كيف ظهرت فكرة بنائية الألواح الأرضية؟
في عام 1915 ميلادي تم وضع كتاب بعنوان نشأة القارات والمحيطات، حيث قام عالم الأرصاد النمساوي ألفريد فاجنر بوضع فكرة عن انجراف وزحزحة القارات، وقد استوحى فاجنر هذه الفكرة من التناسق الهندسي بين حواف القارات وبخاصة التناسق بين حواف أفريقيا وأمريكا الجنوبية.
وبنظرة شمولية لهذه الفكرة نجد أن فيجنر لم يكن له الريادة أو السبق في الإشارة إلى هذه الفكرة، فقد أشار إليها من قبل علماء جيولوجيين وتحديداً في القرن السابع عشر الميلادي، حيث أشار العالم أنطنيو سندر بلجريني إلى هذه الفكرة لكنه لم يكن باستطاعته صياغة الفكرة بإطار نظرية، ولم يكن باستطاعته أيضاً أن يبرهن على فكرته ببعض الأدلة أمام العلماء الجيولوجيين في ذلك الوقت.
ولهذا السبب بقيت الفكرة في طي النسيان إلى أن جاء فيجنر واستطاع أن يدلل عليها ببعض الحقائق مثل التناسق في الأحزمة الأوروجينية والتشابه الأحفوري والتشابه في المناخ القديم، ومع أن فيجنر قد طرح الفكرة وأكدها ببعض الأدلة إلا أنه تعرض عند طرحها إلى هجوم شرس من كثير من العلماء.
ولكن أمام النتائج المهمة التي تم الحصول عليها فيما بين عامي 1950 و1960 ميلادي من دراسة المغناطيسية القديمة للصخور بدى كثير من العلماء على قناعة تامة بفكرة الانجراف القاري، وهو ما حدا بهم إلى البحث عن ميكانيكية حدوث الانجراف القاري وعن الدور الفاعل الذي تلعبه المناطق المحيطية في مثل هذه الميكانيكية.
وفي عام 1962 ميلادي طرح هيس وديتز (hess and dietz) فرضية انتشار قيعان البحار والمحيطات وأوجد من خلالها علاقة بين المناطق القارية والمناطق المحيطية، حيث تتخلق قشرة محيطية جديدة من اعراف منتصفات البحار والمحيطات، ثم تتحرك الشرائح المحيطية المختلفة بشكل جانبي لتغوص تحت القارات عند الخنادق المحيطية.
وبهذه الآلية تنجرف المناطق القارية أو القارات متباعدة أو متقاربة من بعضها البعض، ولقد تمكن هيتس وديتز من تحديد اتجاه وقيمة الحركة بالنسبة للشرائح المحيطية المتكونة من خلال دراسة المغناطيسية القديمة لتتابع الاستراتجرافي في قيعان الحار والمحيطات.
وهذا يعني أن فرضية انتشار قيعان البحار والمحيطات لها علاقة وطيدة بفرضية الانجراف القاري، والفرضيتان تمثلان حجر الزاوية لنظرية بنائية الألواح (تكتونية الألواح) أو تكتونية الصفائح، كما يطلق عليها في بعض البلدان العربية، وتفسر نظرية بنائية الألواح تحركات وتطور القشرة القارية.
ولقد ثبت من دراسة المجال المغناطيسي القديم بالبحار والمحيطات وأن الأنموذج المغناطيسي يتغير في شدته بصورة مفاجئة من شريحة محيطية مخلّقة إلى أخرى، والشريحة المحيطية المخلّقة في الواقع تتراح في العرض فيما بين 20 إلى 30 كيلو متر، وجميع الشرائح تكون موازية لأعراف منتصفات البحار والمحيطات.
كيف نشأة الألواح التكتونية؟
نشأة فكرة الألواح التكتونية أو الألواح الأرضية من حقيقة أن ثمة مناطق شاسعة من القشرة الأرضية لا تظهر أية تشوهات، على الرغم من أن هذه المناطق تتحرك بشكل جانبي لآلاف الكيلو مترات، ومن أشهر الأمثلة التي لا تثبت عدم حدوث تشوهات للكتل الأرضية المنجرفة هو التناسق الهندسي الشديد بين الحافة الغربية لأفريقيا والحافة الشرقية لأمريكيا الجنوبية، على الرغم من انجراف القارتين مسافة قدرها 4000 كيلو متر خلال 200 مليون سنة.
وفي المحيطات توجد شرائح صخرية ممغنطة في صورة خطيات غير مشوهة، وتوجد كذلك صدوع لم تتغير ولم تتشوه على الرغم من مرور عشارت الملايين من السنين، وإن هذا الدليل على عدم حدوث تشوهات لجانب كبير من الكتل الأرضية دعم بشدة فكرة وجود رسائخ أرضية مستقرة لا تتعرض إلا لعمليات تشوه بسيطة في داخلها، ولم تتعرض كذلك إلا لحركة رأسية بسيطة للغاية وفي نفس الوقت فإنها تتحرك جانبياً كوحدات متماسكة ومترابطة نتيجة لعملية الانجراف.
ولقد ثبت من خلال دراسة العلاقة بين النشاط الزلزالي والنشاط التكتوني في الوقت الحاضر أن النطاقات السيزمية أو الزلزالية تمثل الحدود الفاصلة بين الرسائخ أو بين الكتل الأرضية المستقرة أو بين ما يعرف بالألواح الأرضية أو التكتونية.
ولما كانت نطاقات النشاط الزلزالي تمثل في حقيقة الأمر نطاقات صدعية عالية الانفعال، فهذا يعني أن كل كتلة أرضية أو كل لوح أرضي في حالة حركة نسبية مقارنة بالألواح المحيطة به.
واستناداً على طبيعة الألواح وطبيعة الحركات المصاحبة لها أمكن تقسيم الحدود الفاصلة بين هذه الكتل الأرضية الضخمة (الألواح التكتونية) إلى ثلاثة أنواع رئيسية (حدود فاصلة تتحرك من خلالها الألواح المتجاورة كل على حدة (الأعراف المحيطية)، حدود فاصلة تتحرك من خلالها الألواح المتجاورة معاً بالإضافة إلى حدود فاصلة تتحرك من خلالها الألواح المتجاورة حركة مضربية جانبية بالنسبة إلى بعضها البعض عبر نطاقات صدعية.