انقطاعات في السجل الجيولوجي للصخور الرسوبية وأحواض الترسيب

اقرأ في هذا المقال


كيف حدثت الانقطاعات في السجل الجيولوجي للصخور الرسوبية؟

عندما كانت بعض أجزاء من سطح الأرض تتعرض لعمليات الرفع في فترات من الزمن ثم تهبط وتغطيها البحار في أوقات أخرى، فإن عمليات الترسيب قد تكون غير مستمرة في المكان الواحد، وبالتالي فإن التتابع الطبقي في هذا المكان قد يكون ناقصاً، ولا يعطينها سجلاً جيولوجياً كاملاً للترسيب بل يتخلله في كثير من الأحيان فترات تتوقف فيها عمليات الترسيب وهي التي نسميها عدم توافق.
ويمكننا معرفة التتابع الطبقي الكامل بمقارنة عدة طبقات في أماكن كثيرة تكونت في مياه البحر في أزمنة متتابعة، وهذه المقارنات ليست عملية سهلة وتتطلب كثيراً من الملاحظات الحقلية، كما يكون من الضروري إجراء كثير من التحاليل الصخرية والحفرية والتركيبية لكل قطاع، فقد تكون الطبقة السفلى في أحد القطاعات هي نفسها الطبقة العليا في قطاع آخر، وهذا يدل على أن القطاع الأخير عقب القطاع الأول مباشرة باستمرار الترسيب.
وقد تكون المضاهاة الصخرية عملية صعبة أو مستحيلة في بعض الحالات، وخاصة إذا كانت طبقات كثيرة من التتابع متكررة ومتشابهة، نتيجة لتكرار ظروف الترسيب في أزمنة متعاقبة وفي هذه الحالة تتطلب عمليات المقارنة دراسات في التحاليل الحفرية (لبقايا الكائنات النباتية والحيوانية) في طبقات كل قطاع على حدة.
وفي الحقيقة لا يمكن فصل الجيولوجيا التاريخية عن علم الحفريات بل تعتبر الحفريات الأداة الفعالة في دراسة التتابع الطبقي وبالتالي التاريخ الجيولوجي للمنطقة، وعملية المضاهاة في الطبقات تكون أصعب كلما كانت الصخور أكبر عمراً والسجل الحفر يكون فيها أقل وضوحاً، والكائنات الحيوانية والنباتية كانت في بداية الحياة صغيرة ضعيفة وليست لديها الظروف التي تؤدي إلى حفظها في الصخور منذ الأزمنة السحيقة.
وبذلك يتضح أن تقسيم الزمن الجيولوجي في الصخور القديمة التي تكونت قبل ظهور الحياة لا يمكن أن تتم بشكل دقيق بطريقة المضاهاة الصخرية، ولكن قد تكون طريقة تحديد عمر الصخور بواسطة المواد المشعة أكثر دقة، بل أنها تعتبر الطريقة الوحيدة في مثل هذه الحالات.

أحواض الترسيب والجيوسنكلينات:

إن التراكيب الجيولوجية لا تشمل حركات الرفع فقط ولكن تشمل كذلك حركات الهبوط وتراكم الرواسب، ففي خلال منتصف القرن الماضي لاحظ أحد العلماء الجيولوجيين وجود صخور رسوبية، يبلغ سمكها حوالي 50 ألف قدم قد تكونت في بحار ضحلة بمعدل 200 إلى 300 قدم في الدورة الواحدة (من الصخور المتشابهة).
وهذا يدل على أن أحواض الترسيب كانت تغوص تدريجياً وببطئ شديد خلال فترات طويلة من الزمن الجيولوجي، ومع أن الجيولوجيين لم يتفقوا على أسباب هذا الهبوط البطيء لكنهم متفقون على أن هذا الترسيب قد يكون في مناطق ضحلة من البحار.
وأدت هذه المشاهدات إلى إيجاد علاقة وثيقة بين درجة سرعة هبوط القشرة الأرضية في منطقة معينة ونوع التتابع الصخري المتكون في هذه المنطقة، ويدرس علم الجيوتكتونيا علاقة الترسيب بالحركات الأرضية ويعتبر هذا العلم قمة ما يمكن أن يصل إليه علم الطبقات في تفسير التاريخ الجيولوجي للقشرة الأرضية وتكوين التراكيب الجيولوجية الاقليمية مثل سلاسل الجبال والقارات والمحيطات.

أقسام أحواض الترسيب:

وعلى أساس درجة الحركات التكتونية خلال دورات الترسيب يمكن تقسيم الرواسب إلى أنواع عديدة، ثلاث منها على أهمية كبيرة (صخور الأرصفة القارية، رواسب الجيوسنكلينات أي أحواض الترسيب العظمى، رواسب الأحواض الخسفية)، وفيما يلي توضيح لأقسام الرواسب المهمة:

  • التتابع الطبقي في الرصيف القاري: وهذه المناطق تتعرض كثيراً لحركات القشرة الأرضية، لأن أطراف الكتل القارية تعد من المناطق الضعيفة في القشرة الأرضية ولا تقوى على تحمل الضغوط المختلفة التي تتعرض لها قشرة الأرض، وإذا تأثرت تلك المناطق بحركات الأرض فإنها ترتفع بالنسبة لمستوى سطح البحر أو تنخفض عنه، وفي كلتا الحالتين تتغير معالم السطح وتظهر معالم جديدة وتراكيب جديدة.
  • أحواض الترسيب العظمى (الجيوسنكلينات): خلال الزمن الجيولوجي الطويل كانت توجد أجزاء عريضة من القشرة الأرضية، يمتد كثير منها عبر الكتل القارية مغمورة تحت الماء، وفي هذه البحار الطويلة الضيقة نسبياً والتي سميت بالجيوسنكلينات أو مقعرات الترسيب الأرضية تراكمت الرواسب على مر العصور والأزمنة، وذلك لأسباب ما زال الكثير منها غامضاً حتى الآن.
    ظل قاع هذه الأحواض الترسيبية بهبط تدريجياً وببطء وعليه تراكمت الرواسب حتى بلغت سمكاً ضخماً أكبر بكثير منه في الأماكن الأخرى، ولكن هذا الهبوط التدريجي لم يستمر إلى الأبد.
  • رواسب الأحواض الخسفية: ومن أمثلتها منخفض السويس، وهي عبارة عن مناطق هبوط بطيء مستمر منذ الأزمنة الجيولوجية القديمة، لذلك تميزت هذه المناطق بسمك هائل من الرواسب الممثلة للعصور الجيولوجية المتعاقبة، وترجع أهمية هذه المناطق إلى أن لها تراكيب وأشكال ملائمة لحفظ المصادر المعدنية وخاصة البترول.

شارك المقالة: