ما هي مشكلة الموصل؟

اقرأ في هذا المقال


اعتبرت الموصل جزء من الإمبراطورية العثمانية حتى أواخر الحرب العالمية الأولى، عندما قامت المملكة المتحدة باحتلالها وبعد حرب الاستقلال التركية، حيث اعتبرت الجمهورية التركية الجديدة الموصل أحد الأمور الحاسمة التي حددها الميثاق الوطني. على الرغم من المقاومة المستمرة تمكنت بريطانيا من جلب القضية إلى الساحة الدولية وخفضتها إلى مشكلة حدودية بين تركيا والعراق.
لقد قام مجلس عصبة الأمم بتحديد لجنة تحقيق أوصت بضرورة احتفاظ العراق بالموصل، ووافقت تركيا على مضض هذا القرار عن طريق التوقيع على اتفاقية الحدود لسنة 1926 مع الحكومة العراقية في سنة 1926، حيث وافق العراق على منح 10 بالمائة من حقوق الامتياز على رواسب النفط في الموصل إلى تركيا لمدة 25 سنة.

مفهوم مشكلة الموصل:

اعتبرت قضية الموصل صراع إقليمي في بداية القرن ال 20 بين تركيا والمملكة المتحدة (فيما بعد العراق) حول امتلاك ولاية الموصل العثمانية السابقة.

تاريخ مشكلة الموصل:

قرب نهاية الحرب العالمية الأولى في 30 أكتوبر 1918 وقعت الإمبراطورية العثمانية المنهكة والمملكة المتحدة هدنة مودروس، حيث نصت الاتفاقية على وقف الأعمال العدائية اعتباراً من 31 أكتوبر 1918، لذلك وبالنسبة للبريطانيين “كان من المرغوب فيه جداً أن تحتل القوات البريطانية الموصل، وأن يرسل الجنرال مارشال مفرزة إلى الموصل لقبول استسلام الحامية التركية”.
بعد مناقشات مع علي إحسان باشا التركي المحلي واتصالات بين لندن والحكومة العثمانية، حيث برر البريطانيون نيتهم ​​بالرجوع إلى البند 7 من الاتفاقية، وكذلك نيتهم ​​المضي قدما في أي حال وصدرت تعليمات للقائد المحلي بالانسحاب واحتلت بريطانيا الموصل في 10 تشرين الثاني (نوفمبر) 1918.
في آب 1920 تم التوقيع على معاهدة سيفر؛ لإنهاء الحرب، لكن العثمانيين ما زالوا يعترضون على الحق البريطاني في الموصل على أنه تم الاستيلاء عليه بشكل غير قانوني بعد مودروس، حتى عندما تم توقيع معاهدة لوزان بين تركيا وبريطانيا، و في سنة 1923 أكدت تركيا أن بريطانيا كانت تسيطر على ولاية الموصل بشكل غير قانوني.
لقد واصل المسؤولون البريطانيون في لندن وبغداد الاعتقاد بأن الموصل ضرورية لبقاء العراق؛ بسبب موارده وأمن حدوده الجبلية، حيث كان القادة الأتراك يخشون أيضاً أن تزدهر القومية الكردية تحت الانتداب البريطاني وتبدأ المشاكل مع السكان الأكراد في تركيا.
من أجل التوصل إلى حل بشأن الادعاءات المتضاربة المتعلقة يالموصل طُلب من عصبة الأمم إرسال لجنة لتقصي الحقائق لتحديد المالك الشرعي، حيث حققت اللجنة في المنطقة، وأفادت بأن تركيا ليس لديها أي مطالبة بالموصل، وأنها ملك للبريطانيين وليس لأي شخص آخر أي حق في المنطقة، فقد كان لبريطانيا تأثير كبير في عصبة الأمم وكان وزير مجلس الحرب موريس هانكي قد قرر بالفعل أن بريطانيا بحاجة إلى السيطرة على المنطقة بأكملها؛ بسبب مخاوفها النفطية على البحرية الملكية قبل اكتمال عمل اللجنة.
بالإضافة إلى ذلك لأن بريطانيا أرادت أيضاً تهدئة الغضب التركي من قرار عصبة الأمم، فقد أعطتهم جزءاً من أرباح النفط من خلال السيطرة على النفط وشركة نفط العراق، حيث ظل البريطانيون مسيطرين على موارد الموصل على الرغم من أنهم أعادوا السيطرة السياسية لفيصل.
كانت منطقة الخلاف الأخرى بين بريطانيا وتركيا هي خط الحدود الفعلي، وكان هناك “خط بروكسل” الذي قررته عصبة الأمم باعتباره الحدود الحقيقية للعراق وخط بريطاني، وهو خط التقسيم الذي استخدمته بريطانيا كمرجع في الماضي، حيث عندما تم عرض هذا على القادة البريطانيين، حيث كل من بيرسي كوكس المفوض السامي البريطاني للعراق وأرنولد ويلسون المفوض المدني البريطاني في بغداد لويد جورج الذي كان رئيس الوزراء على استخدام خط بروكسل؛ لأنهم لم يفعلوا ذلك وأعتقد أن هناك فرقاً كبيراً بين حدي الخطين.

الأطراف المشاركة في مشكلة الموصل:

العراق:

لم تكن ولاية الموصل محصورة فقط من قبل قوى خارجية؛ أي بريطانيا وتركيا، بل كان فيصل بن حسين الحاكم الهاشمي الذي أصبح ملكاً لدولة العراق التي أنشأها البريطانيون حديثاً في سنة 1921، وأراد أيضاً أن يطالب بولاية الموصل، حيث أحب البريطانيون فيصل واحترمه بسبب كل المساعدة التي قدمها لهم، كما شعر البريطانيون أيضاً أنه يمكنهم الوثوق به ليفعل ما يريدون.
في هذا الاعتقاد كانت بريطانيا على صواب وخطأ، وكان فيصل دبلوماسياً لامعاً استطاع أن يوازن بين ما يريده البريطانيون والاحتياجات الحقيقية لشعبه في نظام معقد للغاية، مع ذلك كان من أكثر الأشياء التي كان يريدها هو توحيد العراق ووضعه القوي، ولم يكن يعتقد أن ذلك ممكن دون السيطرة على ولاية الموصل.
قبل قرار عصبة الأمم طلب فيصل باستمرار من الحكومة البريطانية منحه السيطرة على الموصل حتى ينجح في تحقيق هدف التوحيد. لذلك أخيراً بعد قرار عصبة الأمم وافق البريطانيون على السماح لفيصل بالسيطرة على الموصل مقابل امتيازات موارد مهمة، حيث أسس البريطانيون شركة البترول التركية التي أطلقوا عليها فيما بعد اسم شركة نفط العراق (IPC).

الأكراد:

مجموعة داخلية أخرى أرادت السيطرة على الموصل كانت الأكراد، وهم السكان الطبيعيون للولاية ويشكلون أكثر من 60٪ من سكان المنطقة ولا يريدون الانتماء إلى أي حكومة أخرى غير حكومتهم، فقد حاربوا منذ فترة طويلة ضد الاندماج في العراق؛ لأنهم أرادوا الاستقلال، ولم يعتبر معظم الأكراد أنفسهم جزءاً من دولة العراق الجديدة وحشد العديد من القادة الأكراد الجماعات الكردية، التي كانت لديها بالفعل قوتها النارية الخاصة بها وساعدتها قوى إمبريالية مختلفة في المناسبات التي تناسب احتياجاتهم.
علاوة على ذلك شعر العديد من الأكراد بالخيانة بسبب الوعود التي قدمها البريطانيون لهم في أوقات سابقة، وبالتالي لم يفوا بها، حيث أراد فيصل دمجهم لأنه كما هو الحال بالنسبة للأغلبية السنية، وكان بحاجة إليهم لتحقيق التوازن بين السكان الشيعة. لقد استخدمت بريطانيا كلاً من القوة النارية الكردية ورغبة فيصل في عراق موحد من أجل السيطرة عليه، وفيما بعد استخدمت إيران الأكراد وقوتهم النارية من أجل الحفاظ على الاضطرابات في العراق في عهد الخميني ولم يرغب الأكراد في الاندماج في العراق لكنهم دعموا استمرار الانتداب البريطاني في المنطقة.

السياسة المحلية:

لقد كانت القيادة تعاني باستمرار من اتهامات بالفساد وعدم الكفاءة وتم استبدال القادة بانتظام ينذر بالخطر، أيضاً بسبب هذه المشاكل أوكلت إدارة الموصل إلى القصر والمفضلين البارزين، حيث كانت مهن المسؤول الرفيع عادة تحددها القضايا القبلية داخل دولهم.

التركيبة السكانية:

كان سكان الولاية يتحدثون العربية، وعدد كبير من السكان الآشوريين الناطقين بالسريانية والسكان الناطقين باللغة الكردية، وعلى عكس جيران الموصل فقد تم دمجها بشكل مباشر أكثر في الإمبراطورية العثمانية، فيما يتعلق بالمجتمعات الدينية كانت غالبيتها سنية مع مجتمعات بارزة من التركمان والأكراد والآشوريين المسيحيين واليهود ويبلغ عدد سكانها حوالي 800000 شخص في أوائل القرن العشرين.


شارك المقالة: