ما هو الانفعال الذي يحدث في الصخور؟
يمكن تعريف الانفعال على أنه التعبير الهندسي لمقدار التشوه الناجم عن تأثير نظام من الإجهادات على جسم ما، وبالتالي فالانفعال عبارة عن تغير في حجم الجسم أو شكله أو تغير في كليهما، ويحدث الانفعال نتيجة لتأثير مجالات الإجهاد الصخري، وعندما يكون التغير في الحجم فقط يُعرف الانفعال في هذه الحالة بـالتمدد، أما عندما يكون التغير في الشكل فقط فيُعرف الانفعال حينها بالتحريف أو التشويه وعادةً ما يصاحبه في هذه الحالة عملية دوران.
يوصف الانفعال بأنه متجانس عندما يكون مقدار الانفعال متساوي في كل أجزاء الجسم، ومن الأدلة المؤكدة لحدوث انفعال متجانس أن الخطوط المستقيمة تظل مستقيمة كما هي، والخطوط المتوازية تبقى متوازية أيضاً، ويُفهم من هذا الكلام أنه في حال أصبحت الخطوط المستقيمة في الصخور منحنية أو في حال أصبحت الخطوط المتوازية غير متوازية فهذا يدل على أن الانفعال غير متجانس.
ويمكن توضيح الفرق بين كل من الانفعال المتجانس والانفعال غير المتجانس من خلال أي طبقة منطوية، فالطية الصخرية ككل تُظهر انفعالاً غير متجانس، ومع هذا فعند الأجنحة يكون الانفعال متجانس، فعلى سبيل المثال تتأثر أشكال الأحافير (المستحاثات) بالإجهاد الناجم عن عملية التشوه التي تنتاب الصخور، ويمكن استخدام مثل هذه الأحافير كأحد الأدلة التي يُحسب من خلالها قيمة الانفعال الصخري النهائي.
التشوه المتصاعد في الصخور الأرضية:
عندما يتعرض أي جسم لإجهاداتٍ متتالية على فتراتٍ أو مراحل زمنية مختلفة، فإن شكلة أو حجمه أو كليهما يتغيران بعد كل مرحلة من المراحل، وتسمى هذه المراحل مجتمعة بعملية التشوه المتصاعد، كما تُعرف آخر مرحلة من مراحل الانفعال (والتي يتم قياسها في الميدان الجيولوجي) باسم الانفعال النهائي.
وليس بالضرورة أن تكون طبيعة الانفعال النهائي مؤشراً جيداً للمراحل السابقة التي مر بها الجسم، ويمكن النظر إلى إهليج الانفعال النهائي على أنه مقسم إلى نطاقات استطالة ونطاقات تقلص أو انكماش، كما تفصل بين هذه النطاقات خطوط تكون عندها الاستطالة مساوية للصفر، وهذا يكون مشابهاً تماماً بالنسبة لطبقة تظهر في نطاقات الاستطالة تراكيب سجقية الشكل، وفي نطاقات التقلص والانكماش يحدث لها عملية طي.
وبطبيعة الحال فإن توزيع هذه النطاقات سوف يعتمد على تاريخ الانفعال، ومعرفة نوع هذا الانفعال بأنه انفعال قصي كامل أو أنه من النوع القصي البسيط، وفي هذا الكلام يمكن الإشارة إلى أن التفحص الدقيق لاتجاهات الطيات الصخرية والتراكيب الأرضية يكون ذو أهمية كبيرة جداً لمعرفة التشوه المتصاعد.
ومن الطرق المفيدة أيضاً في دراسة تاريخ الانفعال بالصخور هي طريقة التحليل الهندسي لاتجاهات نمو معدن الكوارتز (المرو) ونمو معدن الكالسيت وبخاصة في الشقوق والعروق الشدية، حيث تنمو بلورات هذين المعدنين بموازات اتجاهات فتحات الشقوق أو بمعنى آخر في اتجاه استطالة الصخر، ومن ثم يكون التغير في اتجاهات النمو مؤشراً على التغير في اتجاه الاستطالة.
وبما أن الانفعال الصخري هو عبارة عن نتائج لتأثير الجهاد على الصخور الأرضية، فلا بد من أن تكون هناك علاقة هندسية بشكل مباشر بينهما، ولكن نظراً لأن هندسة كل من الإجهاد والانفعال قابلة للتغير مع مرور الزمن؛ (أي خلال الزمن الجيولوجي)، فهذا يعني أن العلاقة بين كل من الإجهاد والانفعال ليست بسيطة كما نتخيل.
وعلى أية حال ففي حالة القص المحض (pure shear) تكون اتجاهات محاور الانفعال النهائية الرئيسية منطبقة على اتجاه الإجهاد الأصغر، بينما يكون اتجاه أقصى تقاصر أو انكماش (أقل شدة) منطبقاً مع اتجاه الإجهاد الأكبر.
أما في حالة القص البسيط فقط لاحظ الجيولوجيين انطباق محور الإجهاد المتوسط فقط على محور الانفعال المتوسط، أما المحاور المتبقية فإنه يحدث لهما دوران بشكل تصاعدي وتدريجي مع الزيادة في مقدار الانفعال، ولهذا السبب لا يكونا منطقين مع اتجاهات كل من محور الإجهاد الأكبر أو محور الإجهاد الأصغر.
ومن خلال دراسة الانفعال على الصخور في القشرة الأرضية قد تمكن الجيولوجيين من التوصل إلى آلية تشكل وتكوين التشوهات في الغلاف الصخري للأرض، حيث أجريت العديد من التجارب العلمية المخبرية أو الميدانية لاثبات فعالية الانفعال الصخري على صخور سطح الأرض أو الصخور التي توجد في باطن الأرض.
حيث أنه في جانب من الجوانب يجب على الجيولوجي أن يقف على التاريخ الجيولوجي التشوهي لمنطقة ما؛ وذلك لتحديد كمية ومقدار الانفعال النهائي الذي ينجم عن التشوهات الصخرية أو بمعنى آخر يتمكن الجيولوجي من تحديد اتجاهات ومقدار محاور الانفعال الثلاثة الرئيسية في كل أجزاء المنطقة.