علم النفس التربوي:
علم النفس التربوي: هو دراسة منهجية وعلمية للسلوك البشري، التي لديها أدواتها وإجراءاتها الخاصة، بحيث تساعدنا هذه الأدوات والإجراءات في جمع وتنظيم موضوعه أو الحقائق الأساسية عنه، وهذه الإجراءات تسمى أساليبها، بحيث يجب أن تكون هذه الأساليب علمية ومتسقة ومنهجية إذا كانت المعرفة التي نحصل عليها من خلال استخدامها لأغراض علمية.
يستخدم علم النفس التربوي كل هذه الأساليب الرئيسية لعلم النفس، إلى جانب هذه الأساليب، هناك بعض الأساليب الأخرى التي يستخدمها علماء النفس التربوي في جمع وتنظيم البيانات الضرورية، والتي تعتبر طرق ووسائل ومناهج بحث خاصة بها.
مناهج البحث في علم النفس التربوي:
تتمثل مناهج البحث في علم النفس التربوي من خلال ما يلي:
1- منهج الاستبطان:
يعتبر الاستبطان هو أحد الأساليب القديمة وهو خاص بعلم النفس، إنه يعني النظر في الداخل، والنظر في عمل عقولنا والإبلاغ عما نجده هناك، وفي ترتيب الكلمات، بحيث يعتبر هذا المنهج بمثابة طريقة للمراقبة الذاتية، وملاحظة من قبل فرد لحالاته العقلية الخاصة مباشرة عن طريق توجيه الانتباه نحو تجربة معينة لغرض معين.
وبالتالي، فإن هذا النوع من المراقبة الذاتية ليس ملاحظة غامضة أو غير منهجية أو عشوائية، على سبيل المثال، طُلب من الطالب الإجابة على سؤال، يجب عليه أن يتذكر بعض الحقائق التي تعلمها لتنظيمها بطريقة معينة ثم الإبلاغ عن الطريقة التي حاول أن يتذكرها، وما فكر به وشعر به عند محاولته التذكر، وبالتالي فهي طريقة يلاحظ فيها الفرد ويحلل ويبلغ عن مشاعره أو أفكاره أو كل ما يمر في ذهنه أثناء فعل أو تجربة ذهنية.
2- منهج المراقبة:
تعتبر واحدة من أكثر الطرق شيوعًا المستخدمة في علم النفس لجمع البيانات، وتسمى هذه الطريقة أيضًا طريقة الملاحظة الموضوعية مقابل الاستبطان وهي طريقة للمراقبة الذاتية، بحيث يلاحظ سلوك الفرد من قبل شخص آخر غير ذلك الشخص نفسه، وقد يتم التعبير عن السلوك الملاحظ في شكل تغييرات جسدية، عمل جسدي، إيماءات، تعبيرات الوجه والكلام.
قد يجلس الطبيب النفسي ويكتب ملاحظات حول سلوك موضوع ما في ظل ظروف معينة، بحيث تم استخدام هذه الطريقة على نطاق واسع من قبل علماء نفس الأطفال، الذين كانوا يُعدّون سجلات تشغيل لكل ما فعله الطفل خلال فترة معينة وفي موقف معين. مكنتهم هذه الملاحظات من عمل تعميمات معينة حول السلوك البشري بشكل عام.
3- منهج التجريب:
لقد حظيت الطريقة التجريبية في علم النفس التربوي بشعبية على يد علماء النفس، بحيث يرجع التقدم الهائل الذي أحرزه علم النفس خلال الخمسين عامًا الماضية إلى استخدام هذا المنهج، بحيث ألقت التحقيقات التجريبية الضوء على طرق الحفظ المختلفة، وتأثير العوامل المختلفة على التعلم والتدريب، والتعب العقلي، والصورة والتخيل والتنبؤ، ومدى الانتباه، وتأثيرات تدريب الأطفال أو تدريبهم على اختبارات الذكاء، ونقل التدريب، ودور النضج في التعلم وما شابه، والتجربة هي ملاحظة في ظل ظروف خاضعة للرقابة، ويمكن وصف جوهر التجربة بملاحظة التأثير على متغير تابع لمعالجة متغير مستقل.
4- المنهج السريري:
يسمى المنهج السريري أيضًا بطريقة دراسة الحالة، بحيث يتم استخدامه من قبل علماء النفس السريري والأطباء النفسيين والأعمال الاجتماعية النفسية والمعلمين في عيادات توجيه الطفل أو مراكز الصحة العقلية أو في المواقف المدرسية العادية.
بشكل عام، نستخدم هذا المنهج عندما نريد أن نفهم أسباب ومصادر مخاوف الناس وقلقهم وخوفهم وهواجسهم واضطراباتهم الشخصية والاجتماعية والتعليمية والمهنية، وعندما نرغب في فهم الأسباب حتى نتمكن من التخطيط لبعض إجراءات العلاج، بحيث ستكون هذه الطريقة مفيدة في مثل هذه الظروف.
وتجدر الإشارة إلى أن الأساليب أو الإجراءات السريرية ليست مصممة لاكتشاف الاتجاهات السلوكية العامة أو القوانين أو العلاقات، بدلاً من ذلك، فهم مهتمين بشخص فريد من نوعه يعاني من مشكلة وتركز اهتمامه على السؤال العملي الفوري حول أفضل طريقة لمساعدته، ونقطة البداية في التحقيق السريري هي الفرد الذي يحتاج أو يطلب المساعدة وينتهي الإجراء بشكل مثالي مع تعديل أفضل للفرد.
قد يبدأ الباحث التربوي ببعض الفرضيات حول الأسباب المحتملة للصعوبة أو السلوك المزعج، ويتم دعم الفرضية المؤقتة أو دحضها من خلال البيانات التي تم جمعها من خلال استخدام سجل الحالة والمقابلات وزيارات المنزل أو المدرسة والاختبار النفسي، ومن البيانات التي تم جمعها، يتم إجراء استقطاعات معينة فيما يتعلق بالعلاج المحتمل، ويشمل استخدام هذه الطريقة استخدام تاريخ الحالة والمقابلات والاختبار النفسي.
يتتبع تاريخ الحالة الأسرة والصحة والتاريخ والعوامل الوراثية ويصنف البيانات التنموية والتقدم التعليمي والعلاقات بين الأشخاص وبين الوالدين أو داخل الوالدين، وبالتالي يجعلنا نفهم القوى والتأثيرات الرئيسية التي نشأت وشكلت شخصية الفرد، ولا يمكن للمنهج السريري، في حد ذاته، الادعاء بالموضوعية التي حققتها المناهج التجريبية، ولكنها قد توفر فرضية جديدة مثمرة يمكن اختبارها من خلال الإجراءات التجريبية ذات التحكم الأفضل.
5- المنهج الوراثي أو التنموي:
يسعى هذ المنهج، من خلال التركيز على الجوانب التنموية للسلوك، إلى معرفة أسباب هذا السلوك في بداياته الخام، ويفترض أن التقدير الكامل لأنماط السلوك لدى شخص بالغ يتطلب دراسة أنماط السلوك البسيطة في طفولته، وتزداد أنماط السلوك البسيطة هذه تعقيدًا تدريجيًا مع نمو الفرد في العمر.
يمكن تسهيل فهم الشخص البالغ إذا بدأنا بسلوك التعلم في طفولته، والانتقال إلى دراسة هذا السلوك في مرحلة ما قبل المراهقة والمراهقة، ويجب أن تساعدنا هذه الخلفية في الوصول إلى بعض الاستنتاجات حول سلوك التعلم في مرحلة البلوغ، ويمكن قول الشيء نفسه عن تطور الخيال والتفكير والاستدلال، بحيث تسعى هذه المناهج الوراثية أو التنموية للإجابة على أسئلة متعددة مثل كيف نصبح ما نحن عليه؟ وماذا نرث؟ وكيف يتم تعديل الميراث في الطفولة والمراهقة والبلوغ؟ وما هي التغييرات التي تحدث في الفكر والسلوك في مراحل مختلفة من الحياة؟ وكيف يتطور الإدراك؟
6- منهج الاختبار:
تشتمل مناهج الاختبار على الاختبارات النفسية والقياسات التعليمية ومقاييس التصنيف وقوائم المراجعة والاستبيانات، بحيث يصف بعض علماء النفس مقاييس التصنيف وقوائم المراجعة والاستبيانات على أنها طرق تحقيق ميدانية على أنها تختلف عن طرق الاختبار.
نحن نعلم أن استخدام الاستبيانات كشكل من أشكال طريقة الاستبطان، غالبًا ما تستخدم مقاييس التقييم وقوائم المراجعة كأدوات مهمة لمراقبة وتقييم سمات الشخصية أو السلوك، وفي مقاييس التصنيف، نصنف أو نحكم على الفرد بناءً على وجود أو عدم وجود صفات محددة، ويتم إعطاء الشخص موقع على الاختبار أو الدرجة التي تشير إلى الدرجة التي يتصف بها الشخص بصفة سلوكية معينة.