مهارات التنظيم العاطفي وتعزيزها في الصحة النفسية

اقرأ في هذا المقال


يعاني العديد من الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الحدية من مهارات تنظيم المشاعر الأساسية، إن معرفة كيفية تنظيم العواطف أمر مهم للجميع، سواء كان الشخص مصابًا باضطراب الشخصية الحدية أم لا، ولكن ما هو تنظيم المشاعر، وكيف يمكن تحسين مهارات تنظيم المشاعر لدى الشخص.

فهم تنظيم العاطفة

يتضمن التنظيم الذاتي أخذ وقفة بين الشعور والفعل، وأخذ الوقت الكافي للتفكير في الأمور، ووضع خطة والانتظار بصبر، غالبًا ما يعاني الأطفال من هذه السلوكيات، وقد يصارع الكبار أيضًا.

يشعر الجميع بالعواطف، سواء كانت سلبية أو إيجابية، على أساس يومي، بالنسبة لبعض الأشخاص بما في ذلك المصابين باضطراب الشخصية الحدية، يكون تنظيم المشاعر أكثر صعوبة، وأحيانًا نتيجة تجارب الطفولة الصعبة مثل الإساءة أو الصدمة، وفي بعض الأحيان بسبب الضعف البيولوجي للحساسية العاطفية، أو بسبب عدم إظهار أو تعلم كيفية القيام بذلك، وإدارة المشاعر المؤلمة.

يعرّف العديد من الباحثين تنظيم المشاعر على أنه القدرة على تحسين أو تقليل المشاعر حسب الحاجة، على سبيل المثال، إذا شعر الشخص بالضيق في منتصف اجتماع في العمل، فقد يحاول تشتيت انتباهه عن كل ما يزعجه من خلال التفكير في شيء آخر.

يستخدم باحثون آخرون تعريفًا أوسع لتنظيم العواطف، حيث ينظرون إليه على أنه مجموعة من المهارات التي تساعد في الحفاظ على صحة نظام الشخص العاطفي وعمله، نظرًا لأن العواطف ليست مطلقة ودائمة، يمكن أن يتعلم الشخص تعديل المشاعر التي لديه، ومدى شدتها ومتى يمتلكها، وكيف يتفاعل معها، الجانب المحدد لتنظيم المشاعر هو أنه يحدث عندما يتم تنشيط الهدف.

وتكون الأهداف فردية للغاية، إنها ما يتخيله الشخص في رأسه، بالطريقة التي يريد أن تسير بها الأمور، ويمكن تنشيط أهداف الشخص بطريقة واعية أو غير واعية من خلال بيئته، والتي تشمل الأشخاص والأشياء والصور والكلمات والأصوات. وفيما يلي بعض الأمثلة على الأهداف النشطة التي تؤدي إلى تنظيم العواطف:

إحداث تغيير في شخص آخر

إذا كان أحد الوالدين، فقد يكون هدف الشخص هو مساعدة طفله على تعلم كيفية تنظيم عواطفه، عندما يعاني طفله من الانهيار قد يشعر بالغضب أو حتى التسلية، ولكن بدلاً من الصراخ أو الضحك، فإن الشخص يقوم بتنظيم عواطفه من أجل التحدث مع طفله بهدوء حول كيفية رد فعله بدلاً من ذلك، يشار إلى هذا باسم تنظيم العاطفة الخارجية.

إحداث تغيير في الذات

إذا كان أحد أهداف الشخص هو أن تكون أكثر إيجابية، فيمكن للشخص تنظيم مشاعره السلبية من خلال التركيز على المشاعر الإيجابية، يُطلق على تنظيم مشاعر الشخص تنظيم المشاعر الجوهرية، أحيانًا يكون هذا النوع من التنظيم مدفوعًا بما تعتبره الثقافة مشاعر جيدة أو سيئة، أو كيف يجب أن يتصرف الشخص في ظروف معينة.

تحقيق الأهداف طويلة المدى

يمكن للشخص أيضًا تنظيم عواطفه من أجل تحقيق هدف نهائي آخر، على سبيل المثال، عندما يعامل رئيس الشخص في العمل معاملة سيئة، فإنه يتصرف كما لو أن ذلك لا يزعجه؛ لأنه يأمل في ترقية وظيفية.

تغيير حدة المشاعر أو مدتها أو نوعها

في بعض الأحيان، يعمل الشخص على زيادة أو تقليل شدة عواطفه، على سبيل المثال قد يشعر بالاكتئاب أو القلق، لكن لا أحد في العمل يعرف ذلك، الشخص أيضًا يغير المدة التي تدوم فيها عواطفه، مثال على ذلك هو عدم الرغبة في التفكير في القلق الذي يشعر الشخص به بشأن الصعوبات المالية وبدلاً من ذلك إبقاء عقل الشخص مشغولاً بالأنشطة الأخرى، في أوقات أخرى قد يغير الشخص نوع المشاعر التي يشعر بها، إذا وقع الشخص أمام الجميع، فيمكنه اختيار الضحك أو النفخ بدلاً من الإحراج.

التنظيم اللاواعي

يحدث هذا النوع من تنظيم المشاعر دون أن يعرفها أو يدركها الشخص، مثال على ذلك هو تبديل القناة بسرعة عندما يظهر شيء يجده مزعجًا على التلفزيون.

في بعض الأحيان تتداخل أهداف تنظيم المشاعر، على سبيل المثال، يمكن للشخص التحدث بهدوء إلى طفل مجهد خارجي للمساعدة في تقليل غضبه وإحباطه الجوهري.

النظرية العامة السائدة لتنظيم الانفعالات

نموذج العملية هو النظرية العامة السائدة لتنظيم الانفعالات، وأن العواطف تتولد عادةً من خلال تسلسل الموقف والانتباه والتقييم والاستجابة، مثل هذا:

1- الموقف، يمكن للشخص اختيار تجنب الأشخاص أو المواقف التي يعتقد أنه سيجدها مؤذية، والانخراط في المواقف التي يجدها إيجابية، أو يمكن تغيير الموقف الذي هو فيه بالفعل عن طريق تغيير سلوكه.

2- الانتباه، يمكن للشخص التركيز على شيء آخر في الموقف، مثل الإشارات غير اللفظية التي يقدمها الشخص الآخر أو ما قد يكون حقًا وراء ما يقوله.

3- التقييم، يمكن للشخص تغيير طريقة تفكيره في الموقف، على سبيل المثال، إذا بدأ تسلسل توليد المشاعر بفكرة الشخص بأنه غبي جدًا، يمكنه أن يقول لنفسه أن هذا ليس صحيحًا وأنه مجرد شعور يشعر به في هذه اللحظة، في المثال أعلاه، بعد القلق من أن صديقه لم يعد يريد أن يكون صديقه، يمكن تذكير الشخص نفسه بأنك تقفز إلى الاستنتاجات وأن تعليقًا نقديًا واحدًا لا يعني نهاية صداقتكما.

4- الرد، يمكن للشخص تغيير طريقة استجابته للوضع، بدلًا من الغضب والانتقاد، ويمكنك القيام ببعض تمارين التنفس، بدلاً من تجنب المواقف غير المريحة، يمكن للشخص اصطحاب صديق يثق به معك، بدلًا من المبالغة في رد الفعل نحو ما يقوله أحدهم، يمكن أن تسأله أو يسألها المزيد عنه حتى يفهم كل منكما الآخر.

مكونات تنظيم المشاعر الصحية

1- إدراك الشخص أن لديه استجابة عاطفية وفهم ماهية هذه الاستجابة.

2- تقبل الشخص استجاباته العاطفية بدلًا من رفضها أو الرد عليها بالخوف، قد يكون هذا صعبًا حتى بالنسبة للأشخاص الذين لا يصابون باضطراب الشخصية الحدية، حيث في الغالب ما يثبط المجتمع المشاعر مثل الغضب أو الحزن.

3- القدرة على الوصول إلى الاستراتيجيات التي تسمح للشخص بتقليل شدة المشاعر التي يشعر بها عندما يحتاج إلى ذلك. هذا يعني أنه إذا كان شخص ما قد أغضبه، فإن الشخص لا يستسلم للرغبة في الهجوم عليه جسديًا أو إلقاء سلسلة طويلة من الصفات في طريقه، في الواقع عندما يشعر بالضيق، يجب أن يكون الشخص قادرًا على الانخراط في سلوك موجه نحو الهدف إذا كان على دراية جيدة بتنظيم المشاعر.

4- القدرة على التحكم في السلوكيات الاندفاعية عندما يكون الشخص منزعجًا، إذا كان الشخص يشعر برغبة في تدمير منزله لأنه تلقى أخبارًا مزعجة، يمكنه كبح الرغبة في رمي كل شيء على الأرض أو إحداث ثقب في الحائط.

نصائح لتنظيم العواطف

تقليل الضعف العاطفي

تأكد الشخص من أنه يعتني بنفسه جيدًا من خلال الحصول على وقت كافٍ من النوم، وتناول نظام غذائي صحي، وبقاء الشخص نشيطًا، وتخصيص وقت لممارسة الأنشطة التي يستمتع الشخص بها، كل ذلك يمكن أن يقطع شوطًا طويلاً في مساعدة الشخص على تجنب بعض التقلبات العاطفية و الهبوط المرتبط باضطراب الشخصية الحدية.

مهارات اليقظة

اليقظة هي ممارسة التواجد في الوقت الحالي وهي واحدة من المهارات الأساسية لتنظيم العواطف، ومن الممكن للأشخاص القيام بمراقبة أنفسهم بصورة موضوعية في الأوقات العصيبة، وواثقين من أنه حتى هذه الأوقات سوف يمر، ومن الممكن أن تساهم اليقظة في تعلم كيفية استخدام مهارات التأقلم الصحية لتعامل الشخص مع مشاعره.

القبول العاطفي

المشاعر بحدّ ذاتها ليست جيدة أو سيئة، على الرغم من أنها قد تكون مخيفة، خاصة عندما تكون شديدة، ويتطلب هذا تعلم الشخص  كيفية تقبل مشاعره ممارسة، ولكن كلما فعل الشخص ذلك، أصبح الأمر أكثر طبيعية، ويمكن أن تساعد مهارات اليقظة في هذا أيضًا.

في النهاية يمكن القول بأنه، بمجرد أن يتعلم الشخص هذا التوازن الدقيق، سيبدأ في التنظيم الذاتي كثيرًا، وستصبح طريقة حياة له. سيؤدي تطوير مهارات التنظيم الذاتي إلى تحسين مرونته وقدرته على مواجهة الظروف الصعبة في الحياة.

ومع ذلك، إذا وجد الشخص أنه غير قادر على تعليم نفسه التنظيم الذاتي، فعليه التفكير في استشارة أخصائي الصحة النفسية، يمكن للمعالج المُختص مساعدته في تعلم وتنفيذ الاستراتيجيات والمهارات الخاصة بموقفه، ويمكن أن يكون العلاج أيضًا مكانًا رائعًا لممارسة تلك المهارات لاستخدامها في حياته اليومية.


شارك المقالة: