمادًا على الظروف المحددة التي يجدون أنفسهم فيها، حيث يتغير الشعور بالوحدة بشكل طفيف خلال مرحلة البلوغ حتى عمر 75 إلى 80 عامًا عندما يزداد نوعًا ما.
تاريخ ونظرية مفهوم الوحدة في علم النفس
على الرغم من أن مفهوم الوحدة في علم النفس كانت دائمًا جزءًا من الوجود البشري، إلا أن لها تاريخًا نفسيًا قصيرًا نسبيًا، حيث أكدت نظرية التعلق لجون بولبي على أهمية وجود علاقة ارتباط جيدة بين الرضيع ومقدم الرعاية، وكانت هذه النظرية سابقة لنظريات الشعور بالوحدة، من هذا المنظور فإن مفهوم الوحدة في علم النفس هي نتيجة لأنماط التعلق غير الآمن التي تدفع الأطفال إلى التصرف بطرق تؤدي إلى رفض أقرانهم، وتعيق تجارب الرفض تنمية المهارات الاجتماعية وتزيد من عدم الثقة بالآخرين وبالتالي تعزز الشعور بالوحدة المستمرة.
شكلت نظرية التعلق أساسًا لنظرية نفسية مؤثرة عن مفهوم الوحدة في علم النفس طورها روبرت إس فايس، حيث أنه حدد ست وظائف أو احتياجات للعلاقات الاجتماعية التي إذا كان هناك نقص في المعروض منها، تساهم في الشعور بالوحدة، هذه الاحتياجات هي الارتباط، والتكامل الاجتماعي والرعاية، وطمأنة القيمة، والشعور بالتحالف الموثوق به، والتوجيه في المواقف العصيبة.
استمر فايس في التمييز بين الوحدة والعزلة الاجتماعية على سبيل المثال الافتقار إلى التكامل الاجتماعي والوحدة من العزلة العاطفية على سبيل المثال عدم وجود شخصية ارتباط موثوق، كما هو متوقع من خلال نظرية التعلق أكد فايس أن الصداقات تكمل ولكنها لا تحل محل علاقة مقربة مع شريك في تجنب الشعور بالوحدة.
يرى منظور نظري آخر أن مفهوم الوحدة في علم النفس يتميز بسمات شخصية مرتبطة وربما تساهم في أنماط السلوك الشخصية الضارة، على سبيل المثال يرتبط الشعور بالوحدة بالقلق الاجتماعي، والتثبيط الاجتماعي أي الخجل، والحزن، والعداء، وعدم الثقة، وتدني احترام الذات.
وهي خصائص تعيق قدرة الفرد على التفاعل بطرق ماهرة ومجزية، ففي الواقع ثبت أن الأفراد الوحيدين يواجهون صعوبة في تكوين علاقات ذات مغزى والحفاظ عليها، هم أيضًا أقل عرضة للإفصاح عن أنفسهم لأقرانهم وهذا يساعد في تفسير سبب إبلاغهم عن عدم وجود علاقة قريبة مع الأصدقاء المقربين.
يعتمد النهج المعرفي لمفهوم الوحدة في علم النفس على حقيقة أن الوحدة تتميز باختلافات واضحة في التصورات والسمات، حيث يميل الأفراد الوحيدين إلى النظر إلى عالمهم من خلال نظارات داكنة اللون فهم أكثر سلبية من الأفراد غير العاديين تجاه الأشخاص والأحداث والظروف في عالمهم، ويميلون إلى إلقاء اللوم على أنفسهم لعدم قدرتهم على تحقيق علاقات اجتماعية مرضية.
يمثل تعريف التناقض الملحوظ لمفهوم الوحدة في علم النفس المقدم سابقًا المنظور المعرفي، بالإضافة إلى ذلك يأخذ النهج المعرفي في الاعتبار إلى حد كبير وجهات النظر المتعلقة بالارتباط والسلوك الإنساني من خلال شرح كيف يعمل الفشل في تلبية الحاجة إلى الارتباط والتكامل الاجتماعي والرعاية والاحتياجات الاجتماعية الأخرى يؤدي إلى تناقضات العلاقة المتصورة التي يتم اختبارها على أنها وحدة.
ساهمت نظريات الذات في نظريات الوحدة من خلال إظهار أهمية الذات الفردية والعلائقية والجماعية، حيث تتوافق هذه الهويات الذاتية مع جوانب من تجربة الوحدة أو على العكس في تجربة الترابط، على سبيل المثال على المستوى الفردي إذا توسع مفهوم الذات لدى الشخص ليشمل شريكًا آخر، فمن غير المرجح أن يختبر الشخص شعورًا بالعزلة مما لو فشل مفهومه الذاتي في تضمين شريكه، وبالمثل تحمي شبكة الأصدقاء المقربين والأقارب من الشعور بالوحدة في العلاقات الاجتماعية أو الشخصية، وتحمي الانتماءات والعضويات الجماعية من الوحدة الجماعية.
روابط ونتائج مفهوم الوحدة في علم النفس
من الناحية العملية والأخلاقية لا يمكن التلاعب بمفهوم الوحدة في علم النفس بسهولة في بيئة تجريبية، وقد شكل هذا تحديًا للباحثين الذين يحاولون التمييز بين أسباب وعواقب مفهوم الوحدة في علم النفس، كان أحد الأساليب الإبداعية لهذه العقبة هو النموذج الذي يستخدم اقتراحًا منومًا، حيث أنه باستخدام هذه الاستراتيجية طُلب من الأفراد الخاضعين للتنويم المغناطيسي أن يعيشوا مرة أخرى وقتًا شعروا فيه بالوحدة، وبعد العودة من هذه الحالة المنومة، لاستعادة وقت شعروا فيه بارتباط اجتماعي كبير.
أثناء وجودهم في حالات الانفصال والتواصل الاجتماعي هذه أكمل المشاركين مجموعة من التدابير النفسية والاجتماعية، ومنها أظهرت النتائج أن الحالات والميول التي تميز الأفراد الوحيدين وغير الوحيدين في الحياة اليومية تختلف أيضًا عن مشاعر الوحدة التي تم التلاعب بها.
أي أنه عندما تم حث المشاركين على الشعور بالوحدة، بالمقارنة مع غير عادي فقد سجلوا درجات أعلى، ليس فقط على مقياس الشعور بالوحدة، ولكن أيضًا في الخجل، والمزاج السلبي، والغضب، والقلق، والخوف من التقييم السلبي، وأقل في مقاييس المهارات الاجتماعية، والتفاؤل، والمزاج الإيجابي، والدعم الاجتماعي، واحترام الذات.
على العكس من ذلك عندما تم حث الأفراد على الشعور بأن احتياجاتهم الاجتماعية الأساسية والعلائقية والجماعية قد تم تلبيتها، أصبحوا يتميزون بالحالات والميول التي كانت بشكل عام أكثر إيجابية وانخراطًا، بالتالي تقترح هذه الدراسة التجريبية أن الخوف من التقييم السلبي له سمات مركزية بمعنى أن الخوف من التقييم السلبي تؤثر على كيفية تفسير الأفراد لأنفسهم والآخرين، وكذلك كيف ينظر الآخرين ويتصرفون تجاه هؤلاء الأفراد.
أحد الأمثلة على التفسيرات التفاضلية هو أن الأفراد المنعزلين يشكلون المزيد من الانطباعات الاجتماعية السلبية ويفسرون سلوك الآخرين في ضوء سلبي أكثر من الأفراد غير العاديين، وتميل التوقعات الاجتماعية السلبية إلى استنباط سلوكيات من الآخرين تتوافق مع هذه التوقعات.
يعزز هذا توقعات الفرد المنعزل ويزيد من احتمالية أن يتصرف الفرد بطرق تدفع الأشخاص الذين يمكنهم تلبية احتياجاته الاجتماعية بعيدًا، وقد تم إثبات ذلك في الدراسات التجريبية التي أدت فيها التهديدات الاجتماعية المتصورة على سبيل المثال المنافسة والخيانة إلى استجابة الأفراد الوحيدين بسرعة أكبر وبشكل مكثف بعدم الثقة والعداء والتعصب.