مفهوم نظام المثلثات في العلاج الأسري البنائي
يُعرَّف المثلث في العلاج الأسري البنائي على أنه علاقة تربط ثلاثة أفراد في الأسرة، وغالبًا ما يتشكل كوسيلة للتعامل مع التوتر أو الضغط بين فردين من أفراد الأسرة. يتدخل الفرد الثالث، عن وعي أو غير وعي، ليقوم بدور الموازن بين الطرفين الآخرين، وذلك بهدف تخفيف التوتر بينهما. ولكن هذا التدخل، وإن بدا مؤقتًا، يمكن أن يصبح نمطًا ثابتًا يؤثر على صحة العلاقات داخل الأسرة.
على سبيل المثال، قد يتدخل الطفل بين والدين متوترين في محاولة لتهدئة الأجواء أو جذب الانتباه نحو مشاكله الخاصة كوسيلة لتخفيف التوتر بينهما. في البداية، قد يبدو هذا المثلث وكأنه يقدم حلاً مؤقتًا للصراع، لكنه على المدى البعيد يمكن أن يزيد من تعقيد العلاقات داخل الأسرة ويؤدي إلى مشاكل أعمق.
يُعَد نظام المثلثات شكل معين من نظام الاتحاد، يشترك به اثنان من أعضاء العائلة ويشتركان بالقوة تجاه عضو ثالث من العائلة، بما أنَّه يكون الاتحاد بين الأنظمة الفرعية فمن الأمر البسيط التخلص منه، إلا أنَّه قد يُشكّل مرض نفسي أو مشكلة إن كان اتحاد عبر الأجيال.
ويتم في الاتحاد عبر الأجيال اتحاد اثنان من أعضاء العائلة مع جيلين مختلفين تجاه عضو ثالث في العائلة، وهو يتضح بشكل عام على شكل اتحاد الوالد والطفل ضد الوالدة، أو عندما تتحد الحماة وابنها ضدّ الزوجة، أو العكس.
يحدث هذا الاتحاد بسبب وجود خلل في التوازن والمساواة بين القوة بين أعضاء العائلة، لا يمكن إحداث تغيير فيه بواسطة المناقشة، حيث تقوم الجهة الأضعف إلى الاشتراك مع جهة أخرى من جيل آخر للتعاون معه ومشاركته القوة، والعمل على تحقيق التوازن، فيحدث الاتحاد بين والدة الزوجة والزوجة تجاه الزوج؛ لأنَّ الزوجة قد تشكي زوجها لوالدتها فتقوم والدة الزوجة بالانتقام من زوج ابنتها، والحكم عليه بدلاً من أن يقوم كل من الزوجين بمناقشة المشكلة والقيام على حلها.
ويوجد اتحاد آخر بين الأجيال يحدث بين الوالد والطفل تجاه الأم أو العكس، ممَّا يؤدي إلى محاولة الطرف الثالث الأب أو الأم بسحب الطفل الى طرفهما، فيصبح الابن منقسم بالولاء بين الوالدين، ولا يعرف مع من يكون مع الأم أم الأب.
دور المثلثات في ديناميكيات الأسرة
نظام المثلثات يلعب دورًا مزدوجًا في الأسرة. من ناحية، يمكن أن يساعد في تحقيق توازن مؤقت في العلاقات، حيث يقوم بتخفيف حدة الصراع المباشر بين فردين من خلال إشراك شخص ثالث. ولكن من ناحية أخرى، يمكن أن يكون هذا النظام مصدرًا للمشكلات العميقة إذا أصبح المثلث نمطًا ثابتًا في التعامل مع التوترات.
توزيع التوتر: عندما يتدخل الفرد الثالث في العلاقة، يمكن أن يُخفف التوتر بين الفردين الآخرين في المدى القصير. على سبيل المثال، إذا كان الزوجان يواجهان صراعًا مستمرًا، فقد يبدأ أحد الأطفال بإظهار سلوكيات مضطربة لجذب الانتباه إليه، مما يجعل الوالدين ينشغلان بمشكلته ويخففان من حدة الصراع بينهما. هذا التوزيع للتوتر يمكن أن يُجنب مواجهة القضايا الحقيقية بين الزوجين.
تعزيز أنماط غير صحية: في حالة تحول مثلثات الأسرة إلى نمط دائم، فإنها تعيق تطوير طرق صحية لحل المشاكل. فبدلاً من أن يتعلم الأفراد كيفية حل صراعاتهم بشكل مباشر وصريح، يعتمدون على إشراك فرد ثالث للتهدئة. هذه الممارسات تؤدي إلى خلق علاقات غير متوازنة، حيث يصبح الاعتماد على المثلثات وسيلة للتفاعل داخل الأسرة.
تأثيرات على الأفراد: عندما يصبح المثلث نمطًا ثابتًا، فإن الفرد الثالث يمكن أن يعاني من الضغط النفسي. الطفل الذي يجد نفسه دائمًا في دور الوسيط بين والديه مثلاً قد يشعر بالضغط العاطفي ويفقد الإحساس بالاستقلالية. في الوقت نفسه، قد يشعر الأفراد الآخرون في الأسرة بأنهم غير قادرين على التواصل بشكل مباشر مع بعضهم البعض، مما يؤدي إلى ضعف العلاقات العاطفية بينهم.