التبلور المجزأ للماغما البازلتية

اقرأ في هذا المقال


ما هو تبلور الماغما (المهل) والسلاسل التفاعلية؟

لقد قادت دراسات تبلور المصاهير السيليكاتية التجريبية ووافقت النتائج التي تم الحصول عليها من ذلك مع الملاحظات المستواحاة من البترولوجيا والجيولوجيا النارية إلى نتائج هامة تتعلق بالتبلور المهلي، إن التبلور الحرج البسيط الذي أعتبر فيما مضى أنه كان شائعاً وهاماً في العمليات المهلية هو ليس كذلك إطلاقاً، إذ أن معظم الفلزات المشكلة للصخور تعود إلى سلاسل المحاليل الصلبة.

إن التبلور في نماذج تحتوي على مثل هذه المركبات سيأخذ مكانه على مدى من الحرارة، وإن الأطوار التي ستنفصل من المصهور سوف تملك مجالاً معتبراً من التراكيب، كذلك فإن مسار وتقدم التبلور يعتمد تماماً على درجة التصلب وعلى وجود أو إزاحة البلورات المبكرة في التشكل، بينما لا يكون هناك أي تأثير لدرجة التصلب في التبلور الحرج.

كما أن الشروط النهائية تبقى دائماً على حالها سواء تم إزاحة البلورات المبكرة في التشكل أو بقيت في المصهور، إضافة إلى ذلك فإن هناك أمر مهم آخر في النماذك السيليكاتية وهي التواجد المتكرر للإنصهار اللامتجانس، حيث ينقلب طور صلب واحد إلى أطوار مختلفة، وذلك يكون بالتفاعل مع المصهور، وهكذا فإن التبلور الحاصل بالمهل يتميز بنوعين من التفاعلات.

مميزات التبلور الذي يحصل في الماجما:

1. تفاعل مستمر لسلاسل المحاليل الصلبة، حيث يتغير فيها تركيب البلورات المبكرة بدون انقطاع أثناء تفاعلها مع المصهور.

2. تفاعل غير مستمر، حيث تتفاعل الأطوار المبكرة في التشكل مع المصهور لإعطاء أطوار جديدة ذات بنيات وتراكيب مختلفة.

لقد بين العالم باون أن فلزات الصخور النارية الشائعة تقع في زمرتين؛ أولهما زمرة الفلزات الحديدية المغنيزية، وهي زمرة التفاعل غير المستمرة والزمرة الأخرى هي زمرة التفاعل المستمرة، والتي يتشكل فيها الفلسبار (الصفاح) وهو الفلز الرئيسي.

ومن الناحية الفعلية فإن كلاً من الفلزات الحديدية المغنيزية تشكل بحد ذاتها سلسلة للتفاعل المستمر، حيث أنها تعود للمحاليل الصلبة ومن الواضح أن السلاسل التفاعلية التي وصفها العالم باون، وذلك بالاعتماد على الدراسات المخبرية والدلائل البتروغرافية، تتطابق مع الاتجاه العام للتبلور المهلي الذي تظهره جيولوجية الصخور النارية.

ومن الممكن إيضاح الأهمية الجيولوجية لمبدأ التفاعل من دراسة التبلور في المهل البازتي الذي يملك تركيباً قادراً على تشكيل الأوليفين والبيوتيت كأطوار أولية في التشكل، فعندما تتناقص حرارة المهل فإن هذه الفلزات المبكرة في التشكل ستتفاعل قليلاً أو كثيراً مع المصهور وستنقلب إلى البيروكسين واللابرادور.

وعندما لا يأخذ التمايز الجزئي مكانه فإن المصهور سوف يتصلب إلى صخر من البيروكسين واللابرادور مثل البازلت أو الغابرو، أما إذا كان هناك دور لعمليات التمايز الجزئي وقد تم إزاحة بعض فلزات الأوليفين والبيوتيت المبكرة في التشكل من الأنظمة المهلية، فإن عملية التشكل سوف تستمر إلى أبعد من ذلك، بحيث أن المصهور المتبقي سوف يؤثر على البيروكسين واللابرادور لتشكيل الهورنبلند.

وطالما أنه هناك درجات أكبر للتمايز فإنه سيكون هناك عمليات تفاعلية أكثر مدى، ففي الدرجات العالية من التمايز، حيثُ تأخذ سلسلة التفاعل مداها كاملاً فإن المصهور الأخير يكون على شكل محلول مائي غني بالسيليكا.

بعض خصائص السلاسل التفاعلية المستمرة:

تتميز السلسلة التفاعلية اللامستمرة بزيادة التعقيد في الترابط السيليكاتي، حيثُ أنها تشكل رباعيات منفصلة وسلاسل أحادية، بالإضافة إلى سلاسل مضاعفة وصفائحية، كما أنها تكون مترافقة مع حجم أكبر للوحدات البنيوية وتزداد حجوم الخلية الأولية مثل زيادة حجم الهورنبلند.

يتميز القسم الأخير من السلسلة بدخول مجموعة من العناصر إلى داخل بنيات الهورنبلند والبيوتايت عاكسة تراكيز أعلى من المواد الطيارة (كلما تقدم التمايز بالنظام)، وبما أن البوتايت تحتوي على البوتاسيوم بشكل رئيسي، فإن احتمال تبلورها بمكان الهورنبلند مشروط بجزء منها بزيادة تركيز البوتاسيوم في المصهور.

إن التتابع في تناقص التعقيد بالترابط السيليكاتي بالمرور إلى أعلى سلسلة التفاعل اللامستمرة سيعكس الزيادة في الإستقرار الحراري، كما أن آية من البنيات المرحلية في أسفل السلسلة، حيث يمكّن السلسلة من أن تتفكك إلى أجزاء من البنية في الأقسام العلوية من السلسلة بواسطة الحرارة.

وهكذا مع زيادة الرارة فإن صفائح المايكا تتفكك إلى سلاسل مضاعفة للأمفيبول وسلاسل فردية للبايروكسين ثم في الآخير إلى رباعيات فرديّة، وإن كل خطوة ستكون مصحوبة بإعطاء مصهور متبقي ومتتالي.

إن صهر الهورنبلند لإعطاء البايرُوكسين زائد المصهور أو إنصهار البايروكسين لإعطاء الأوليفين زائد المصهور، حيث قد تم ملاحظته في التجارب المخبرية، وإضافة إلى ذلك هُناك مظاهر مهمّة أخرى للسلسلة التفاعلية اللامستمرة مثل يادة درجة الاستبدال السيليكا بالألمنيوم وليس هُناك أية دلائل على مثل ذلك الإستبدال في الأوليفين.

إن كمية السيليكا المستبدلة في معظم البايروكسين المهلي تكون ذت قيمة منخفضة، إلا أنها تكون أعظم من ذلك في الأمفيبول المهلي، أما في البيوتايت فإنه على الأقل سيكون هُناك إستبدال لأكثر من 1/4 (ربع السيليكا) من السيليكا بالألمنيوم، (إن نسبة السيليكا والألمنيوم في البيوتايت المهلي تتراوح من 2/6 إلى 3/5).

وعلى عكس ذلك فإن نسبة السيليكا والألمنيوم في السلسلة التفاعلية والمستمرة للبلاجيوكليز تُظهر تناقصاً ثابتاً من 1:1 في الأنورتايت إلى 3/1 في الألبايت والفلسبار البوتاسي، إن الأهمية البنيوية في الاستبدال (السيليكا والألمنيوم) تكون بشكل واضح مرتبطة مع توزع قدرات الإرتباط.

فإذا كان الألمنيوم يأخذ مكان السيليس في مجموعة الـ sio4 فإن الشحنة الأدنى لعنصر الألمنيوم تؤدي إلى حياديّة أقل للشحنات السالبة على عنصر الأوكسجين، وستقود هذه الزيادة في الشحنة السالبة إلى إرتباط أقوى بين الوحدات السيليكاتية.

ولذا فإن استبدال الألمنيوم للسيليس في البنية سيؤدي إلى زيادة تحطيم حرارتها، وبالتالي ترفع موقعها في السلسلة التفاعليّة، إن ذلك ليس صحيحاً فقط من أجل السلسلة التفاعلية المستمرة بل أنه أيضاً من أجل الفلزات المتفردّة في السلسلة التفاعلية اللامستمرة، إن استبدال الألمنيوم للسيليس في الأمفيبول والبايروكسين سيزيد بوضوح استقرارها الحراري.

أهم العلومات عن السلاسل التفاعلية على العناصر المعدنية:

تؤمن السلسلة التفاعلية بياناً موجزاً عن فعل العناصر الرئيسية أثناء التبلور المهلي في تكوّن الفلزات الأولى مثل: الأوليفين والبلاجيوكليز الكلسي منخفضة بالسيليكا، وبهذا فإن المصهور يكون قد اغتنى بهذا المكوّن وكذلك يكون الأوليفين غنياً بالماغنيسيوم والبلاجيوكليز غنياً بالكالسيوم، بحيث يتناقص تركيز هذه العناصر في المصهور المتبقي المتطور.

يؤدي تبلور الأوليفين أيضاً إلى تغير نسبة المغنيسيوم والحديد في المصهور بحيث أن هذه النسبة تكون دائماً أعلى في البلورات عنها في المصهور الذي تنفصل عنه، ومن الناحية الفعلية إن الأوليفين إضافة إلى كل الفلزات المغنيزية الحديدية هي عبارة عن سلاسل مستمرة منفردة، حيثُ تكون الفلزات المبكرة فيها غنية بالمغنيزيوم والفلزات المتأخرة بالتشكل غنية بالحديد.

وطالما أن التبلور بتقدم تدريجياً فمع الوقت يصبح البايركسين هو الطور المستقر بدلاً من الأوليفين، ومن الممكن أن يستنفذ الكالسيوم من المصهور على شكل بلاجيوكليز كلسي ونسبياً يغتني المصهور بالصوديوم والسيليكا والصوديوم.

وبما أن تركيز الكالسيوم في المصهور ينخفض فإن محتوى الصوديوم في البلاجيوكليز سيزداد تدريجياً، كذلك ومع ظهور الهورنبلند كطور ثابت في السلسلة التفاعلية اللامستمرة فإن بعض الصوديوم سوف يدخل في هذا الفلز أيضاً، يبقى البوتاسيوم في المصهور حتى المراحل المتأخرة، حيثُ يستنفذ في كميات كبيرة فقط في تشكيل البيوتايت والفلسبار البوتاسي.

واعتماداً على مبدأ التفاعل فإن التبلور المجزأ للمهل البازلتي تحت شروط مناسبة يمكن أن يؤدي إلى تشكل متتالي لصخور أكثر سيليسية حتى أنه في النهاية يصل إلى تركيب غرانيتي، لقد تم تأكيد هذا التتابع في مناطق متعددة من الصخور النارية، ومثال ذلك في منطقة أوسلو والصخور الإندساسية الكاليدونية في غرب اسكوتلندا وأيضاً الإندساس الكبير لجنوب كاليفورنيا.

وبأي حال فإن العالم باون قد بين أن التبلور المجزأ هو عملية مرنة بحيث أن مصهورين مهليين لهم نفس التركيب الأولي تقريباً قد يعطيان أنواعاً صخرية مختلفة تماماً، من أحسن الأمثلة الموثوقة على التبلور المجزأ للمهل البازلتي هو أندساس سكير غارد في غرين لندا، إذ أن التفاضل في هذا الإندساس قد أعطى في المراحل الأخيرة للتبلور صخراً غنياً بالحديد ومؤلفاً بشكل رئيسي من البلاجيوكليز والأوليفين.

وهنا فإن اتجاه التاضل كان باتجاه الإتناء بالحديد بدلاً من الإغتناء بالسيليكا، كما أن العلماء الجيولوجيين قد بينوا إمكانية التمييز بين سلسلتين تفاعليتين متمايزتين، الواحدة منها تقود إلى مصهور متبقي غني بالسيليكا كما وصفت سابقاً من قِبل باون بأنها مميزة للصخور النارية في الأحزمة الأوروجينية، والسلسلة التفاعلية الأخرى تقود إلى مصهور متبقي غني بالحديد وهذا هو المثال النوعي للإندساس المنضد.

إن كل هذه السلاسل التفاضلية هي مساوية تمامً لنتائج التبلور المجزأ والتفاعل، وإن النتائج المختلفة كليًّا تعكس الضغط الجزئي للأوكسجين أثناء التبلور، ويصف باون ما يحدث في السلسة التفاعلية الأصلية أثناء التبلور المجزأ للنهر البازلتي تحت ضغط الأوكسجين الجزئي العالي القيمة أو الضغط الجزئي ذو القيمة القليلة.

لقد كان من المعترف به بأن توفر الأوكسجين والتحكم به قد تم بالإدخال المستمر للماء، ومن المحتمل أيضاً أن يكون ذلك بالنسبة لثاني أكسيد الكربون أي توفر هذا الغاز والتحكم به يتم بالاعتماد على الصخور المجاورة والمحيطة.

المصدر: جيولوجيا النظائر/قليوبي، باهر عبد الحميد /1994الأرض: مقدمة في الجيولوجيا الفيزيائية/إدوارد جي تاربوك, ‏فريدريك كي لوتجينس, ‏دينيس تازا /2014الجيولوجيا البيئية: Environmental Geology (9th Edition)/Edward A. Keller/2014علم الأحافير والجيولوجيا/مروان عبد القادر أحمد /2016


شارك المقالة: