مفهوم تقييم الإجهاد في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يدرس مفهوم تقييم الإجهاد كيف تلعب الفروق الفردية دورًا حاسمًا في تقييم الضغوطات وتحديد استجابات المواجهة المناسبة من الأفراد، وذلك من خلال فهم كيفية تقييم الإجهاد، حيث يحصل المرء على معلومات حول أفضل الطرق للتعامل مع الإجهاد، ومن المهم فهم كيفية حدوث الإجهاد والطريقة التي يتعامل بها المرء معه حتى يصبح أكثر فاعلية في تقليل التأثير الضار للتوتر السلبي والقدرة على تعظيم الضغط الإيجابي.

مفهوم تقييم الإجهاد في علم النفس

يشير مفهوم تقييم الإجهاد في علم النفس إلى العملية التي يقوم الأفراد من خلالها بتقييم الحدث المجهد والتعامل معه، حيث يهتم مفهوم تقييم الإجهاد بتقييم الأفراد للحدث والموقف، وليس بالحدث وبالموقف في حد ذاته، ومنها يختلف الناس في كيفية تفسيرهم لما يحدث لهم وخياراتهم في التكيف، حيث يأتي تقييم الإجهاد في شكلين التقييم الأولي والثانوي، والتي ينبغي اعتبارها مرحلتين من التقييم، وهذان النوعان من التقييم لا يستبعد أحدهما الآخر، ويعملون بالتنسيق مع بعضهم البعض لإكمال عملية ومفهوم تقييم الإجهاد في علم النفس.

أشكال تقييم الإجهاد في علم النفس

تتمثل أشكال مفهوم تقييم الإجهاد في علم النفس من خلال ما يلي:

التقييم الأولي

يعتبر التقييم الأولي أو الأساسي هو العملية المعرفية التي تحدث عندما يقوم المرء بتقييم ما إذا كان الحدث مرهقًا ومناسبًا له أو بها، خلال هذه المرحلة يتم اتخاذ القرارات بشأن ما إذا كان الحدث يمثل تهديدًا، أو سيتسبب في ضرر أو خسارة، أو يمثل تحديًا، حيث يرتبط الضرر أو الخسارة بالضرر الذي حدث بالفعل مثل الوفاة أو فقدان الوظيفة.

يتمثل التهديد في احتمال حدوث ضرر أو خسارة في المستقبل مثل المرض أو ضعف الأداء الوظيفي، على العكس من ذلك يتكون التحدي من الأحداث التي توفر للشخص فرصة لاكتساب شعور بالإتقان والكفاءة من خلال مواجهة معضلة والتغلب عليها، ويعتبر هذا النضال نوعًا إيجابيًا من التوتر ويسمح للشخص بتوسيع معرفته وخبرته، وتطوير أدوات إضافية لاحتضان التحديات أو الضغوط المستقبلية.

التقييم الثانوي

يعتبر التقييم الثانوي هو العملية المعرفية التي تحدث عندما يكتشف المرء كيفية التعامل مع حدث مرهق، خلال هذه العملية يقرر الشخص ما هي خيارات المواجهة المتاحة أمامه، حيث يتطلب الحدث الضار تقييمًا فوريًا لخيارات المواجهة لأنه قد حدث بالفعل، بينما تسمح الأحداث المهددة أو الصعبة لمرة واحدة بجمع المزيد من المعلومات حول الأحداث، وتوفر الخبرة السابقة أو التعرض لمواقف مماثلة سابقًا إطارًا مرجعيًا لتحديد الخيارات المتاحة للتعامل مع الموقف.

خلفية مفهوم تقييم الإجهاد في علم النفس

أصبح ريتشارد لازاروس مبتكر نظرية مفهوم تقييم الإجهاد في علم النفس مهتمًا في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي بدراسة الاختلافات الفردية بين الأفراد فيما يتعلق بالإجهاد وآليات التأقلم والتكيف معها، ولقد تأثر بشدة بدراسة كتبها طبيبان نفسيان هما روي جرينكر وجون شبيجل حول كيفية تعامل أطقم الطيران مع الضغط المستمر للحرب الجوية.

لقد أدرك أن التوتر مرتبط بالمعنى الشخصي لما كان يحدث للأفراد الذين كانوا في القتال، معرضين لخطر الموت الوشيك، ومنها يوازن الشخص باستمرار خيارات التأقلم للتعامل مع الإجهاد في سياق أهدافه الشخصية أو موارده أو القيود البيئية، حيث جادل لازاروس بأن الأفراد يختلفون في كيفية إدراكهم للظروف على أنها ذات صلة وفي كيفية تفاعلهم مع المواقف والتعامل معها.

المتغيرات البيئية والشخصية في مفهوم تقييم الإجهاد في علم النفس

يأخذ مفهوم تقييم الإجهاد في علم النفس في الاعتبار الظروف الأولية التي تؤثر على عملية التقييم، حيث تنقسم هذه الظروف السابقة إلى فئتين المتغيرات البيئية والمتغيرات الشخصية، بينما تعتبر المتغيرات البيئية هي تلك التي تتجاوز الشخص وتقرض قواعد السلوك الإنساني التي تحكمها المعايير المجتمعية، تشمل المتغيرات البيئية المطالب والقيود والفرص والثقافة، فإن متغيرات الشخصية هي تلك التي تقع داخل الشخص، بما في ذلك الأهداف وتسلسل الأهداف، والمعتقدات والقيم حول الذات والعالم والموارد الشخصية.

تعتبر المطالب في مفهوم تقييم الإجهاد في علم النفس هي ضغوط من البيئة الاجتماعية للتصرف بطرق معينة والتوافق مع الأعراف الاجتماعية، وتشمل أمثلة المطالب مساعدة الآخرين المحتاجين ورعاية الأطفال والأداء الجيد في الوظيفة، على الرغم من أن المطالب تنشأ من الضغط الخارجي إلا أنها يتم استيعابها في وقت لاحق.

تتكون القيود من السلوكيات التي لا ينبغي للمرء الانخراط فيها في مفهوم تقييم الإجهاد في علم النفس، حيث يتم تعريفها من خلال الأعراف أو القوانين الاجتماعية وعادة ما تكون مدعومة بالعقوبة في حالة انتهاكها، ويمكن أن تأتي العقوبة في شكل اجتماعي مثل النفي أو في شكل قانوني مثل الغرامة أو السجن، وتشير الفرصة إلى اتخاذ الإجراء الصحيح في الوقت المناسب، والقدرة على الاستفادة من فرصة ما تتضمن التعرف على الفرصة ومعرفة متى يجب اتخاذ إجراء، مثال على فرصة هو اتخاذ قرار على الفور لتولي وظيفة تم عرضها.

وتشير الثقافة عمومًا إلى الأعراف الثقافية وكيف تشكل هذه المعايير الإدراك العاطفي، مثال على القاعدة الثقافية هو فهم أنه في معظم الثقافات يجب أن يسعى الفرد جاهدة لتحقيق الفردية والتميز، وهذه معرفة متأصلة بسبب المكان الذي نشأ فيه ومن هم أقرانه وكيف يتصرف الناس من حوله وما إلى ذلك.

لا تعمل المتغيرات البيئية المتمثلة في المطالب والقيود والفرص والثقافة وحدها على تقييم الحدث أو الموقف في مفهوم تقييم الإجهاد في علم النفس، بل يتفاعلون مع متغيرات الشخص في تقييم الضرر أو الخسارة والتهديد والتحدي وعملية التأقلم، فمتغيرات الشخص المتمثلة في الأهداف والتسلسل الهرمي للأهداف، والمعتقدات حول الذات والعالم، والموارد الشخصية تعطي معنى للأحداث التي تمت مواجهتها وترتيبها في فهم ضمني لكيفية عمل الأشياء وكيفية التعامل مع الضغوط التي تثيرها المتغيرات البيئية.

تشير الأهداف والتسلسلات الهرمية للأهداف في المتغيرات الشخصية في مفهوم تقييم الإجهاد في علم النفس إلى الدوافع لتحقيق أهداف الفرد وترتيبها في تعاقب ذي مغزى من الأهمية، فعندما يحاول شخص ما تحقيق أهداف أو لديه أهداف متعددة في الصراع سينشأ التوتر، ومن المهم تحديد الأهداف التي يقدرها أكثر وأقلها، مثال على التسلسل الهرمي للهدف والهدف هو أن يفكر الشخص في الأهداف الحالية من حيث الأهمية، مثل السعي لتحقيق درجة جيدة في الاختبارات والمشاركة بشكل أكبر في الخدمات المجتمعية.

المعتقدات حول الذات والعالم في المتغيرات الشخصية في مفهوم تقييم الإجهاد في علم النفس تشير إلى ما يفكر فيه المرء عن نفسه وفي العالم، حيث أن هذه المعتقدات تشكل تصورات وعواطف، وتقدم معلومات عما يتوقع المرء أن يحدث في موقف معين، ومنها يعمل الشخص بطريقة معينة لأنه يعرف ما ستكون النتيجة.


شارك المقالة: