مفهوم تأشير الخلايا

اقرأ في هذا المقال


ما هو مفهوم تأشير الخلايا؟

يمكن للخلايا اكتشاف ما يدور حولها، ويمكنها الاستجابة في الوقت الفعلي لإشارات جيرانها وبيئتها، في هذه اللحظة بالذات ترسل الخلايا وتستقبل ملايين الرسائل في شكل جزيئات إشارات كيميائية، وهناك عدة مبادئ أساسية لكيفية تواصل الخلايا مع بعضها البعض، وعمل إشارات الخلايا الخلوية التي تحدث في أجسامنا.

تأشير الخلايا هي أحد أجزاء نظام معقد للتواصل بين الخلايا يحكم الفعاليات الخلوية الأساسية، كما أن الأفعال الخلوية الموجهة قابلية الخلايا لتلقي والاستجابة بشكل صحيح لبيئتها المصغرة هو أساس النمو وترميم النسج وإصلاحها، وأيضا المناعة بالإضافة للتوازن (homeostasis) النسيجي الداخلي.

الإشارات الخلوية:

تتواصل الخلايا عادةً باستخدام الإشارات الكيميائية، وغالبًا ما تُفرز هذه الإشارات الكيميائية وهي بروتينات أو جزيئات أخرى، تنتجها خلية مرسلة من الخلية ويتم إطلاقها في الفضاء خارج الخلية، بحيث هناك يمكن أن تطفو – مثل الرسائل في زجاجة – على الخلايا المجاورة.

لا تستطيع جميع الخلايا “سماع” رسالة كيميائية معينة، ومن أجل اكتشاف إشارة (أي أن تكون خلية مستهدفة) يجب أن يكون للخلية المجاورة المستقبل الصحيح لتلك الإشارة، بحيث عندما يرتبط جزيء الإشارة بمستقبلاته فإنه يغير شكل أو نشاط المستقبل، مما يؤدي إلى حدوث تغيير داخل الخلية، وغالبًا ما يطلق على جزيئات الإشارات اسم( ligands)، وهو مصطلح عام للجزيئات التي ترتبط بشكل خاص بجزيئات أخرى (مثل المستقبلات).

غالبًا ما يتم نقل الرسالة التي يحملها رابط من خلال سلسلة من الرسائل الكيميائية داخل الخلية، وفي النهاية يؤدي إلى تغيير في الخلية مثل تغيير نشاط الجين أو حتى تحريض عملية كاملة مثل انقسام الخلية وبالتالي، يتم تحويل الإشارة الأصلية بين الخلايا (بين الخلايا) إلى إشارة داخل الخلايا (داخل الخلية) تؤدي إلى استجابة.

أشكال الإشارات:

تتضمن إشارات الخلية الخلوية إرسال إشارة من خلية إرسال إلى خلية استقبال ومع ذلك، ليست كل الخلايا المرسلة والمستقبلة هي جيران مجاورة ولا تتبادل جميع أزواج الخلايا الإشارات بنفس الطريقة، حيث توجد أربع فئات أساسية من الإشارات الكيميائية الموجودة في الكائنات متعددة الخلايا: إشارات (paracrine)، إشارات (autocrine )، إشارات الغدد الصماء والإشارات عن طريق الاتصال المباشر، إن الفرق الرئيسي بين الفئات المختلفة للإشارة هو المسافة التي تقطعها الإشارة عبر الكائن الحي للوصول إلى الخلية المستهدفة.

إشارات(Paracrine):

في كثير من الأحيان تتواصل الخلايا القريبة من بعضها البعض من خلال إطلاق الرسل الكيميائي (الروابط التي يمكن أن تنتشر عبر الفراغ بين الخلايا)، إذ يُعرف هذا النوع من الإشارات الذي تتواصل فيه الخلايا عبر مسافات قصيرة نسبيًا باسم إشارات (paracrine)، حيث تسمح إشارات (Paracrine) للخلايا بتنسيق الأنشطة محليًا مع جيرانها.

على الرغم من استخدامها في العديد من الأنسجة والسياقات المختلفة إلا أن إشارات الباراكرين مهمة بشكل خاص أثناء التطور، عندما تسمح لمجموعة واحدة من الخلايا بإخبار مجموعة مجاورة من الخلايا عن الهوية الخلوية التي يجب أن تتخذها، مثال: تطور الحبل الشوكي.

إشارات متشابكة:

أحد الأمثلة الفريدة على إشارات (paracrine) هو الإشارات التشابكية، حيث تنقل الخلايا العصبية الإشارات، وسميت هذه العملية باسم المشبك وهو التقاطع بين خليتين عصبيتين، حيث يحدث انتقال الإشارة، بحيث عندما تندلع العصبون المرسل تتحرك النبضة الكهربائية بسرعة عبر الخلية، وتنتقل عبر امتداد طويل يشبه الألياف يسمى محور عصبي.

عندما يصل الدافع إلى المشبك فإنه يؤدي إلى إطلاق روابط تسمى الناقلات العصبية، والتي تعبر بسرعة الفجوة الصغيرة بين الخلايا العصبية، وعندما تصل النواقل العصبية إلى الخلية المستقبلة فإنها ترتبط بالمستقبلات وتسبب تغيرًا كيميائيًا داخل الخلية (غالبًا ما تفتح القنوات الأيونية وتغير الجهد الكهربائي عبر الغشاء).

تتحلل النواقل العصبية التي يتم إطلاقها في المشبك الكيميائي بسرعة أو يتم إرجاعها مرة أخرى بواسطة الخلية المرسلة، وهذا “يعيد ضبط” النظام بحيث يكون المشبك على استعداد للاستجابة بسرعة للإشارة التالية.

إشارات الاستبداد:

في إشارات الأوتوكرين تشير الخلية إلى نفسها وتطلق ليجندًا يرتبط بالمستقبلات الموجودة على سطحها (أو حسب نوع الإشارة إلى المستقبلات داخل الخلية)، حيث قد يبدو هذا شيئًا غريبًا بالنسبة للخلية لكن الإشارات المستبدة تلعب دورًا مهمًا في العديد من العمليات.

على سبيل المثال تعد إشارات الأوتوكرين مهمة أثناء التطور، حيث تساعد الخلايا على تولي هوياتها الصحيحة وتعزيزها، ومن وجهة نظر طبية تعتبر إشارات الأوتوكرين مهمة في السرطان ويعتقد أنها تلعب دورًا رئيسيًا في ورم خبيث (انتشار السرطان من موقعه الأصلي إلى أجزاء أخرى من الجسم)، وفي كثير من الحالات قد يكون للإشارة تأثيرات أوتوكرين وباراكرين وترتبط بالخلية المرسلة، بالإضافة إلى خلايا أخرى مماثلة في المنطقة.

إشارات الغدد الصماء:

عندما تحتاج الخلايا إلى إرسال إشارات عبر مسافات طويلة، فإنها غالبًا ما تستخدم نظام الدورة الدموية كشبكة توزيع للرسائل التي ترسلها، في إشارات الغدد الصماء لمسافات طويلة يتم إنتاج الإشارات بواسطة خلايا متخصصة، ويتم إطلاقها في مجرى الدم الذي يحملها إلى الخلايا المستهدفة في أجزاء بعيدة من الجسم.

تُعرف الإشارات التي يتم إنتاجها في جزء واحد من الجسم وتنتقل عبر الدورة الدموية للوصول إلى أهداف بعيدة باسم الهرمونات، إذ في البشر تشمل الغدد الصماء التي تفرز الهرمونات الغدة الدرقية والغدة النخامية وكذلك الغدد الصماء (الخصيتين والمبيضين) والبنكرياس.

تفرز كل غدة صماء نوعًا واحدًا أو أكثر من الهرمونات، والعديد منها منظمات رئيسية للتطور وعلم وظائف الأعضاء، وعلى سبيل المثال تفرز الغدة النخامية هرمون النمو (GH) الذي يعزز النمو، خاصةً الهيكل العظمي والغضاريف، ومثل معظم الهرمونات يؤثر هرمون النمو على العديد من أنواع الخلايا المختلفة في جميع أنحاء الجسم، ومع ذلك تقدم خلايا الغضاريف مثالًا واحدًا على كيفية عمل هرمون النمو: فهو يرتبط بالمستقبلات الموجودة على سطح هذه الخلايا ويشجعها على الانقسام.

التأشير من خلال الاتصال الخلوي:

تقاطعات الفجوات في الحيوانات و(plasmodesmata) في النباتات هي قنوات صغيرة تربط الخلايا المجاورة مباشرة، إذ تسمح هذه القنوات المليئة بالمياه لجزيئات الإشارة الصغيرة التي تسمى الوسطاء داخل الخلايا بالانتشار بين الخليتين، وتستطيع الجزيئات والأيونات الصغيرة أن تنتقل بين الخلايا لكن الجزيئات الكبيرة مثل البروتينات والحمض النووي لا يمكنها المرور عبر القنوات دون مساعدة خاصة.

يتم نقل جزيئات الإشارة الحالة الحالية لخلية واحدة إلى جارتها، إذ يسمح هذا لمجموعة من الخلايا بتنسيق استجابتها للإشارة التي ربما تلقت واحدة منها فقط، وفي النباتات توجد رابطات بيانات بين جميع الخلايا تقريبًا مما يجعل النبات بأكمله في شبكة عملاقة واحدة.

في شكل آخر من أشكال الإشارات المباشرة قد ترتبط خليتان ببعضهما لأنهما يحملان بروتينات مكملة على أسطحهما، وعندما ترتبط البروتينات ببعضها البعض، فإن هذا التفاعل يغير شكل أحد البروتينين أو كليهما وينقل إشارة، كما أن هذا النوع من الإشارات مهم بشكل خاص في الجهاز المناعي، حيث تستخدم الخلايا المناعية علامات سطح الخلية للتعرف على الخلايا “الذاتية” (خلايا الجسم نفسه) والخلايا المصابة بمسببات الأمراض.


شارك المقالة: