بدء ملاحظة الكواكب الجديدة في العصور القديمة والوسطى

اقرأ في هذا المقال


كيف تم ملاحظة الكواكب الجديدة؟

كان ويليام هيرشل أول عالم فلك رصدي في تلك الفترة (العصور القديمة والوسطى)، وُلِد هيرشل في هانوفر بألمانيا عام 1738 لكنه انتقل إلى إنجلترا عندما كان شاباً لتجنب الحروب القارية، استقر في باث وكسب رزقه كموسيقي وكمدرس موسيقى بينما كان يكرس كل وقت فراغه لعلم الفلك للهواة والذي نماه على مستوى عالٍ جداً، ومن خلال صنع تلسكوباته الخاصة سرعان ما امتلك أدوات أفضل من أي شخص آخر، وفي عام 1781 بينما كان يجتاح السماء بحثاً عن نجوم مزدوجة اكتشف جسماً صغيراً اعتبره أولاً مذنباً أو نجماً ضبابياً.

أقنع هيرشل نفسه أنه اكتشف مذنباً جديداً وهو ما لم يكن حدثاً غير عادي، ولكن سرعان ما أثبت علماء فلك آخرون أنه كان يتحرك في مدار دائري تقريباً حول الشمس لذلك أصبح يُعرف باسم كوكب، ومن أجل الحصول على رعاية ملكية اقترح هيرشل تسمية الكائن الجديد (Georgium Sidus) باسم النجم الجورجي بعد الملك جورج الثالث.

وقد نجح الإطراء لأن هيرشل سرعان ما حصل على معاش سنوي، مما سمح له بالتخلي عن تدريس الموسيقى وتكريس نفسه بالكامل تقريباً لعلم الفلك، ورفض علماء الفلك القاري قبول اسم هيرشل المقترح، وفي عام 1783 اقترح عالم الفلك الألماني يوهان إليرت بود اسم أورانوس وهو الاسم الذي علق في النهاية.

كان هناك تقليد طويل يعود إلى أفلاطون وفيثاغورس بمحاولة ربط المسافات الكوكبية بالتسلسلات العددية، وتم اقتراح مخطط جديد مؤثر في عام 1766 من قبل عالم الفلك البروسي يوهان دانيال تيتيوس فون فيتنبرغ، ووفقاً لتيتيوس كان يأخذ تسلسل مسافات الكواكب على شكل معين، وقام تيتيوس بتثبيت المقياس من خلال تخصيص 100 لمسافة زحل من الشمس الأمر الذي يجعل بالفعل مسافة عطارد حوالي 4، وأشار تيتيوس إلى أن هناك مكاناً فارغاً على مسافة 28، وهو ما يقابل الفجوة الكبيرة بين المريخ والمشتري وتكهن بأن هذا سيتم سد الفجوة بواسطة أقمار المريخ غير المكتشفة.

وكان تيتيوس قد تخلى عن حكمه عن بعد غير الموقعة في ترجمته الألمانية للفيلسوف السويسري تشارلز بونيه تأمل الطبيعة، وتم تبني هذا التسلسل للمسافات الكوكبية بدون اعتماد من قبل بود في كتابه الذي يسمى (دليل واضح إلى السماء المرصعة بالنجوم)، وتوقع (Bode) أيضاً أنه سيتم العثور على كوكب في النهاية على مسافة 28، وقد بدأ اكتشاف (Herschel) لأورانوس على مسافة 192 (حيث توقع تسلسل Titius-Bode 196) تأكيداً خارقاً للقانون.

بدأ علماء الفلك في البحث عن كوكب في فجوة المريخ والمشتري، وفي عام 1801 اكتشف عالم الفلك الإيطالي جوزيبي بيازي جسماً صغيراً يشبه الكوكب في الفجوة أطلق عليه اسم سيريس نسبة إلى إلهة صقلية، واكتشف عالم الفلك الألماني فيلهلم أولبيرز بالاس في العام التالي، ولم يشعر هيرشل أن هذه الأجسام كانت كبيرة بما يكفي لتكون كواكب، لذلك اقترح مصطلح كويكب (باليونانية تعني نجمة) والذي اقترحه عليه الكلاسيكي تشارلز بيرني جونيور عن طريق والده مؤرخ الموسيقى تشارلز بيرني الأب الذي كان صديقاً مقرباً لهيرشل، (أطلق عليها لاحقاً اسم الكواكب الصغيرة).

واليوم بعد صدور قرار من الاتحاد الفلكي الدولي في عام 2006 تم تصنيفها رسمياً على أنها كواكب قزمة مثل: سيريس وضخمة، بما يكفي لدورانها إلى كرات بواسطة جاذبيتها الخاصة، ومع ذلك فإن معظمها أصغر بكثير ويتم تعيينها رسمياً على أنها أجسام صغيرة للنظام الشمسي على الرغم من أن العديد من علماء الفلك لا يزالون يشيرون إليها بشكل غير رسمي على أنها كويكبات.

كيف تم ملاحظة مجرة درب التبانة قديماً؟

على الرغم من أن اكتشاف هيرشل لأورانوس قد جعل سمعته إلا أنها لم تكن أهم مساهمة له، وخلال القرن الثامن عشر قاس علماء الفلك الحركات المناسبة لعدد كبير من النجوم والحركة المناسبة هي الانجراف البطيء للنجم فيما يتعلق بجيرانه، مما يؤدي ببطء إلى تغيير شكل الأبراج.

تم الإعلان عن الحركات القليلة الأولى المناسبة في عام 1718 من قبل هالي الذي وجدها من خلال مقارنة مواضع النجوم المرصودة مؤخراً مع البيانات المسجلة، حيث لاحظ هيرشل أن العديد من النجوم ذات الحركات المناسبة الكبيرة ساطعة، مما يشير إلى أنها قد تكون قريبة، ولقد استنتج أنه إذا كان هناك أي نمط في الحركات النجمية المناسبة، فقد يكون ذلك بسبب حركة الشمس عبر مجال النجوم.

وفي عام 1783 نشر هيرشل تحليلاً لـ 19 حركة مناسبة وخلص إلى أن الشمس تتحرك عبر الفضاء في اتجاه كوكبة هرقل (نحو نقطة تسمى قمة الشمس)، وقد تم التساؤل عن هذا لاحقاً من قبل عالم الفلك والرياضيات الألماني في القرن التاسع عشر فريدريش بيسل الذي كان لديه العديد من الحركات المناسبة للعمل معها، لكن استنتاج هيرشل أثبت في النهاية أنه صحيح.

لم يكن هيرشل مراقباً ممتازاً فحسب بل كان أيضاً مفكراً مبدعاً بشكل ملحوظ في ابتكار افتراضات مبسطة سمحت له بإحراز تقدم نظري، ولقد كان واحداً من عدة أشخاص توصلوا في منتصف القرن الثامن عشر إلى أواخره إلى فكرة أن مجرة ​​درب التبانة لها شكل قرص مفلطح، ومع ذلك حاول هيرشل فقط استنتاج بنية هذا النظام النجمي الواسع.

إذا كان لدى المرء تلسكوب قوي بما يكفي لاختراق حافة درب التبانة ووجه التلسكوب في اتجاه يقع في مستوى درب التبانة، حيث يمكن للمرء أن ينظر من خلال منطقة كثيفة بالنجوم، في الواقع يمكن أخذ عدد النجوم المرئية في مجال رؤية التلسكوب كمقياس للمسافة من الشمس إلى حافة درب التبانة في هذا الاتجاه، وقام هيرشل بعمل عدد كبير من هذه التهم، والتي أطلق عليها اسم عدادات النجوم وفي عام 1785 رسم أول مخطط كمي لشكل مجرة ​​درب التبانة.

في وقت لاحق عندما أدرك أن تلسكوبه لم يكن قوياً بما يكفي لاختراق حافة المجرة تخلى عن هذا الرسم، ولكن نظراً لعدم وجود أي شيء يمكن أن يحل محله فقد تمت إعادة طباعة رسم هيرشل لشكل مجرة ​​درب التبانة بشكل متكرر طوال القرن التاسع عشر.

ملاحظة السدم والمذنبات قديماً:

قضى هيرشل وشقيقته كارولين هيرشل وقتاً وجهداً كبيرين في فهرسة السدم، يمكن رؤية عدد قليل من البقع الغامضة أو الشبيهة بالغيوم في سماء الليل بالعين المجردة، وقد ذكرها علماء الفلك اليونانيون والعرب في العصور الوسطى، وفي عام 1755 اقترح الفيلسوف الألماني إيمانويل كنت أن هذه السدم قد تكون أنظمة ضخمة من النجوم، حيث يمكن مقارنتها بمجرة درب التبانة، وأصبحت هذه فيما بعد تسمى أكوان الجزيرة ولكن في هذه المرحلة كان المفهوم مجرد تخمين.

وقد تكون السدم مزعجة، حيث يمكن لعلماء الفلك الذين يبحثون عن مذنبات جديدة أن يخطئوا بسهولة في السديم غير المفهرس والمذنب، وفي عام 1771 نشر عالم الفلك الفرنسي شارل مسييه قائمة من 45 سديماً ليحمي نفسه وباحثين عن المذنبات الآخرين من إضاعة الوقت، في عام 1784 تم توسيع قائمته إلى 103، إن هذه الأجرام (Messier) هي اليوم الأشياء المفضلة لعلماء الفلك الهواة، تلقى ويليام هيرشل نسخة من إحدى قوائم مسييه، وكارولين التي اكتسحت المذنبات باستخدام تلسكوب خاص صنعه ويليام لها سرعان ما لاحظت أن السدم ليست على قائمة مسييه.

نتيجة لذلك أصبح ويليام مهتماً بالسدم، وبحث عنها بشكل منهجي أثناء مشاركته في أعمال المراقبة الأخرى، على مدار 20 عاماً رفع عدد السدم المعروفة إلى حوالي 2500، وكان معروفاً منذ غاليليو أنه من خلال تلسكوب جيد، حيث يمكن تحويل بعض السدم إلى نجوم، وقد تسائل الجيولوجيين حول أن السدم كلها أنظمة نجمية على مسافات شاسعة من الأرض أم كانت هناك أيضاً مناطق ضبابية حقيقية وغيوم من السوائل المضيئة.

وعند مقارنة السدم بالرسومات الحديثة لسديم الجبار برسم رسمه كريستيان هيغنز في القرن السابع عشر يبدو أنها تُظهر أن هذا السديم قد تغير شكله، مما يعني أنه يجب أن يكون قريباً وصغيراً نسبياً وغير مصنوع من النجوم، وقد تغيرت آراء هيرشل خلال مسيرته المهنية لكنه كان يميل إلى اعتبار السدم أنظمة نجمية في عملية التطور نحو حالات أكثر كثافة مع التطور مدفوعاً بالجاذبية العالمية.

من المعروف اليوم أن السدم تأتي في عدة أنواع وهي أن بعضها عبارة عن سحب من الغازات المتوهجة، وبعضها تكون عناقيد من النجوم وبعضها مجرات مماثلة في الحجم لمجرة درب التبانة، ولكن هذا الفهم لم يكن ممكناً حتى تطور التحليل الطيفي في القرن التاسع عشر وقياس المسافة إلى مجرة ​​أخرى في القرن العشرين.

كان هيرشل غير معتاد بين علماء الفلك في عصره؛ لأنه كان مهتماً بالبناء الأكبر للسماء، وكان أقل اهتماماً بالأعمال العادية لعلم الفلك الاحترافي، مما يعني إجراء قياسات دقيقة للموقع، ساعد (Herschel) في فتح الطريق أمام علم فلك فيزيائي جديد ظهر بالفعل في القرن العشرين فقط، ومع ذلك كانت هناك اكتشافات مهمة يجب إجراؤها باستخدام الأسلوب القديم لعلم الفلك الذي تم إجراؤه في الجامعات أو برعاية المراصد الوطنية ظاهرياً بسبب تطبيقه على الملاحة.


شارك المقالة: