دورة حياة الفيروس

اقرأ في هذا المقال


ما هو الفيروس؟

الفيروس أو الحُمات: مفردها فيروس أو حُمة وهو عامل ممرض صغير لا يمكن التكاثر إلا داخل خلايا كائن حي آخر. الفيروسات صغيرة جداً ولا يمكن مشاهدتها بالمجهر الضوئي، تصيب الفيروسات جميع أنواع الكائنات الحية من الحيوانات والنباتات إلى البكتيريا والعتائق على الرغم من أن هنالك الملايين من الأنواع المختلفة لم يتم الوصف إلا حوالي (5000) من الفيروسات بالتفصيل.

تختلف جزيئات المستقبل من فيروس لآخر حسب نوعه، ومع أنَّ بعضها يوجد فوق معظم الخلايا، فإن هناك جزيئات تكون مقصورة على أنواع معينة من الخلايا. ومن الأمثلة الشهيرة على ذلك، فيروس نقص المناعة البشري (HIV)، الذي يحمل مفتاح دخول القفل (CD4)، وبهذا فإن تلك الخلايا التي تحمل جزيئات (CD4)، فوق سطحها هي فقط التي يمكن أن تتعرض للعدوى بهذا الفيروس.

هذا التفاعل بعينه يحدد نتيجة انتقال العدوى، والتي تؤدي في حالة فيروس نقص المناعة البشري إلى تدمير الخلايا التائية (المساعدة) موجبة (CD4)، وهي خلايا شديدة الأهمية بالنسبة للاستجابة المناعية. وهذا الأمر يؤدي إلى فشل جهاز المناعة، مع وجود خطر الإصابة بحالات عدوى انتهازية بالغة الحدة، ولو لم يقدم للمريض العلاج يكون موته محتماً.

دورة حياة الفيروس:

أولاً: اتحاد الفيروس

بمجرد اتحاد فيروس ما بالمستقبل الخلوي المناسب له، يخترق غلافه الخلية فيتحرر جينومه سواء أكان من (DNA أو RNA)، وينطلق داخل سيتوبلازم الخلية. والهدف الرئيسي للفيروس هنا أن يتكاثر بنجاح، وحتى يتسنى له ذلك يجب على مادته الوراثية أن تنزل المعلومات التي تحملها على جهاز الخلية.

في أغلب الحالات، يحدث ذلك داخل نواة الخلية حيث يتمكن الفيروس من الوصول إلى الجزيئات التي يحتاج إليها كي يبدأ في تصنيع البروتينات الخاصة به. إلا أن بعض الفيروسات كبيرة الحجم، مثل فيروسات الجدري، تحمل معها جينات للإنزيمات التي تحتاج إليها في تصنيع بروتيناتها وبهذا تكون أكثر قدرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي وإتمام دورة حياتها بالكامل داخل السيتوبلازم.

ثانياً: فيروسات (DNA)

بمجرد دخول الخلية، تتخفى فيروسات (DNA)، ببساطة في صورة قطع من (DNA)، الخلوي، وتُنسخ جيناتها وتُترجم باستخدام أكبر قدر متاح من آليات الخلية تحتاج إليها من أجل خط إنتاج الفيروس الخاص بها. وتُنسخ شفرة (DNA)، الفيروسي إلى رسائل (RNA)، تُقرأ وتترجم إلى البروتينات الفيروسية واحداً واحداً بواسطة ريبوزومات الخلية.

وبعد ذلك تُجّمع أوصال المكونات المنفصلة للفيروس لتتحول إلى الآلاف من الفيروسات الجديدة التي كثيراً ما تكون محتشدة ومكتظة داخل الخلية، حتى إن تلك الأخيرة تنفجر كي تطلق سراحها، فتموت الخلية لا محالة. أو بدلاً من ذلك تغادر الفيروسات الجديدة الخلية بأسلوب أكثر هدوءًا بأن تتبرعم من خلال ثغور الغشاء الخلوي. وفي تلك الحالة الأخيرة، ربما تنجو الخلية من الموت وتؤدي وظيفة مخزن للعدوى الفيروسية.

ثالثاً: فيروسات (RNA)

أما فيروسات (RNA)، فإنها تسبق فيروسات (DNA)، بخطوة في امتلاكها بالفعل شفرتها الوراثية الخاصة بها في صورة (RNA). ولما كانت تحمل معها الإنزيمات التي تمكن (RNA)، الخاص بها من أن تستنسخ وتترجم إلى بروتينات، فإنها لهذا السبب ليست شديدة الاعتماد على الإنزيمات الخلوية، وكثيرًا ما تتمكن من إتمام دورة حياتها داخل السيتوبلازم دون أن تتسبب في خلل مؤثر بالخلية.

الفيروسات القهقرية واحدة من عائلات فيروسات (RNA)، التي تضم بين أفرادها فيروس نقص المناعة البشري، وقد تمكنت من تطوير حيلة فريدة في نوعها لتأسيس عدوى تصيب الخلية مدى الحياة وتختبئ بها في الوقت نفسه من الهجوم المناعي.

إنّ جسيمات الفيروسات القهقرية تحتوي على إنزيم يسمى (إنزيم النسخ العكسي)، الذي بمجرد وجوده داخل الخلية يحول (RNA)، الفيروس إلى (DNA)، ويتمكن هذا (DNA)، الفيروسي بعد ذلك من الاتحاد، أو الاندماج، مع (DNA)، الخلية مستخدماً إنزيماً آخر يحمله الفيروس اسمه (إنزيم الدمج).

ويُسمى التسلسل الفيروسي المُدمج باسم (طليعة الفيروس)، وهو يحفظ بفعالية داخل الخلية، ويظل هناك إلى الأبد كي يُنّسخ بجانب (DNA)، الخلوي كلما انقسمت الخلية تورث طليعة الفيروس عن طريق الخليتين الأبنتين، وبهذا يتجمع مخزون من الخلايا المصابة بالعدوى داخل العائل. وفي أي وقت يمكن لأي طليعة فيروس أن تصنع فيروسات جديدة تتبرعم خارجة من سطح الخلية، لكنها في هذه الحالة تقتل الخلية.


شارك المقالة: