القوارض وصغارها

اقرأ في هذا المقال


أربعون في المائة من جميع الثدييات هي قوارض (Rodent)، حيث تعتبر القوارض من أنجح الحيوانات على وجه الأرض، ويرجع الكثير من هذا إلى معدل التكاثر الشرس للعديد من القوارض، ويمكن للفأر البني على سبيل المثال أن يتكاثر سبع مرات في السنة وينتج ما يصل إلى 14 قطة صغيرة لكل فرامة، والقوارض قابلة للتكيف بشكل كبير عندما يتعلق الأمر بالموائل وتوجد في كل مكان باستثناء القارة القطبية الجنوبية، وعلى الرغم من أنّ معظمهم من الحيوانات العاشبة، إلّا أنّهم يوسعون نظامهم الغذائي ليشمل البروتين الحيواني إذا لزم الأمر وهم أذكياء، والقوارض تفتقر إلى أسنان الكلاب، حيث يجب أن تكون أسنان الكلاب هي فجوة تسمى فجوة بين القواطع وأسنان الخد.

مظهر القوارض

كانت القوارض هي الثدييات المشيمية الوحيدة التي عاشت في أستراليا حتى وصل البشر، ويمكن للفأر الشائك الأفريقي تجديد ذيله إذا تم كسره، كما تحتوي القوارض مثل السنجاب والهامستر على أكياس خد لتخزين الطعام، وعندما تمتلئ الأكياس يمكن أن يكون حجم رأس الحيوان عدة أضعاف، وعلى الرغم من أنّ القوارض لها مظاهر مختلفة اعتمادًا على أجناسها وأنواعها، إلّا أنّ مخطط جسم القوارض الأساسي هو حيوان صغير الحجم ومضغوط وفروي وأربعة أطراف مع مخالب صغيرة وذيل طويل قد يكون مكسو بالفراء كما هو الحال في السناجب أو عارياً كما في الفئران.

تميل القوارض إلى امتلاك شعيرات طويلة وحواس حادة تساعدهم على التنقل في بيئتهم حتى في الظلام، وما تمتلكه جميع القوارض وما يجعلها قوارض هي أربعة قواطع طويلة مفتوحة الجذور لا تتوقف أبدًا عن النمو خلال حياة الحيوان، ولهذا السبب يجب أن يستمر القارض في القضم وأن يكون لديه عضلات مضغوطة في الفك مبنية خصيصًا لهذا الغرض.

تواصل وإدراك القوارض

تشم القوارض علامات من خلال البول والبراز والإفرازات الغدية، وعلى الرغم من أنّ هذا قد يكون طاردًا للبشر، إلّا أنّ هذه المواد تسمح للقوارض بإخبار الأصدقاء والعائلة عن الغرباء والأعداء، وتستخدم العديد من القوارض أيضًا مجموعة متنوعة من الأصوات من صرير العلامة التجارية لفأر المنزل إلى صفارات الغرير إلى نباح السناجب إلى الأصوات التي لا تستطيع الأذن البشرية سماعها.

موطن القوارض

هناك عدد قليل جدًا من الأماكن على وجه الأرض حيث لا يعيش نوع واحد على الأقل من القوارض، وتشتهر الفئران البنية بأنّها تعيش في مترو أنفاق مدينة نيويورك، وربما لا توجد القوارض في القارة القطبية الجنوبية ولكنها تمكنت من الهجرة إلى أوقيانوسيا دون مساعدة البشر، كما تعيش القوارض مثل السناجب الطائرة في الأشجار، وتعيش كلاب البراري والسناجب الأرضية وتوكو توكوس وفئران الخلد إلى حد كبير تحت الأرض، أمّا القنادس والكيب أو فأر النهر شبه مائية، وتعيش القوارض في التندرا الباردة وفي الصحاري الحارة والجافة وفي المزارع والمنازل وفي مباني المكاتب، ويعيشون في الجبال والغابات المطيرة والسافانا، وفي بعض الأماكن تكون آفات ويتم بذل الكثير من الجهد للسيطرة على سكانها.

حمية القوارض

على الرغم من أنّ معظم القوارض من الحيوانات العاشبة ولكن يمكن اعتبار الترتيب آكلة اللحوم لأنّ العديد من الأنواع تأكل حيوانات أخرى، وفي الواقع كما يعلم معظم الأشخاص الذين يعانون من مشكلة الفئران، فتضطر القوارض على الأقل إلى مضغ أي شيء تقريبًا، وعلى الرغم من أنّ القوارض تفتقر إلى أسنان الكلاب لدى معظم الحيوانات آكلة اللحوم، فإنّ بعضها بارع في الصيد، ويعتقد أنّ الفئران مسؤولة عن انقراض العديد من أنواع الزواحف والطيور والثدييات الأخرى.

قد تكون القوارض أسوأ من القطط عندما يتعلق الأمر بهذا النوع من الافتراس، وفي الواقع من المعروف أنّ فئران المجاري تمارس أكل لحوم البشر وتهاجم الأطفال، حتى أنّ القوارض التي تأكل المواد النباتية تتغذى أحيانًا على الحشرات أو الديدان، ويأكل البعض الآخر الطيور والبيض والأسماك وغيرها من الحيوانات المائية الصغيرة ويمضغ لحاء الشجر.

القوارض والتهديدات

لطالما كان البشر يفترسون هذه الحيوانات، ولقد استخدموها وما زالوا يستخدمونها في الطعام والملابس، وفي الواقع تم استئصال القندس تقريبًا بسبب فروه الناعم المقاوم للماء، ولا يوفر صيد المغذيات الفراء والكلاب فحسب بل يتحكم في أرقامها الخارجة عن نطاق السيطرة إلى حد ما، ويتم تربية حيوان القارض الكابيبارا القابلة للانقياد من أجل لحمها وجلدها الذي يتحول إلى جلد، وفي حالات أخرى يتم اصطياد الحيوانات لأنّ الناس يجدونها طاردة و / أو ناقل للأمراض أو مستودع للأمراض، وهذا صحيح بالنسبة لعدة أنواع من الجرذان والفئران، فالفئران على سبيل المثال تُلام على جلب البراغيث إلى أوروبا التي أدت إلى الموت الأسود ولا تزال الجرذان والفئران تنشر الأمراض.

تحتوي القوارض أيضًا على ثروة من الحيوانات المفترسة الطبيعية، فتفترس جاكوار والكايمان الكابيبارا والأغوتيس، والفئران هي الوجبة المفضلة للبوم والطيور الجارحة الأخرى، وتتغذى القوارض أيضًا على القوارض الأصغر والأضعف بما في ذلك الأطفال من جنسهم.

تكاثر القوارض والصغار

من المحتمل أن يكون هناك العديد من استراتيجيات الإنجاب بقدر وجود أجناس من القوارض، وبعضها أحادي الزواج ويساعد كلا الوالدين في تربية الصغار، والبعض الآخر أحادي الزواج لأنّ الذكر لا يمكنه العثور على أنثى أخرى للتزاوج معها، وفي بعض الأنواع تدافع الذكور عن منطقة تضم أراضي عدد من الإناث، وفي الأنواع الأخرى يتزاوج الذكور والإناث مع من هو متاح، وأحيانًا إلى الحد الذي يمكن أن يكون فيه لقمامة الجراء عدة آباء، وفي مستعمرة فئران الخلد العارية لا يُسمح إلّا للملكة بالتزاوج ولديها ثلاثة رفاق أخيرًا.

يولد بعض الأطفال عراة وعاجزين بينما يولد البعض الآخر بالفراء وحتى على استعداد لتناول الطعام الصلب كما هو الحال مع النيص، وبغض النظر عن ظهورها تهتم معظم الأمهات بصغارها، وفي حالات مثل كلاب البراري ذات الذيل الأسود تهتم الأمهات أيضًا بالجراء الأخرى حيث يتم تربية الأطفال بشكل جماعي، ويتراوح عمر هذه الحيوانات من ستة أشهر إلى سنة لجرذ مولر العملاق سوندا و 32 عامًا لجرذ الخلد العاري.

معظم القوارض اجتماعية وتميل إلى العيش في مجموعات عائلية، فيعيش كلب البراري فيما يمكن أن يُطلق عليه اسم البلدات وتعيش الشينشيلة في قطعان، وغالبًا ما تكون مجموعات العائلة من الآباء وأطفالهم، ويعيش الأطفال من الحضانات السابقة أحيانًا مع أحدث محصول من الأطفال، وتتكون الجرذان البنية من مستعمرات من الإناث وأطفالهن ومن ذكر يدافع عن أراضيهم، وبعض مجتمعات القوارض أمومية حيث تعيش الإناث وصغارها معًا ويتم طرد الذكور عندما يصلون إلى مرحلة النضج الجنسي أو يقتربون منها، ويحدث هذا مع السناجب الأرضية.

يمكن رؤية أكثر أشكال سلوك القوارض تطرفاً في جرذ الخلد العاري، فهذه الحيوانات تتصرف مثل الحشرات الاجتماعية العليا (eusocial) أكثر من الثدييات، وتهيمن الملكة على المستعمرة وهي الأنثى الوحيدة المسموح لها بالتكاثر، وتوجد فئران الخلد الأخرى لرعاية المستعمرة والصغار.

يعيش المليارات من هذه الحيوانات حول العالم، ويوجد في الصين وحدها أكثر من ملياري جرذ وفي عام 2019 كان عدد الفئران في مدينة نيويورك فقط 2 مليون، وعلى الرغم من ذلك هناك 168 نوعًا تعتبر مهددة بالانقراض، ويصبح هذا أمرًا ملحًا بشكل خاص عندما تفكر في أنّ معظم أجناس القوارض لها نوع واحد فقط، وتشمل الأنواع المهددة بالانقراض النيص ذو الشعر البني القزم وريج توكو توكو (Reig’s tuco-tuco) وباسيفك داغو (Pacific degu) وفأر التل السماوي ودينجات كثيف الذيل السحابي والذي ربما يكون قد انقرض بالفعل.

المصدر: فادية كنهوش (2007)، أطلس الحيوانات (الطبعة الأولى)، حلب: دار ربيع.أميرة عبداللطيف (1-3-2014)، "الأهمية الاقتصادية للحيوانات البرية ومنتجاتها في أفريقيا حالة خاصة السودان"، جامعة السودان، اطّلع عليه بتاريخ 18-10-2016.ديانا أبي عبود عيسى (2003)، حياة الحيوانات (الطبعة الأولى)، بيروت: دار المجاني.هيئة من المؤلِّفين (1999)، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، الرياض، المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع.


شارك المقالة: