منهج التفعيل ومنهج التزوير في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


لتحديد أهم الإجراءات التي يمكن للباحثين في علم النفس الاجتماعي من خلالها جمع المعلومات بشكل صحيح، يتوجب أن يقوم الأفراد المهتمين بالبحث النفسي والدراسات المتنوعة بتحديد الأدوات التي يتم من خلالها تقدير وتشخيص المواقف والسلوكيات الإنسانية مع التحريف أو التزوير في بعض الأماكن بشكل بسيط.

منهج التفعيل في علم النفس الاجتماعي:

منهج التفعيل في علم النفس الاجتماعي هو العملية التي يحدد بها الباحث كيفية قياس مفهوم ما أو ملاحظته أو معالجته في دراسة معينة، وتترجم هذه العملية المتغير النظري والمفاهيمي ذي الاهتمام إلى مجموعة من العمليات أو الإجراءات المحددة التي تحدد معنى المتغير في دراسة معينة، وفي النماذج التقليدية للعلم والبحث النفسي يوفر منهج التفعيل الجسر بين الفرضيات القائمة على النظرية والطرق المستخدمة لفحص هذه التنبؤات.

أمثلة على منهج التفعيل في علم النفس الاجتماعي:

من أهم الأمثلة لمنهج التفعيل في علم النفس الاجتماعي تخيل باحثًا مهتمًا بالمساعدة في كبح العدوانية في المدارس من خلال استكشاف ما إذا كان العدوان هو استجابة للإحباط، وللإجابة على السؤال يجب على الباحث أولاً تعريف العدوان والإحباط من الناحية المفاهيمية والإجرائية، ففي مثال الإحباط قد يكون التعريف المفاهيمي عائقًا للسلوك الإنساني الموجه نحو الهدف، لكن هذا التعريف نادرًا ما يكون محددًا بدرجة كافية للبحث.

لذلك هناك حاجة إلى تعريف تشغيلي يحدد كيفية قياس الإحباط والعدوان أو التلاعب بهما، في هذا المثال يمكن تعريف الإحباط عمليًا من حيث الردود على السؤال المتمثل في ما مدى إحباط الفرد في هذه اللحظة؟ يمكن أن تكون خيارات الاستجابة لا على الإطلاق أو قليلاً أو معتدلة أو شديدة.

يجب على الباحث أيضًا تفعيل السلوك المعادي في هذه الدراسة بالذات، ومع ذلك فإن أحد التحديات التي تواجه تطوير تعريف منهج التفعيل في علم النفس الاجتماعي هو تحويل المفاهيم المجردة إلى أجزاء يمكن ملاحظتها أي قابلة للقياس، على سبيل المثال يتفق معظم الناس على أن لكم شخصًا آخر على وجهه بهدف التسبب في الألم يعد عملًا عدوانيًا، لكن قد يختلف الناس حول ما إذا كانت المضايقة تعتبر عدوانية أم لا.

الغموض حول المعنى الدقيق للمفهوم هو ما يجعل التفعيل ضروريًا للتواصل الدقيق للإجراءات المنهجية داخل الدراسة، وفي هذا المثال بالذات يمكن تفعيل السلوك السلبي المتمثل في العدوان بعدد المرات التي يضرب فيها الطالب جسديًا شخصًا آخر بنية الإيذاء، وبالتالي بعد تحديد المفاهيم النظرية عمليًا يمكن التحقيق في العلاقة بين الإحباط والعدوان.

نقد منهج التفعيل في علم النفس الاجتماعي:

يعد منهج التفعيل في علم النفس الاجتماعي مكونًا أساسيًا في علم متمحور حول النظرية؛ لأنه يوفر وسائل التحديد الدقيق لكيفية قياس مفهوم ما أو إنتاجه في دراسة معينة، يساعد التعريف التفعيلي الدقيق على ضمان الاتساق في تفسير البيانات وجمعها، وبالتالي يساعد في تكرار الدراسة وتوسيعها.

ومع ذلك نظرًا لأنه يمكن تعريف معظم المفاهيم عمليًا بعدة طرق، غالبًا ما يختلف الباحثين حول التطابق بين الأساليب المستخدمة في دراسة معينة والمفهوم النظري في منهج التفعيل في علم النفس الاجتماعي، بالإضافة إلى ذلك عندما تصبح التعريفات محددة للغاية فإنها لا تكون دائمًا قابلة للتطبيق أو ذات مغزى.

منهج التزوير في علم النفس الاجتماعي:

لا يمكن للمرء أن يثبت ما إذا كانت النظرية أو الفرضية صحيحة في علم النفس الاجتماعي، بل يمكن للمرء أن يثبت فقط أنها خاطئة وهي عملية تسمى التزوير، حيث أن منهج التزوير في علم النفس الاجتماعي يعبر عن أداة تميز علم النفس الاجتماعي العلمي عن علم النفس الاجتماعي الشعبي، والذي لا يستخدم عملية التزوير.

تاريخ ونظرية منهج التزوير في علم النفس الاجتماعي:

منذ بداية القرن العشرين حاول العديد من الفلاسفة وعلماء النفس تحديد أفضل طريقة للقيام بالعلوم المختلفة، وتناول معظمهم أسئلة مثل كيف يمكن الانتقال من الملاحظات إلى القوانين؟ أو كيف يمكن اختيار نظرية عالمية من أي عدد من النظريات الممكنة؟ هنا قدم الفيلسوف كارل بوبر فكرة أنه لا يمكن اعتبار نظرية العالم الحقيقي علمية إذا لم تعترف بإمكانية وجود حالة معاكسة.

هذا يعني أنه يجب أن يكون من الممكن عمل ملاحظة يمكن أن تزييف النظرية، على سبيل المثال فإن عبارة كل البجعات بيضاء سيتم تزويرها بملاحظة بجعة سوداء أو الاعتراف بإمكانية وجود بجعة سوداء في مكان ما.

تتكون النظرية العلمية من عدة عبارات مرتبطة ببعضها البعض بطريقة منطقية، حيث أنه إذا ثبت خطأ العبارات فيها يصبح من غير المعقول دعم النظرية النفسية والعلمية لفترة أطول، لذلك يتم هنا استبدال النظرية النفسية العلمية القديمة أو المغشوشة بنظرية أحدث تكون جديدة غير مزيفة، حيث يحاول بعض الباحثين تجنب تزوير نظريتهم بإضافة المزيد من العبارات التي تفسر هذا الشذوذ.

بالنسبة لكارل بوبر فإن قابلية تزوير النظرية النفسية العلمية هي معيار للتمييز بين العلم واللاعلم، وبالتالي لا يمكن للباحثين أن يثبتوا أخيرًا صحة نظرياتهم العلمية، حيث يمكنهم فقط تأكيدها أو إبعادها، وفي كل مرة تنجو فيها النظرية العلمية النفسية من محاولة تزويرها، تصبح نظرية أكثر قابلية للتصديق، ولتطوير العلم يجب على المرء استبدال النظريات المزيفة بنظريات جديدة غير مألوفة، ويجب أن تفسر هذه النظريات الجديدة الظواهر التي تم تزويرها في الماضي السابق.

نقد منهج التزوير والتطبيق الحديث في علم النفس الاجتماعي:

انتقد العديد من الفلاسفة وعلماء النفس والباحثين المختلفين في علم النفس الاجتماعي مبدأ ومنهج التزوير، ففي علم النفس الاجتماعي حيث تكون الاختبارات النفسية حساسة للغاية، يمكن القول بأن العديد من الملاحظات غير معصومة وخاطئة، ومن ثم من السهل تقديم حجة ضد تزوير نظرية ما من خلال الإشارة إلى أخطاء الملاحظة فيها.

على عكس كارل بوبر يرى بعض الفلاسفة وعلماء النفس تطوير عبارات إضافية تدافع عن النظرية القديمة كعملية طبيعية، حيث أعاد علماء النفس الآخرين فيما بعد صياغة مبدأ ومنهج التزوير، وجادل البعض بأن التحول من نظرية إلى أخرى لا يمكن أن يتم بسبب تزوير العديد من عبارات النظرية العلمية النفسية، ولكن هناك حاجة إلى تغيير كامل للنموذج بين علماء النفس الذين يتشاركون الأفكار حول نفس النظرية.

تم استخدام منهج التزوير على نطاق واسع في علم النفس الاجتماعي والعلوم الاجتماعية الحالية متعددة الأوجه، حيث أنه يُنظر إلى إنشاء عدة فرضيات حول نفس الظاهرة الاجتماعية على أنه مساعدة إضافية للباحثين في علم النفس الاجتماعي للتغلب على المقاومة الذاتية لرفض نظريتهم.


شارك المقالة: